بيان تغيير المنكر حسب الدرجات الثلاث . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان تغيير المنكر حسب الدرجات الثلاث .
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثالث فضيلة الشيخ قوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ... ) الحديث ، قال بعضهم: التغيير باليد لولي الأمر ، أو لمن له سلطان ، والتغيير بالقول للعالم ، والتغيير بالقلب لعامة الناس ، وقال آخرون بل كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث يشترك فيها الولي والعالم والعامة فما قول الشيخ في ذلك ؟

الشيخ : لا شك أن القول الأول عاطل باطل ، والقول الصحيح أن الحديث يعم كل المسلمين لا فرق بين حاكم ومحكوم ، وبين عالم ومتعلم وجاهل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أولا جاء بلفظ من وهي من صيغ الشمول ، ( من رأى منكم ... ) ومنكم أيضا من صيغ الشمول ، أي أنتم يا معشر المسلمين ثم قسم هؤلاء المخاطبين بالخطاب العام الشامل لجميع المسلمين ، قسمهم إلى ثلاثة مراتب من كان يستطيع إنكار المنكر بيده فهذا هو الواجب ، ولا فرق في ذلك بين حاكم ومحكوم ومن كان لا يستطيع ينزل درجة فينكر المنكر ، بلسانه ، ومن كان لا يستطيع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ، والحقيقة أن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يستغفلون الناس ، ويوهمونهم بأن هذا الحديث يخاطب ثلاثة طبقات ، الحكام ، والعلماء ، وعامة الناس وهم يعلمون يقينا ، أن هناك أمور تقع في دار أحد الناس وهو ليس بالحاكم ، ولا هو بالعالم فيرى منكرا فيغيره بيده ، وإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه فما فائدة هذا التقسيم العاطل الباطل والواقع يكذبه من كل المسلمين ، لكنهم هم في الواقع ، يلجأون إلى مثل هذا التقسيم ، من باب معالجة منكر بمنكر آخر ، يعني على مذهب أبي نواس " وداوني بالتي كانت هي الداء " ، ما هو المنكر الذي يريدون أن يعالجوه به ، أن كثيرا من عامة الناس تأخذهم العزة الإسلامية ، والغيرة الإسلامية حينما يرون منكرا فيغيرونه بيدهم وهم ليسوا حكاما فيترتب من وراء هذا التغيير منكر أكبر ، وهذا بلا شك لا يجوز لكن عدم جوازه ليس لأن هؤلاء الذين غيروا المنكر ، هم ليسوا حكاما ، وإنما لأن هذا التغيير يترتب منه مفسدة أكبر من المصلحة ، أي لو أن المغير كان هو الحاكم نفسه ، ورأى أنه يترتب من وراء تغييره لهذا المنكر ، منكرا أكبر ، لم يجز له أن يغيره وهو الحاكم ، وهو الذي زعموا بأنه مخاطب فقط بقوله: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) ، والدليل على ذلك لما الرسول عليه السلام دخل جوف الكعبة وصلى ركعتين ، كما جاء في الصحيحين ، ثم خرج فأرادت السيدة عائشة أن تجهد نفسها ، وأن تتكبد مشقة الصعود ، إلى جوف الكعبة ، لأن الباب كما هو الآن كان عاليا و مرتفعا فقال عليه السلام لها: ( صلي بالحجر ،فإنه من الكعبة أو من البيت وإن قومك لما بنو الكعبة قصرت بهم النفقة ، ولو لا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة ، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام ) ، أي أدخلت الحجر في الكعبة ( ولجعلت لها بابين مع الأرض ، بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه ) ، فإذن هذا هو الحاكم الأعلى بعد الله ، على وجه الأرض هو رسول الله ورأى المنكر أي نصف الكعبة أو ربعها خارج ايش ؟ الكعبة ، فما غير لماذا ؟ بين السبب ( لولا أن قومك حديثو عهد بالشرك ... ) ، إذن هؤلاء الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، ويفسرون الحديث بغير دلالته ، فيقولون من رأى منكم منكرا المراد به الحكام ، هم أولا يخالفون ما ذكرناه آنفا ، أن كثيرا من الأحكام ، يغيرها من ليس حاكما ، وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين كما ضربنا مثلا ، رب البيت مثلا ، وعلى العكس من ذلك ،قالوا هذا التأويل لمنع هؤلاء الناس الغيورين على الإسلام ، أن يباشروا تغير المنكر بأيديهم فكان عليهم أن يقولوا تغيير المنكر ليس منكرا ، أنهم ليسوا حكاما ، وإنما لأنهم يغيرون المنكر ، بوسيلة يترتب من وراءها مفسدة أكبر من المصلحة ، لكنهم أرادوا في الحقيقة أن ينوطوا الإصلاح ، ولو شئت لقلت الإفساد ، بيد الحكام أن يقولوا بأن تغيير المنكر هذا ، طبعا هذا إصلاح ، وهذا الإصلاح لا يكون إلا من الحكام ، وهم يعلمون أن حكام زمان اليوم ، مع الأسف الشديد لا يحكمون بما أنزل الله ، فإذن هم بهذا التأويل يريدون أن يعطلوا الأحكام الشرعية ، وماذا عليهم لو أجروا الحديث كما هو مفهوم لدى كل عربي مَن مِن صيغ الشمول ، ( من رأى منكم ... ) ، من صيغ الشمول ، واستطاع أن يغير باليد دون مفسدة أكبر فليفعل ، لا والله ما يستطيع ... (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) ، ينزل المرتبة الثانية وإن لم يستطع حتى بالكلام ، فالمرتبة الثالثة ، ماذا عليهم لو ما أجروا الحديث على هذا الإطلاق والشمول والعموم ، لكنهم يقولون للناس والجمهور أن من كان منكم آمرا بالمعروف فليكن أمره بالمعروف ما يأتي بمنكر في سبيل ايش ؟ الأمر بالمعروف ، ويكون حينئذ المفسدة أكبر من المصلحة التي كان يرجوها من الأمر بالمعروف فهذا هو جواب هذا السؤال وقد وضح أن الرأي الثاني الذي يقول بعموم الحديث وشموله هو الرأي الراجح ، وأن الرأى الأول باطل ، ولكن الرأي الثاني الذي هو الرأي الراجح يقيد بملاحظة الحكمة ، في تنفيذ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والآن أظن تنصرفون إن شاء الله إلى الصلاة ، وبهذا القدر كفاية والحمد لله .

السائل : شيخنا باقي شيء من الشريط

الشيخ : كيف ؟

السائل : باقي شيء من الشريط لعل الاقامة ... حتى نتمم يعني حتى نتممم لهم ساعة .

الشيخ : ايش في عندك .

مواضيع متعلقة