كيف يعرف الإنسان ليلة القدر مع تحرِّيه لها بما ذُكِرَ من وصفِها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف يعرف الإنسان ليلة القدر مع تحرِّيه لها بما ذُكِرَ من وصفِها ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : كيف يعرف الإنسان المسلم أنه قد صادفَتْه ليلة القدر مع تحرِّيه الليالي المذكورة عنه - صلى الله عليه وسلم - ؟

الشيخ : ذلك أمر وجداني يشعر به كلُّ من أنعَمَ الله - تبارك وتعالى - عليه برؤية ليلة القدر ؛ لأن الإنسان في هذه الليلة يكون مقبلًا على عبادة الله - عز وجل - وعلى ذكره والصلاة له ، فيتجلَّى الله - عز وجل - على بعض عباده بشعور ليسَ يعتادُه حتَّى الصالحون لا يعتادونه في سائر أوقاتهم ، فهذا الشعور هو الذي يمكن الاعتماد عليه بأن صاحبه يرى ليلة القدر .

والسيدة عائشة - رضي الله عنها - قد سألت الرسول - عليه السلام - سؤالًا ينبئ عن إمكان شعور الإنسان برؤيته ليلة القدر حينما توجَّهت بسؤالها للنبيِّ - عليه الصلاة والسلام - بقولها : يا رسول الله ، إذا أنا رأيتُ ليلةَ القدر ماذا أقول ؟ قال : ( قولي : اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي ) . ففي هذا الحديث فائدتان :

الفائدة الأولى : أن المسلم يمكن أن يشعر شعورًا ذاتيًّا شخصيًّا في مُلاقاته لليلة القدر .

والشيء الثاني من هذا الحديث أنه إن شعر بذلك فخير ما يدعو به هو هذا الدعاء ؛ ( اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عني ) .

وقد جاء بهذه المناسبة في كتابنا هذا " الترغيب " في بعض الدروس المتأخرة أنَّ خير ما يسأل الإنسان ربَّه - تبارك وتعالى - هو العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، نعم هناك لليلة القدر بعض الأمارات والعلامات المادية ، لكن هذا قد لا يمكن أن يرى ذلك كلّه مَن يرى ويعلم ليلة القدر ؛ لأن هذه العلامات بعضها يتعلق بالجوِّ العام الخارجي ؛ كأن تكون - مثلًا - الليلة ليست بقارَّة ولا حارَّة فهي معتدلة ؛ ليست باردة ولا هي حارَّة ؛ فقد يكون الإنسان في جوٍّ لا يمكنه من أن يشعر بالجوِّ الطبيعي في البلدة .

كذلك هناك علامة لكن بعد فوات وقت ليلة القدر ؛ تلك العلامة تكون في صبح تلك الليلة حين تطلع الشمس ؛ حيث أخبر - عليه الصلاة والسلام - بأنها تطلع صبيحة ليلة القدر كالقمر ليس له شعاع ، هكذا تطلع الشمس بصبيحة ليلة القدر ، وقد رُئِيَ هذا من بعض الناس الصالحين ممَّن كان يهمُّهم رؤية وملاحظة ذلك في كثير من ليالي القدر . فالمهم بالنسبة للمتعبِّد الشخص المتعبِّد ليس هو التمسُّك بمثل هذه الظواهر ؛ لأن هذه الظواهر هي عامة ؛ يعني هذه طبيعة الجوِّ ، لكن لا يشترك كلُّ مَن عاش في ذلك الجوِّ في رؤية ليلة القدر ؛ يعني في أن يكون في صفاء نفسي في لحظة من تلك اللحظات في تلك الليلة المباركة بحيث أن الله - عز وجل - يتجلَّى عليه برحمته وفضله فيُلهمه أن يدعو بما سبق وبغيره ، فالعلامات المادية هي علامات لا يدلُّ على أنُّو كلّ من شاهدها أو لَمَسَها قد رأى ليلة القدر ، وهذا أمر واقع ، ولكن الناحية التي يجدها الإنسان في نفسه من صفاء روحي والشعور برؤيته ليلة القدر وتوجُّهه إلى الله بسؤاله بما شرع هذه الناحية التي ينبغي أن ندندن حولها ونهتمَّ بها لعل الله - عز وجل - يتفضَّل بها علينا .

مواضيع متعلقة