شرح حديث عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك يا ابنَ آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ ؟! ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك يا ابنَ آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ ؟! ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو صحيح - أيضًا - قال : وعن عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - قال : " أتيتُ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

لعلي ما قلت في الحديث السابق : رواه مسلم ؛ حديث أبي هريرة الذي يقول فيه : قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو أعطى فأقنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس ) رواه مسلم .

الحديث الذي بعده : عن عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يقرأ : (( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ )) . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك يا ابنَ آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ ؟! ) . هذا - أيضًا - بمعنى الحديث الذي قبله وإن اختلفت بعض ألفاظه =

-- ... ... --

= هذا الحديث رواه مسلم والترمذي والنسائي ، قال : " وتقدَّمت أحاديث من هذا النوع في الصدقة وفي الإنفاق " . الحديث في ألفاظه واضح المعنى ، إلا أنُّو قد يشكل على البعض قوله في آخره : ( أو تصدَّقتَ فأمضيتَ ) ، لو اقتصر على قوله : ( تصدَّقت ) ربما يبدو لبعض الناس أنُّو المعنى تمَّ ووَضَحَ ، فلماذا قال عطفًا على قوله : ( أو تصدَّقتَ فأمضيتَ ) ؟ ذلك لِيُلفت النظر - عليه الصلاة والسلام - أنه لا يكفي أن يتصدَّق بأن يوصي - مثلًا - ويقول أنُّو أعطوا فلانًا الفقير كذا ، والمسجد الفلاني كذا ، والمسجد الفلاني كذا وصية ، وإنما الرسول - عليه السلام - يلفت النظر إلى أنُّو الصدقة المقطوع بفائدتها للمتصدِّق هي التي يمضيها ؛ يعني ينفِّذها في حياته ؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث فيما لو وصَّى بها أن تُصرف من بعد وفاته ، ولعل الرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذه الكلمة - أي : ( فأمضيتَ ) - يشير إلى حديث صحيح في البخاري لا يحضرني الآن لفظه ، وإنما معناه أن الرجل الشَّحيح البخيل هو الذي إذا حَضَرَه الموت أوصى وقال : أعطوا لفلان كذا ، ولفلان كذا ، ولفلان كذا ، فيقول الرسول - عليه السلام - : وقد كان هذا لفلان وفلان ؛ يعني أنت لم تعُدْ تملك شيئًا ؛ لأنُّو تودِّع الدنيا إلى الآخرة ، فهذا المال سيبقى للناس من بعدك ؛ فهلَّا كان هذا قبل هذا ؟! أي : هلَّا نفَّذت وتصدَّقت وأنت قويٌّ تأمل الغنى وتخشى الفقر ، هذا من تمام ألفاظ الحديث الذي لا يحضرني الآن .

فإذًا ( أو تصدَّقت فأمضيتَ ) يعني أن تنفِّذ الصدقة أنت في حالة حياتك وقدرتك وحالة كونك قويًّا شابًّا تأمل الغنى وتطمع فيه وتخشى الفقر ؛ كما هو طبيعة الناس اليوم يقول لك : " خبِّ درهمك الأبيض ليومك الأسود " ، يخبِّي ماله لشيخوخته ، فالشاب لما يجمع المال يفكِّر في مستقبل حياته ؛ فإذًا هو حريص على أن يتمسَّك بهذا المال ، فالكريم هو الذي يجود بهذا المال حينما تتعلَّق نفسه به ، أما لما يصبح على حافة قبره ويقعد بقى يتكرَّم ويقول : للبيت الفلاني كذا والبيت الفلاني كذا ؛ هذا هو الشَّحيح وليس هو بالكريم ؛ لأنُّو الكريم هو الذي يتصدَّق حالة تعلُّقه بالحياة وحالة حبِّه للمال حبًّا جمًّا .

سائل آخر : ... .

الشيخ : إي نعم .

مواضيع متعلقة