بيان أنواع الاجتهاد ، وأن المسائل الشرعية منه ما هو منصوص ومنه ما يحتاج إلى استنباط ، وأنه يجب على العامي الذي ارتقى بفَهْمه وعنده شيء من فهم باللغة العربية وبَلَغَه حديث أنه يجب أن يأخذ به إذا وافق قول عالم يأخذ به . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أنواع الاجتهاد ، وأن المسائل الشرعية منه ما هو منصوص ومنه ما يحتاج إلى استنباط ، وأنه يجب على العامي الذي ارتقى بفَهْمه وعنده شيء من فهم باللغة العربية وبَلَغَه حديث أنه يجب أن يأخذ به إذا وافق قول عالم يأخذ به .
A-
A=
A+
الشيخ : إذًا هنا شيء يجب ذكره ولو أنُّو - أيضًا - ما جاء في سؤالك ؛ لأنُّو هذا يوضِّح جوابي على سؤالك ؛ وهو أن العلماء يذكرون حقيقة وهي أن المسائل الواردة في الشريعة تنقسم إلى قسمين : قسم في عليها نصوص واضحة ، وقسم ليست كذلك ؛ وإنما تحتاج إلى استنباط ، القسم الأول يمكن أن يكون فيه العالم علمه مجزَّأً ، وبمعنى آخر القسم الأول اللي يسمُّوه العلماء باب الاجتهاد وهو وظيفة العلماء ، وما يقابله هو وجهة السَّائلين وهو رتبة المقلدين ، القسم الأول وهو الاجتهاد فهو يتضمَّن القسمين ؛ قسم منصوص ، وقسم غير منصوص يحتاج إلى استنباط ، ما كان من القسم الأول فليس يُشترط في حقِّه أن يكون عالمًا بطرق الاستنباط ، لأنُّو لا يخفاكم النص من الكتاب والسنة تارةً تكون دلالته قاطعة ، وليس فقط ظاهرة ؛ مقطوع بها ، فهذا يفهمه كل رجل يعرف اللغة العربية ، وتارةً يكون ظاهرًا لكن يحتمل يكون له معنى آخر ؛ هذا خاص بأهل العلم ، ففيما يتعلق بهذا القسم الاجتهاد فيه يتجزَّأ ويتضعَّف ، ويعنيني بذلك وهذا كله مشهور في مقدمة " صفة الصلاة " التي كنت ألَّفتها منذ ثلاثين سنة تقريبًا ، هذا النوع من الاجتهاد يسمَّى بالاجتهاد الجزئي ، هذا يجوز لكلِّ مَن كان عنده فهم باللغة العربية وليس عنده تضلُّع في تلك العلوم التي أشرت إليها ؛ لأن هذا التضلُّع هو صفة العالم الذي يريد أن يستنبط وأن يقيس وأن يجتهد .

لذلك يقول كثير من الأئمة كالسبكي وابن الصلاح وغيرهما بأن الرجل العامي - وهو اللي يعني طبعًا ... الحديث أي : يفهم باللغة العربية - إذا بَلَغَه حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ووجد مَن عمل به من العلماء فهو يجوز ، بل يجب عليه أن يأخذ بهذا الحديث ؛ لماذا ؟ لأنه بلغَه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومَن بلغه الحديث فيجب أن يخضع له ، ويُقال بهذه المناسبة دائمًا وأبدًا ... هذا الرجل لا يفهم ، هذا الرجل ليس فقط بين المرتبتين الاجتهاد والتقليد ، بل هو عامي ، لكن ... لغة عربية يفهم النص ، فلكي يكون على ضمان وأمان مِن أن يقع في سوء الفهم اشترط العلماء بأن يكون هناك مَن ذهب إلى العمل بهذا الحديث ، فعمله حينئذٍ بالحديث يكون صوابًا لأنه هو لم يتَّكل على فهمه الخاص الذي يمكن أن يتعرَّض للخطأ ؛ لأنه قد سَبَقَه بعض العلماء من المعروفين بأهل السنة والجماعة بطبيعة الحال أنه عمل به .

فهنا نصل إلى حقيقة ؛ هذا العامي الذي بَلَغَه هذا الحديث قبل أن يبلغه الحديث كان مرتبته مرتبة أنه يجب عليه أن يقلد أيَّ عالم من علماء المسلمين ، أما في هذه الحالة فهو ارتقى نسبيًّا ، فهو عنده حديث زائد موافق لهذا الحديث قول من أهل العلم والفضل ، فإذا استحضرنا نحن هذه الحقيقة التي نَصَّ عليها كثير من علمائنا ؛ حينئذٍ يتبيَّن لكم بوضوح أنَّ هذا الاجتهاد الواسع الذي هو وظيفة الأئمة المجتهدين وأمثالهم ، ونحن - أيضًا - لا نعتقد أنه انقطع ... المجتهدين إلى قيام الساعة ، وإنما هناك علماء = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = جَرَوا على ... واتَّبعوا سبيلهم ، ونصُّوا على وجوب اتباع الحديث مع أيِّ عالم من علماء المسلمين كان ؛ فإذًا نحن ... الاجتهاد نوعان من جهة ، وهو البحث عن النص فأينما وجده عَمِلَ به ، وهو نص صريح واضح ، والمرتبة الثانية الاستنباط ، وهذا خاص بطبقة من العلماء ممَّن جمعوا الشروط التي ذكرناها ، إذا رجعنا إلى القسم الأول وهو اتباع النص هذا لا يُشترط فيه الشروط التي ذكرناها في القسم الآخر ... .

... هذا الإسلام المطلق هو الذي تُشترط فيه الشروط التي أجمَلْنا القول فيها وبسط القول فيها علماء الأصول هذا ليس شرطًا بالنسبة لعامة المسلمين ، أعني بالعامة يعني جمهورهم إذا أرادوا اتباع الحديث أو اتباع الكتاب بنصوص واضحة ، ولهم سلف ليقولوا بمثل ما هم فهموا من النَّصِّ ، هذا السلف عصمة لهم من الخطأ الذي يُتوهَّم أنه قد يقع أحدهم فيه وهو كان قد وقع ؛ لأنُّو ما توفرت فيه الشروط التي ألمَحْنا إليها ، ولكن قد يجد مَن فعل ذلك من الأئمة ، فهو بدل أن يكون مقلِّدًا ليس زائد متَّبع حديث ؛ لا ، متَّبع حديث زائد مقلد أو مقلد زائد حديث بلا شك يعني أكمل شرعًا وعقلًا من مقلد زائد صفر ، هذه حقيقة نحن لا نستنبطها استنباطًا في الحقيقة ، وإنما وجدناها منصوصًا عليها في كلمة ... وقد ذكرنا آنفًا أسماء بعضهم .

مواضيع متعلقة