القراءة من المبحث والتعليق عليه ، وهو قوله : " ولا يُعكِّر على هذا المذهب إلا حديث عائشة في إحدى روايات الشَّيخين أنها اشترت نمرقة وسادة فيها تصاوير " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
القراءة من المبحث والتعليق عليه ، وهو قوله : " ولا يُعكِّر على هذا المذهب إلا حديث عائشة في إحدى روايات الشَّيخين أنها اشترت نمرقة وسادة فيها تصاوير " .
A-
A=
A+
الشيخ : " ولا يُعكِّر على هذا المذهب إلا حديث عائشة في إحدى روايات الشَّيخين أنها اشترت نمرقة وسادة فيها تصاوير ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ لا ، هذا حديث آخر ، " فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قام على الباب فلم يدخل ، فعرفت في وجهه الكراهية ، فقالت : يا رسول الله ، أتوب إلى الله وإلى رسوله ؛ ماذا أذنبت ؟ فقال : ( ما بال هذه النمرقة ؟! ) . فقالت : اشتريتها لك تقعد عليها وتتوسَّدها . فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إن أصحاب هذه الصور يُعذَّبون ، ويقال لهم : أحيُوا ما خلقتم ) ، ثم قال : ( إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ) . وزاد مسلم في رواية عن عائشة : " قالت : فأخذته فجعلته مرفقتين ، فكان يرتفق بهما في البيت " ؛ تعني أنها شقَّت النمرقة فجعلتها مرفقتين .

ولكن هذا الحديث يُعارضه جملة أمور :

أوَّلًا : أنه قد رُوِيَ برواية مختلفة ظاهرة التعارض ، بعضها يدلُّ على أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - استعمل الستر الذي فيه صورة بعد أن قُطِع وعُملت منه وسادة ، وبعضها يدل على أنه لم يستعمله أصلًا .

الاختلاط الواقع أو التعارض هو من المصنف لأنه يخلط بين الحديثين ، يخلط بين حديث النمرقة وهو هذا الذي ساقَه وهو الوسادة ، وبين حديث القرام المعلَّق على الجدار والذي هَتَكَه الرسول - عليه السلام - ، فيقول : " رُوِيَ بروايات مختلفة ظاهرها التعارض ، بعضها يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - استعمل الستر " . وين الستر هنا ؟ ليس في الحديث ستر ، وإنما فيه نمرقة . " بعضها يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - استعمل الستر الذي فيه الصورة بعد أن قُطِعَ وعُمِلت منه وسادة ، وبعضها يدل على أنه لم يستعمله أصلًا " . أيُّ تعارض في هذا ؟ إذا جاء حديث لم يتعرَّض للاستعمال ، وحديث تعرَّض للاستعمال ؛ فهنا قاعدة قريبة ذَكَرْناها فيما مضى ؛ فَمَن يستحضرها منكم ؟ حديث يتعرَّض أنُّو الرسول استعمل الستر بعد أن قُطِعَ ، وحديث لم يتعرَّض ؛ فأيُّ قاعدة فقهية نطبِّقه هنا ؟

السائل : نتعامل مع النمرق .

سائل آخر : " المثبت مقدَّم على النافي " .

الشيخ : " المثبت مقدَّم على النافي " ، فكيف وهنا ليس هناك نفيًا ، إنما هو سكوت ؟! حديث ما تعرَّض للاستعمال ، وحديث تعرَّض للاستعمال وأنه قُطِعت الستارة واتُّخِذت وسائد ؛ فهنا تعارض هذا ؟

عيد عباسي : لا ، زيادة مقبولة هذه .

الشيخ : ما نسمِّي هذا تعارض يا جماعة ؟ لو في حديث صريح يقول : لم يستعمل ، وحديث يقول : استعمل ؛ فالقاعدة التي عرفتموها : " المثبت مقدَّم على النافي " ، فكيف والحديث لم ينفِ ، وإنما سكت ، أي بعض الرواة روى رواية بتمامها ، وبعض الرواة فصَّل فيها ولم يتمَّها ؛ على أنه هو البحث الآن في حديث النمرقة ، لنشوف بقية الأجوبة ، هذا الجواب الأول ، وقد عرفتم أنه لا صلة له أوَّلًا بحديث النمرقة ، وثانيًا حاول أن يوجِدِ التعارض ولا تعارض ؛ لأنُّو هذا في حديث آخر ، ولا تعارض في نفس الحديث الآخر ؛ لأنُّو : المثبت مقدَّم على النافي " على التفصيل السابق .

ثانيًا : أن بعض الروايات يدل على الكراهة فقط ، وأن الكراهة إنما هي لستر الجدار بالصور ، عرفتم الجواب عن هذا ، " وذلك المعترف لا يرضاه " إلى آخره .

" حديث مسلم عن عائشة نفسها في الستر الذي فيه تمثال طائر ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لها : ( حوِّلي هذا ؛ فإني كلما رأيته ذكرتُ الدنيا ) لا يدل على الحرمة مطلقًا " . هذا صحيح ، وقد عرفتم الجواب أنه مُعارَض بحديث القرام الذي كان في بيت عائشة أيضًا ، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإماطته عنه ؛ لأن تصاويره تَعرِض له في صلاته ، " قال الحافظ " وقد استُشكِلَ الجمع بين هذا الحديث وبين حديث عائشة في النمرقة ، فهذا يدل على أنه أقرَّه وصلى وهو منصوب إلى أن أمَرَ بنزعه من أجل ما ذكر من رؤيته لصورته حالة الصلاة ، ولم يتعرَّض لخصوص كونها صورة ، وجَمَعَ الحافظ بينهما لأن الأول كانت تصاويره من ذات الأرواح ، وهذا كانت تصاويره من غير الحيوان ، ولكن يعكِّر على هذا الجمع حديث القرام الذي فيه تمثال طائر " . والجواب نحن عرفناه ، هذا الجواب صحيح بس ضعيف ، لكن الجواب هو ما قاله النووي نفسه ؛ لماذا ؟ كان قبل التحريم .

" خامسًا : أنه معارَض بحديث أبي طلحة الأنصاري الذي استثنى ما كان رقمًا في ثوب ، وقد قال القرطبي يجمع بينهما بأن يُحمل حديث عائشة على الكراهة ، وحديث أبي طلحة على مطلق الجواز ، وهو لا ينافي الكراهة ، واستحسَنَه الحافظ ابن حجر " . الجواب هنا الآن ينبغي أن نتذكَّر حديث القرام في الهتك وحديث استعمال النمرقة ؛ حديث يعني : ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب ) فيه بيان حكم دخول الملائكة البيت وعدم دخول الملائكة ، فليس فيه أنه يجوز الاستعمال أو لا يجوز الاستعمال !! ( إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة ) ، تُرى ما هذه الصورة ؟ جاء في الحديث : ( إلا رِقْمًا في ثوب ) ؛ أي : إذا كانت الصورة مرقومة مصوَّرة في ثوب ما تمنع دخول الملائكة ... .

... مطلق ؛ فهل هو على إطلاقه أم يُقيَّد بحديث قِرام السيدة عائشة ؟ يُقيِّد بلا شك ، وبذلك نوفِّق بين الحديثين ، أما أن يقال حديث عائشة على الكراهة وهو يهتك ويمزِّق ويضيِّع المال ؛ هذا ليس هو الشأن في معاملة الأشياء المكروهة ، إنما هذا في معاملة الأشياء المحرَّمة .

مواضيع متعلقة