نرجو بيان موقف الشباب المستقيم من الفتن .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نرجو بيان موقف الشباب المستقيم من الفتن .؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا الله يجزيك الخير كنت دائما الله يجزيك الخير تنهى الشّباب هؤلاء المتسرّعين والمتحمّسين عن الأعمال التي كانوا ينزلون ويسووا أعمال في الضّفّة الغربيّة يقولوا عنها أعمال استشهاديّة طبعا الأعمال كأنّها تطوّرت والعياذ بالله الفتن هذه قد تحصل بهذا البلد فشو نصيحتكم للشّباب شبابنا في هذا الوقت الله يجزيكم الخير في مثل هذه الظروف

الشيخ : النّصيحة هي هي كما قال عليه السّلام بالنّسبة لزمن الفتن كلّها: ( كونوا أحلاس بيوتكم ) كلّما اشتدّت الفتنة كلّما قوي هذا الأمر النّبويّ الكريم ( كونوا أحلاس بيوتكم ) و مع الأسف من الملاحظ في العالم الإسلامي أنّ مع هذا الّذي ندندن به كثيرا ونرفع من أجله رؤوسنا عالية ألا وهي الصّحوة الإسلاميّة أنّنا نلاحظ أنّ مع هذه الصّحوة شيء من الغرور واتّباع الهوى والابتعاد عن طلب العلم الصّحيح وعن الصّبر عليه ولذلك فنجد في هؤلاء الشّباب الّذين بهم تتمثّل الصّحوة المشار إليها انحرافا عن أمر مهمّ جدّا وهو الانطلاق من العلم الصّحيح وعدم الانطلاق من التّصرّفات الفرديّة الشّخصيّة

سائل آخر : السّلام عليكم

الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته, فتجد في كثير من البلاد حركات أشبه بالحركات الثّوريّة إن لم نقل الدمويّة الّتي لم يكن يعرفها الإسلام من قبل ولا يتعرّف عليها الإسلام من بعد لأنّ الإسلام إنّما هو دين دعوة كما قال عزّ وجلّ: (( ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجالدهم بالّتي هي أحسن )) فكثير من هؤلاء الشّباب لا يفرقون بين وضع و وضع وبين عهد وعهد لا يفرقون بين أن تكون الدّولة الإسلاميّة قائمة على ساقها وقويّة في حكمها وفي انطلاقاتها وبين ما هو واقع اليوم في العالم الإسلاميّ كله مع الأسف الشديد حيث إن العالم الإسلامي اليوم ينطبق عليه تماما إنذار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمّته أن تنحرف عن شريعة ربّها وأن تتباهى بكثرة عددها دون أن تكون عند حسن الظّنّ بها. ذلك هو قوله عليه الصّلاة و السّلام: ( تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا: أومن قلّة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا بل أنتم يومئذ كثير ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل ولينزعنّ الله الرّهبة من صدور عدوكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حبّ الدّنيا وكراهية الموت ) لا يفرق هؤلاء الشّباب بين أن تكون الدّولة الإسلاميّة قائمة لها حاكمها المسلم الّذي يتحاكم إلى الله ورسوله ولا يتحاكم إلى الطّواغيت والقوانين الأرضيّة وبين أن يكونوا كما قال عليه السّلام في هذا الحديث الصّحيح: ( أنتم يومئذ كثير ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل ) وقد ابتلينا في عصرنا الحاضر بكثير من الحركات إن لم نقل الثّورات الإسلاميّة قامت في بعض البلاد من باب إصلاح الأوضاع القائمة بسبب هذه الحكومات الّتي تحكم بغير ما أنزل الله فيريدون أن يصلوا إلى تحقيق الحكم الإسلاميّ وإقامة الدّولة الإسلاميّة على طريقة الثّورات الدّمويّة وهذا بلا شكّ كما قلت في مطلع هذه الكلمة شيء لم يأت به الإسلام ولا يتعرّف عليه الإسلام إطلاقا. ولذلك فلم تفد هذه الحركات وإن لم نقل الثّورات لم تفد العالم الإسلاميّ شيئا بل أضرّت به ضررا بالغا كبيرا حيث رجع بالدّعوى القهقرى ما شاء الله من سنين كثيرة ولذلك فنحن ننصح دائما وأبدا بأن يعنى المسلمون قبل كلّ شيء بأن يصلحوا أنفسهم على حدّ قوله تبارك وتعالى: (( يا أيّها الّذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم )) لقد ترك جماهير المسلمين هذا الأمر الإلهي فقط على الأقلّ وأخذوا ينشغلون بالفرض الكفائيّ عن الفرض العينيّ وينشغلون بالفرض الكفائيّ قبل أن تتهيّأ له أسبابه وظروفه , الفرض العينيّ (( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم )) , تجد في العالم الإسلاميّ كلّه الّذين يقومون بهذه الحركات القائمة على الاستعجال بالأمر وعدم الاستعداد له إنّما يقوم بذلك بعض الشّباب المتحمّسين الّذين لم يعرفوا الإسلام في أصوله وقواعده المتّخذة أو المستنبطة من كتاب الله ومن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولذلك تكون العاقبة مع الأسف الشّديد ضررا على العالم الإسلاميّ تحقيقا للحكمة الّتي أخذت من نصوص من الكتاب والسّنة تلك الحكمة الّتي تقول: " من استعجل الشّيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه " وقد ذكرت في أكثر من جلسة وقد تكون منها جلسة في هذا المكان بالذّات أنّ الله عزّ وجلّ حينما يخاطب النّاس بقوله: (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم )) إنّما وجّه هذا الخطاب ليس لعامّة النّاس وإنّما لخاصّة النّاس ألا وهم المؤمنون حقّا وأعدّوا لهم بداهة لا أحد أوتي شيئا من الفهم والفقه في اللّغة فضلا عن الكتاب والسّنّة لا يتبادر إلى ذهنه أنّ الخطاب في قوله: (( وأعدّوا )) إنّما هو موجّه للكفّار لا أحد يفهم هذا لكن أنا أدري هذا وأقول ما هو كالشّمس في رابعة النّهار بداهة تمهيدا للفهم الآخر أيضا الّذي لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن أحد وإن كان أخفى قليلا من الأوّل فأقول: قوله تعالى: (( وأعدّوا )) كما أنّه ليس خطابا للكفّار فليس خطابا إلى المنافقين الّذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر بالله ورسوله هذا الأمر الثّاني والثّالث وهو أخفى من الأمرين السّابقين ليس المقصود بهذا الأمر هم فسّاق المسلمين وأعدّوا ليس المقصود بهذا الأمر هم فسّاق المسلمين وعصاتهم وإنّما المقصود بهذا الأمر هم المؤمنون حقّا ولست أشكّ أنّ مثل هؤلاء المؤمنين لهم وجود في كلّ زمان وفي كلّ مكان ولو بنسب متفاوتة كثرة وقلّة ذلك ممّا يدلّ عليه قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( لاتزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرهم من خالفهم حتّى تقوم السّاعة ) فإذن أوّل ما يتبادر إلى الذّهن أنّ المقصود بهذا الأمر الموجّه في الآية السّابقة (( وأعدّوا )) هم المؤمنون و لا أقول وانتبهوا هم هؤلاء المؤمنون لأنّي سأقول أخيرا إنّما المقصود هؤلاء المؤمنون إذا كانوا متكتّلين ولم يكونوا متفرّقين على الأقلّ لم يكونوا متفرّقين في أبدانهم وفي بلدانهم أي أنّه لا يكفي أن يكونوا مجتمعين في أفكارهم وفي عقائدهم وأفهامهم على الكتاب والسّنّة كما هي دعوتنا منذ أكثر من نصف قرن من الزّمان لا يكفي الالتقاء على هذا الفكر وعلى هذه العقيدة فقط بل يجب أيضا أن يكونوا مجتمعين في مكان واحد و أن يكونوا كما لو كانوا رجلا واحدا وعلى قلب رجل واحد فهل هذا فيما تعلمون له وجود في زمانكم؟ الجواب مع الأسف الشّديد لا إذن كيف يتعجّل هؤلاء النّاس البسطاء الّذين يلملمون بعض الشّباب المتحمّس لإسلامه قد يكون تحمّسا فائقا جدّا ولكنّه من حيث العلم ومن حيث العمل فأقول هؤلاء قد يكونون متحمّسين أشدّ التّحمّس ولكن قلوبهم لم تمتلئ بعد بهذا الإيمان الّذي يدفع أوّلا إلى أن يكونوا يدا واحدة كما ذكرت آنفا ثمّ بعد ذلك قد يمكن وأقول وأنا أعني ما أقول قد يمكن أن يحقّقوا هذا الأمر القرآني (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة )) فقد يكونون العكس من ذلك قد يكونون في وضع محيط بهم الكفّار من كلّ جانب ولا يدعون لهم مجالا لحمل ولو سلاح سهل بسيط من الأسلحة القديمة كالسّهام والرّماح والسّيوف ونحو ذلك فضلا عن هذه الأسلحة الحديثة الّتي لا يمكن الاستغناء عنها اليوم لمقاتلة الكفّار إلاّ بها فإذن نستخلص ممّا سبق أنّ قوله تعالى: (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة )) إلى آخر الآية فيها أمر صريح بإعداد السّلاح المادّي ولكن فيه أمر ضمنيّ وهو أنّ السّلاح الأولى من هذا السّلاح الماديّ هو سلاح الإيمان الّذي إذا استقرّ في القلب لم يبال بحطام الدّنيا وزخرفها وزينتها وإذا كانوا كذلك بإمكانهم حينئذ أن يكونوا هم الّذين قال عنهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( لن يغلب اثنا عشر ألف من قلّة ) فاثنا عشر ألف لا يعني أن يكونوا مبعثرين هكذا أفراد في هذا البلد وأفراد في بلد آخر وثالث ورابع إلى آخره وإنّما يكونون على قلب رجل واحد هيّؤوا في أنفسهم الإيمان الصّحيح القائم على الكتاب والسّنّة ثمّ طبّقوا هذه الآية الكريمة (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة )) يومئذ يجب على هؤلاء المسلمين أن يعلنوها صراحة ويومئذ يمكن تحقيق الحكم الإسلامي الّذي عليه رئيس يأمر وينهى فيجب إطاعته فيما يأمر وفيما ينهى إلاّ في معصية الله تبارك وتعالى فقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها وحسابهم على الله ) هذا القول يجب أن نتنبّه إنّما صدر من الحاكم المسلم الّذي لم يكن ولن يكون له مثيل في الدّنيا إطلاقا ألاّ وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ إنّما يصدر هذا ممّن ينوب عنه من الحكّام المسلمين فإذن يجب أن نفرّق بين وضع كوضع المسلمين اليوم متفرّقون شذر مذر كما ذكر عليه الصّلاة والسّلام في الحديث السّابق فيوم يصبحون على قلب رجل واحد كما شرحنا يومئذ يختارون منهم رجلا يبايعونه على الإسلام يبايعونه على الموت هذا الرّجل مع هذه الجماعة هم الّذين يحقّ لهم دينا وإسلاما أن يقاتلوا من حولهم إذا لم يستجيبوا لدعوتهم دعوة الحقّ ولذلك فمن الخطأ الفاحش ما وقع بعيدا وما وقع قريبا في الجزائر مثلا من الثّورة الّتي ثار فيها بعضهم فكانت العاقبة كتلك العواقب الأخرى الّتي أشرنا إليها آنفا ولذلك فأنا أنصح كلّ الشّباب مهما قامت فتن من بعض الدّول سواء كانت دول اسما دول إسلاميّة أو انحرفت عن الإسلام كثيرا أو قليلا فثارت هناك فتن في الدّاخل أو جاءت من الخارج فأنا أنصح أن يلزموا دورهم إلاّ في حالة واحدة حينما يغزى أحدنا في عقر داره وهو قد ابتعد عن الفتن تجاوبا مع أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المذكور آنفا فيومئذ له الحقّ أن يدافع عن نفسه أمّا أن يلقي بنفسه في خضم الخلاف والفتنة القائمة بين طائفة وأخرى أو دولة وأخرى فهنا يرد قوله عليه السّلام: ( كونوا أحلاس بيوتكم ) هذا ما عندي جوابا عن ذلك السّؤال

سائل آخر : ذكرت في الحديث ( لاتزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله)

الشيخ : نعم

سائل آخر : فيه رواية ( يقاتلون ) فما تفسيركم لهذا الحديث؟

الشيخ : نعم نعم

سائل آخر : الحديث فيه رواية ( يقاتلون )

الشيخ : نعم نعم فيه رواية ( يقاتلون ) وهي رواية صحيحة

سائل آخر : نعم

الشيخ : هذه الرّواية تفهم على الضّوء السّابق ( يقاتلون ) حينما يكونون مهيّئين للقتال. واضح؟

سائل آخر : طيّب نوعيّة التّهيئة ما فهمتها؟

الشيخ : التّهيئة نحن لنا كلمات كثيرة وهي تتلخّص في كلمتين

سائل آخر : نعم

الشيخ : التّصفية والتّربية سمعت هذه المحاضرة؟ التّصفية والتّربية

سائل آخر : عارف أنّ مبدأ السّلف هذا

الشيخ : نقصد بالتّهيئة

سائل آخر : نعم

الشيخ : هو هذه الفئة المنصورة الّتي أشرنا إليها في آخر الكلام تكون قد تفقّهت على الكتاب والسّنّة وطبّقت عمليّا الكتاب والسّنّة ربّت أنفسها ومن يلوذ بها حتّى صاروا كما ذكرت آنفا كأنّهم على قلب رجل واحد فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ويومئذ يستطيعون أن يقاتلوا أعداء الله .

مواضيع متعلقة