الحثُّ على إفشاء السلام . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الحثُّ على إفشاء السلام .
A-
A=
A+
الشيخ : ومن الإفشاء ، بل من فوائد الإفشاء الذي لا يتصوَّره الإنسان إلا الإنسان المؤمن بالله ورسوله ؛ فوائده لا يمكن أن تدرس بأيِّ علم من العلوم التي اليوم تُدرس كعلم النفس أو التربية أبدًا إلا علم التربية الذي جاءنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فهو الذي قال : ( والذي نفس محمد بيده ؛ لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا ، أفلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم ؟! أفشوا السلام بينكم ) . انظروا إلى هذه النتيجة التي يوصل إليها إفشاء السلام ، إفشاء السلام يُوجب المحبة بين المسلمين ، وهذه المحبة بين المسلمين تُوجب الإيمان وتُوثق روابط الإيمان بين المسلمين ، وذلك يوجب في حكم الله - عز وجل - وفضله لهؤلاء المفشين للسلام الجنة ، ( والذي نفس محمد بيده ؛ لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا ؛ أفلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم ؟! أفشوا السلام بينكم ) ؛ لذلك كان من تمام هذه ، هذا الإفشاء أمور نحن الآن أهمَلْناها وأعرضنا عنها لسبب أو أكثر من سبب كما يُقال اليوم ، أهم هذه الأسباب هو جهل المسلمين بدينهم وبسنة نبيِّهم .

قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه أنهم كانوا إذا كانوا في سفر أو إذا كانوا في ممرٍّ في طريق جماعة يمشون ، ففرَّق بينهم شجر أو حجر ، ثم التقوا وراء ذلك ؛ بادروا بعضهم بعضًا بالسلام ، لسا كانوا لسا مع بعض ... ماشيين فرَّق بينهم حجر أو شجر ، التقوا بعد ذلك : السلام عليكم ؛ هذا لو فعلناه اليوم لَنُسِبنا إلى الجنون أو إلى التنطُّع في الدين على الأقل ؛ مع أن هذا هو الدين القديم العتيق الذي حَضَّ كبار أصحاب الرسول - عليه السلام - الأمة أن يتمسَّكوا به كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : " اتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتم عليكم بالأمر العتيق " . عليكم بالأمر العتيق ، هذا السلام هو من الأمر العتيق الذي أصبح اليوم نسيًا منسيًّا ، هذا الذي فعلوه هو بأمرٍ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، صحَّ عن الرسول - عليه السلام - هذا المعنى أنهم : ( إذا كان جماعة يمشون ، ففرَّق بينهم حجر أو شجر ؛ فليسلِّم بعضهم على بعض ) ، هذا حديث صحيح في " عمل اليوم والليلة " لابن السني وغيره ، ومعناه موجود في " الأدب المفرد " للإمام البخاري ، هذا من الإفشاء .

ومن ذلك أن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - كان يقول لمولاه لخادمه " نافع " : " هيَّا بنا إلى السوق " ، وتارةً يقول ذلك لغيره ، فيقول له : ما لك وللسوق ؟ أنت لست رجل تشتري ولا تبيع ؛ لأنه كان زاهدًا ، فيعرفون منه أنه ليس من أهل الأسواق بيعًا وشراءً ونحو ذلك ؛ ما لك وللسوق ؟ قال : " هيَّا بنا نسلِّم على مَن لَقِينا ، وهم يسلِّمون علينا " ، فهو إذًا ينزل إلى السوق لا ليشترِيَ بضاعةً ، وإنما ليجمعَ حسنات تترى بسبب إلقائه السلام على كلِّ مَن لَقِيَه ، وبالتالي هم - أيضًا - قد يلقون عليه السلامَ ، فيردُّ عليهم السلام ، وكما سمعتم السلام عليكم عشرة ، وفي السلام عليكم ورحمة الله عشرين ، السلام عليكم ورحمة الله ثلاثين ، على الماشي ، وبركاته ، على الماشي عم يتسجَّل الحسنات لهذا الإنسان ، فلماذا لا يطمع إلى النزول للسوق لا للغاية التي ينزلها الناس جماهير الناس ، وإنما لهذه الغاية الإسلامية العظيمة .

كذلك مِن إفشاء السلام أن النبي - عليه الصلاة والسلام - سُئِلَ عن خير الأعمال في الإسلام ؟ قال : ( أن تطعمَ الطعام ، وتفشي السلام ، وتسلِّم على مَن عرفتَ ولم تعرف ) ، ( تسلِّم على مَن عرفت ولم تعرِفْ ) . وهذا - أيضًا - اليوم - مع الأسف الشديد - ملغى بين المسلمين ، فأحدنا لا يسلِّم على غيره إلا إذا كان يعرفه بشخصه ، وهذا قد يكون له وجه بالنسبة لبعض الناس ، لكن هذا الوجه هو وجه أسود ؛ ذلك لأننا أصبحنا لا نعرف المسلم من الكافر ، وهذا في الواقع من الفساد الذي استشرى في المجتمع الإسلامي اليوم ، الإسلامي يعني بأسمائهم المسلمين ، ولكن عمليًّا أبعد ما يكون هذا المجتمع عن الإسلام ؛ لأن الإسلام لمَّا وضع هذا النظام الإلهي هو نظامٌ مترابط بعضُه مع بعض ، كل مسألة سواء كانت صغيرة أو عظيمة مرتبطة بعضها ببعض ، علاقات آخذ بعضها برقاب بعض لا انفصام لها ، لكن المسلمون اليوم بسبب ما ذكرنا من الأسباب ومنها الجهل عادوا يفرِّقون بجهلهم بين مسائل ومسائل من الإسلام ؛ حتى البعض يقول دون أيِّ تحرُّج : إن هذه من المسائل التافهة !! ولا تشغلوا أنفسكم بها ، لا تضيِّعوا وقتكم عليها أو حولها !! وبعضهم يمكن يقول عبارة أخرى أنُّو هذه هي من القشور ؛ فعلينا أن نأخذ باللباب ، فهذا كله من الانحراف الذي أٌصِيبَ به المسلمون .

مواضيع متعلقة