تكلم على قاعدة : (الاهتمام بإصلاح الظاهر سبب في إصلاح الباطن ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تكلم على قاعدة : (الاهتمام بإصلاح الظاهر سبب في إصلاح الباطن ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الظاهر عنوان الباطن أي إن المسلمين إذا تفرقوا في ظواهرهم كان ذلك سببا ومدعاة لأن يتفرقوا في قلوبهم وهذا ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصرح به حينما كان يقوم إلى الصلاة ولا يدخل فيها إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف كما هو معلوم لدى الجميع ولكن القليل من الناس الذين أولا يعلمون ماذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول للناس حينما يأمرهم بتسوية الصفوف كان يقول عليه الصلاة والسلام: ( لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) وهذا الحديث مع الأسف الشديد من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم العملية من ناحية والقولية من ناحية أخرى ذلك لأنه كان يسوي الصفوف ويحضهم على الاعتناء بالتسوية ويحذرهم من المخالفة وينبئهم بأن هذه مخالفة تكون سببا للتفريق بين قلوبهم ( لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ، نحن نرى اليوم أنّ أكثر أئمة المساجد لا أستثني منهم أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي فضلا عن غيرها من المساجد كلهم قد أخلّوا بالاهتمام بتسوية الصفوف وتحذير الناس من المخالفة في تسويتها فلا تكاد تسمع منهم أحسنهم من يقول: استووا استووا. يممينا ويسارا وانتهى الأمر أما النبي صىل الله عليه وآله وسلم أما أصحابه الخلفاء الراشدين من بعده فقد كانوا يهتمون اهتماما بالغا جدا جدا فلا يكبّر أحدهم تكبيرة الإحرام إلا بعد أن يطمئنّ أن الناس استجابوا للأمر بتسوية الصفوف من جهة وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك أصحابه من بعده كانوا لا يكتفون فقط بكلمة استووا استووا ولا أن يقول فقط لهذا تقدم ولهذا تأخر وإنما كان يقدم عليه السلام وأصحابه الكرام بين يدي ذلك المرغبات والمنشطات لأن يستجيب الناس لدعوة الرسول عليه السلام لتسوية الصف بالإضافة إلى الحديث السابق ( لتسوون صفوفكم ) كان يقول عليه الصلاة والسلام: ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) وفي رواية ( من حسن الصلاة ) ، ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من حسن الصلاة ) أو ( من تمام الصلاة ) روايتان صحيحتان وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالشيء يقتضي أن هذا الشيء واجب تطبيقه وتنفيذه لأن الله عز وجل قال في حق نبيه عليه السلام: (( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )) ، وقال: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصبهم عذاب أليم )) ، لهذا ينبغي الاهتمام بأن يستوي الناس في الصلاة وأن يتقاربوا في المجلس العلمي خارج الصلاة استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي بعض هذه الأوامر تعليل ذلك بأن إصلاح الظواهر سبب شرعي لإصلاح البواطن وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى في بعض الأحاديث الصحيحة التي لا بد أنكم كثيرا ما سمعتموها ولكني أعتقد أن القليل من العلماء من يذكركم بالحكمة التي جاء ذكرها أو الإشارة إليها في الحديث الذي سمعتموه دائما ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإنّ لكلّ ملك حمى ألا وإنّ حمى الله محارمه ألا إن ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا ) هنا الشاهد ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فإذا صلاح القلب فيه صلاح البدن وهذه من أسرار الشريعة التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث لأنه يشير في هذا الحديث وفي الأحاديث الأخرى أن ظاهر الجسد مرتبط بباطنه ألا وهو القلب والقلب أيضا مرتبط بظاهر البدن فكأن هناك حركة دائمة مستمرة تشبه ما كنا ولا نزال نسمعه وأنهم يحاولون أن يصلوا إلى اكتشاف ما يسمونه بالحركة الدائمة ، الحركة الدائمة أوجدها الله تبارك وتعالى في هذا الإنسان الذي صوره وأحسن صوره ، تلك الحركة هي إذا أصلحت قلبك لزم منه صلاح بدنك وإذا أصلحت جسدك لزم منه صلاح قلبك فإذا لا يقولنّ أحد كما نسمع ذلك في كثير من الأحيان من بعض الشباب الذين لم يربوا تربية إسلامية وأخلوا بكثير من الأركان الشرعية كالصلاة مثلا إذا قيل لهم يا أخي ما تصلي؟ يقول لك العبرة بما في القلب العبرة بما في القلب كأنه يقول أو كأنه يتصور أنه من الممكن أن يكون القلب صالحا وصحيحا وسليما أما الجسد فلا يتجاوب مع الأحكام الشرعية هذا أمر باطل تمام البطلان فلا بد أن نلاحظ هذه الحقيقة ألا وهي ارتباط الظاهر بالباطن وأن صلاح أحدهما لا يعني إلا صلاح الآخر وأن فساد أحدهما لا يعني إلا فساد الآخر إذا من هنا نفهم لماذا كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم يأمر الناس بأن يجتمعوا وأن يتضاموا في مجلس العلم لأن هذا التضامن الظاهري البدني يؤثر في تضامن القلوب والتحابب الذي لا بد أن يكون متحققا في قلب كل مسلم كما جاء في كثير من الأحاديث من الحظ على الحب في الله والتزاور في الله مما هو معلوم لديكم والقصد أنني أردت الإشارة إلى هذه السنة التي ينبغي على طلاب العلم ألا يكبّروا الحلقة العلمية وإنما يصغّروها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا فيكون بعضهم قريبا إلى بعض ويكون جميعا قريبين أيضا من هذا الشخص الذي يتولّى تعليمهم وتوجيههم إلى ما ينفعهم في دنياهم وفي آخرتهم بعد هذه الكلمة أريد أن أذكر كما قال تعالى: (( والذكرى تنفع المؤمنين )) .

مواضيع متعلقة