هل وقع بين الصحابة خلاف في أصول الدين ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل وقع بين الصحابة خلاف في أصول الدين ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هنا س 1 : هل وَقَعَ بين الصحابة - رضي الله عنهم - خلافٌ في أصول الدين ؟

الجواب : لا ، ممَّا عصم الله به الجيل الأول الصحابة الكرام أن عَصَمَهم من الاختلاف في أصول الدين وعقائده ؛ بخلاف ما أُصِيبَ به مَن جاء بعدهم في القرن الثالث فمَن بعدهم ؛ فقد اختلفوا في أصول الدين خلافًا لِمَا يتوهَّمه جماهير المشايخ اليوم الذين إذا بحثت معهم موضوع الخلاف بين المذاهب يقول أول ما يقولونه : يا أخي ، الخلاف في الفروع وليس في الأصول !! هذا كلام خطأ ، ما نقول : كذب ؛ لأننا لا نريد أن نُفحِشَ في القول ، إنما هو كلام خطأ ، والذي يقول : الخلاف في الفروع فقط ؛ هذا رجل لا يَحْسن أن يُعتَبَرَ من طلاب العلم المبتدئين حتى على أصول المتأخرين ، فهؤلاء الطلاب المفروض فيهم أنهم قرؤوا التوحيد أو ما يسمِّيه هم ، ما يسمُّونه هم بالتوحيد ؛ أن يكونوا - مثلًا - قرؤوا " الجوهرة " في توحيد الأشاعرة ، أن يكونوا قرؤوا - مثلًا - " عقيدة التفتازاني " وأمثاله من الحنفية ، وشرح عقيدة " بدر الأماني " وإلى آخره ، في " الفقه الأكبر " المنسوب للإمام أبو حنيفة ، فَمَن قرأ هذه الكتب تبيَّن له خلاف في الأصول وليس محصورًا فقط في الفروع .

ولسنا نريد - أيضًا - الخوض في تفاصيل ذلك ؛ لأن السؤال محصور جدًّا ، هل اختلف الصحابة في أصول الدين ؟ الجواب : لم يختلفوا في شيء من ذلك إطلاقًا ، والسبب في ذلك واضح ، وهو محصور في شيئين اثنين ؛ الشيء الأول : هو أنهم تلقَّوا الدين مباشرةً من رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - الذي لا يُخطئ ، أما هؤلاء المتأخرون فقد تلقَّوه عن علماء في نِسَب مختلفة في علمهم وفقههم وتقواهم لله ، أما الأوَّلون فلا شك بأنهم علماء أفاضل وصالحون ، ولكنهم غير معصومين ، فالذين أخذوا العلوم عنهم ليسوا كالصحابة الذين أخذوا العلوم عن الرسول المعصوم ؛ ولذلك وقعت بعض الآراء الخاطئة سواء في المسائل الفرعية أو في المسائل الأصولية .

هذا السبب الأول أن الصحابة ما اختلفوا في الأصول ، والسبب الثاني أنهم بعد لم يكن بدأت أهل الأهواء والبدع يتسرَّبون إلى الصحابة وإلى عقولهم ، وكانوا لا يزالون مستمسكين بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، أما المتأخرون فبدأت فيهم البدع تتسرَّب إليهم بطريق الخروج ؛ يعني الخوارج ، طريق المرجئة القائلين بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، ومذهب الحنفية على هذا حتى اليوم ، مذهب الحنفية حتى اليوم : " إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص " مع صريح القرآن الكريم : (( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا )) ، وهكذا آيات كثيرة معروفة في القرآن الكريم تصرِّح بأن الإيمان يقبل الزيادة .

فالصحابة بسبب اتصالهم مباشرةً بالرسول - عليه السلام - وعدم تأثُّرهم بأهل البدعة والأهواء ؛ لأنهم كانوا كما قلنا مستمسكين بالعروة الوثقى .

ويحضرني الآن حديث ابن عمر - رضي الله عنه - في " صحيح مسلم " أنه بَلَغَه عن بعض التابعين أنه يُنْكِرُ القدر ، ولعله رجل اسمه " معبد " إيش ؟ نسيت .

عيد عباسي : " الجُهَني " .

الشيخ : " الجُهَني " ، بَلَغَه عنه بأنه يُنْكِر القدر ، فقال للمبلِّغ : أخبِرْه أنني بريءٌ منه ، ثم ذكر حديث عمر ، هو يرويه عن أبيه عمر حديث جبريل : لما جاء في صورة رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر إلى آخر الحديث ، فسأله عن الإيمان قال : ( الإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر ) إلى آخره ، ( وبالقدر خيره وشره ) ، هذا " معبد الجُهَني " بدأ في عصر الصحابة يُنْكِرُ القدر اللي هو مبدأ الاعتزال والخروج عن الجماعة ، فرأسًا لأنُّو ابن عمر متلقِّي الحديث عن أبيه عمر عن رسول الله ؛ ما فيه عندهم شك ؛ ولذلك ضرب معبدًا في الصميم مبلِّغًا إياه تبرُّءه منه ؛ لأنه يُنكر عقيدة من عقائد المسلمين التي تلقَّاها الصحابة عن الرسول - عليه السلام - عن الرسول مباشرةً .

نعم .

مواضيع متعلقة