الرَّدُّ على مَن أنكر خبر الآحاد ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرَّدُّ على مَن أنكر خبر الآحاد ؟
A-
A=
A+
الشيخ : السنة قسمان ؛ سنَّة فعلية وسنَّة تركية ، سمعت هذه الكلمة ... ؟

السائل : شريط دعوتنا ؟

سائل آخر : لا لا .

الشيخ : أنهم يريدون أن يجعلوا العبادة كما لو كانت عادة ، فأنتم ترون الآن مناسك الحج كيف يُحوَّل جعلها كنزهة ، وليس الحج هكذا .

السائل : ... .

الشيخ : تفضل .

ما انتشر في أول الزمان وفي آخر الزمان إلا بدعاة من الأفراد ؛ يعني ما كان يفعل في السلف الأول كما يفعل الخلف اليوم يخرجون بالعشرات ، إلى أين ؟ قالوا : إلى الدعوة ، وهم بحاجة إلى من يدعوهم ، فيخرجون دعاة وهم لا يحسنون الدعوة ، وهم لا يعرفون الدعوة ولا يعرفون الدليل من الكتاب والسنة ، وأظنكم لستم بحاجة إلى التصريح بمن أعني بهذا الكلام ، فالكلام واضح جدًّا ، لم يكن عمل السلف أن يخرج جماعة فيهم واحد متفقِّه قليلًا والجماعة من عامَّة المسلمين ، إلى أين ؟ إلى القبائل العربية الجاهلة لتعليمهم ، إلى المشركين من اليهود والنصارى . ما كان هكذا عمل السلف ، ولا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرسل هكذا من أفراد ، وإنما يُرسل من نخبة أصحاب الرسول - عليه السلام - علمًا وأخلاقًا وعبادةً ، ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري وأبو عبيدة بن الجراح ونحو هؤلاء من كبار الصحابة ، فمعاذ بن جبل ذهب يدعو إلى اليمن ، إلى ماذا دعا ؟ دعا إلى العبادة وتَرَكَ الدعوة إلى العقيدة ؟ هذا مش معقول ، وبخاصَّة أنُّو الرسول - عليه السلام - حينما أرسل معاذًا كان أوَّل ما وصَّاه به أن قال له : ( إنك تذهب إلى قومٍ من أهل الكتاب ؛ فليكن أوَّلُ ما تدعوهم إليه لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فإن هم استجابوا لك فمُرْهم بالصلاة ) إلى آخر الحديث . إذًا معاذ بن جبل أوَّلًا ائتمارًا منه بأمره - عليه السلام - إنما بدأ بالعقيدة ، وتطبيقًا - أيضًا - هو فعل ذلك ، كيف يُقال أن خبر الواحد لا تثبت به عقيدة ورسول الله ما كان يرسل إلا آحادًا ؟ معاذ لوحده ، أبو موسى لوحده ، أبو عبيدة بن الجراح لوحده ، وهكذا .

وأذكر حديثًا في " صحيح البخاري " أن أبا موسى زار أخاه في منزله في اليمن ، وإذا برجل مُغلَّل ، لمَّا نزل أبو موسى سأل ما بال هذا ؟ قال : ارتدَّ عند دينه . قال : والله لا أجلس إلا أن يُطبَّق فيه قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من بدَّل دينه فاقتلوه ) ، فقُتل وجلس ؛ أي : إن هذا الصحابي الجليل بلَّغ هذا الحكم ونُفِّذَ فورًا وهو آتٍ من بلد كان يدعو إليها وهو وحده ؛ فإذًا كيف يُقال في آخر الزمان أن الأحاديث الصحيحة لأنَّها غير متواترة لا تثبت بها عقيدة ؟ وأنا نكَّتُّ يومًا بأمثال هؤلاء بنكتة حقيقة هي ليست نكتة ، هي علم لو كانوا يعلمون ؛ قلت : زعموا أن أحد هؤلاء الذين يقولون بأن العقيدة لا تثبت إلا بعدد التواتر ذهب أحد هؤلاء إلى اليابان يدعو إلى الإسلام ، وحسب القاعدة المتَّبعة لدى جميع المسلمين وكما فعل معاذ بدأ بالعقيدة ، اليابان ماذا يعلمون من الإسلام ؟ لا شيء ؛ فإذًا هو بدأ بالعقيدة ، لكن من العقيدة عندهم - مع الأسف الشديد - ألَّا يُؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة ، فكان هناك في المجلس شاب كيِّس فَطِن في زاوية من المجلس ، وقديمًا قيل : " في الزوايا خبايا " ، فرفع إصبعه قال : يا أستاذ ، أنت بتقرِّر أن من العقيدة الإسلامية أن العقيدة لا تثبت بخبر الواحد ، ونراك أنت تقرِّر علينا عقيدة الإسلام كذا وكذا وكذا ، لكن أراك متناقضًا ، حسب دعوتك هذه يجب أن تعود إلى بلدك وتأتي بجماعة التواتر كلهم ويشهدون معك أن هذا هو الإسلام حتى نقبله منك ؛ لأنك تقول : أن العقيدة لا تثبت بخبر الواحد ، وأنت واحد .

الحقيقة هم يخرِّبون بيوتهم بأيديهم فضلًا أنَّهم يخالفون دعوة الإسلام الحق ، فهم متناقضون ، يدعون إلى الإسلام وهو فرد من الأفراد ؛ لهذا نقول : كل مسلم وَرَدَه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق صحيح أنه أخبر خبرًا غيبيًّا أو أخبر خبرًا تشريعيًّا فيجب فورًا أن نصدِّق به ؛ إن كان عقيدة تبنَّاه ، وإن كان حكمًا تبنَّاه عملًا وفعلًا ، وهكذا ، لا نفرِّق بين حديث الرسول - عليه السلام - ما كان منه عقيدة وما كان منه حكمًا ، كله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى هذا جرى السلف الصالح ، وأختم بالكلمة هذه جوابًا لما سبق أن قلته ، وهذا ليرسخ في أذهانكم قول العلماء :

وكلُّ خيرٍ في اتباع من سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع من خَلَفْ

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

...

السائل : حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( نضَّر اللهُ امرأً ) ... .

الشيخ : نعم ، يا أخي - بارك الله فيك - ... في المسألة هذه .

...

مواضيع متعلقة