ما معنى حديث : ( من سن في الإسلام سنة حسنة ....... ) ؟ وهل في الدين بدعة حسنة ؟. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما معنى حديث : ( من سن في الإسلام سنة حسنة ....... ) ؟ وهل في الدين بدعة حسنة ؟.
A-
A=
A+
الشيخ : فخطر في بالي وألقي في نفسي أن أذكر بشيء من هذا المعنى الذي تضمنه الحديث والذي رأيناه الآن وواقعا ملموسا لمس اليد ، أعني بالحديث هو قوله عليه الصلاة واسلام : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ) فلا بد أنكم سمعتم كثيرا من الناس يستشهدون بهذا الحديث على أنه يوجد في الإسلام بدعة حسنة طالما يلجأون إلى مثل هذا الاستدلال البدعة الحسنة منصوص زعموا في هذا الحديث ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) فنقول نحن قاطعين جازمين أن هذا الفهم فهم أعجمي باطل لا يلتقي مع المعنى الصحيح من هذا الحديث أولا ؛ ثم مع المناسبة التي ذكر الرسول عليه السلام الحديث فيها ثانيا ، وأذكر أنني في هذا المكان أو في غرفة أخرى كنت طرقت هذا الموضوع قديما ، ولكن لا بأس من الإعادة فكما يقال: " في الإعادة فائدة " وأتصور أن هناك بعض إخواننا ممن لم يتح لهم في تلك الجلسة القديمة أن يسمعوا مثل هذه الكلمة ؛ فأقول الحديث المذكور أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : " كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعر وجهه ـ أي تغيرت ملامح وجهه عليه السلام ـ أسا وحزنا على فقر هؤلاء الأعراب فقام عليه الصلاة والسلام في أصحابه خطيبا ثم قال: ( تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره ، ثم تلا قوله تبارك وتعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لو لا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) ) بعد أن أنهى الرسول عليه السلام خطبته هذه انطلق رجل من الحاضرين إلى داره ليعود إلى المجلس فيضع بين يدي الرسول عليه السلام ما تيسر له من الصدقة ؛ فلما رأى بقية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل صاحبهم هذا الأول قام كل منهم ايضا ينطلق ليعود بما تيسر له من الصدقات ، فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقات كأمثال الجبال ، هكذا أي أكوام ؛ فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك تنور وجهه كأنه مذهبة ، تنور وجهه كأنه مذهبة أي كأنه فضة مطلية بالذهب تلألأ ، ثم قال هذا الحديث : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ... ) " فأنتم ترون معي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بهذا الحديث الشريف بمناسبة قيام الرجل الأول ورجوعه بالصدقة فليس لم يكن هناك في المجلس أمر محدث ، لم يكن معروفا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان بدعة محدثة لم يكن شيء من ذلك إطلاقا وإنما كل ما حدث هو أن الرجل الأول فتح الطريق للآخرين بالصدقة المشروعة من قبل وفي تلك اللحظة ذكرهم الرسول عليه السلام بالآية السابقة وبقوله وبحضه إياهم بقوله: ( تصدق رجل بدرهم ، بدينار ، بصاع بره ، بصاع شعيره ) ؛ فإذن تفسير هذا الحديث ( من سن في الإسلام ) بمعنى من ابتدع في الإسلام هذا تفسير خاطئ لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يلتقي أبدا مع ما وقع في ذلك المجلس من قيام الرجل ورجوعه بالصدقة قبل الآخرين ، ثم اتباع الآخرين له على تلك الصدقات التي كانت سببا لكشف الغمة عن أولئك الأعراب ، وكان ذلك سببا مفرحا للرسول عليه السلام حتى تهلل وجهه كأنه مذهبة ؛ فإذن معنى بإيجاز والبحث يتحمل تطويل جدا جدا معنى ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) أي من فتح طريقا إلى سنة مشروعة إلى أمر مشروع فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، هذا هو معنى الحديث وليس معناه أن يبتدع الإنسان احداث عبادة لم تكن معروفة من يوم قال الله تبارك وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ليس معنى من سن من ابتدع ، وإنما من فتح طريقا إلى سنة معروفة ؛ وعلى العكس الشطر الثاني من الحديث من فتح طريقا إلى سنة شريرة ، إلى سنة سيئة ( فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ؛ فالسنة الحسنة لا تعرف إلا بطريق الشرع ، والسنة السيئة لا تعرف إلا بطريق الشرع ؛ فمن فتح طريقا للسنة الحسنة كان له أجرها وأجر من اتبعه عليها إلى يوم القيامة ، ومن فتح طريقا إلى سنة سيئة معروف سيئتها في الشرع فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ من أجل هذا وغيره قال إمام دار الهجرة وبكلمته أختم هذه الكلمة: " من ابتدع في الإسلام بدعة ـ أي واحدة ـ يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، اقرأوا قول الله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) قال مالك: فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " وتفضل يا أستاذ .

أبو مالك : فقط هذا الجواب أو هذه المقدمة التي سمعتموها من شيخنا هي جواب في الحقيقة عن عدد من الأسئلة التي كتبها بعض الإخوة وأرادوا الاستفسار عنها ، ففي هذا الجواب غنية واغتناء ولا حاجة لإعادة هذه الأسئلة أو ذكرها ؛ و نرجوأن نكون جميعا قد أفدنا منها وجزاه الله خيرا .

مواضيع متعلقة