صح عن بعض الأئمة الأربعة قولهم : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وقال النووي : " قولهم هذا ليس على ظاهره " فما تعليقكم على هذا .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
صح عن بعض الأئمة الأربعة قولهم : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وقال النووي : " قولهم هذا ليس على ظاهره " فما تعليقكم على هذا .؟
A-
A=
A+
السائل : يقولون يكثر من ذكر قول الأئمة الأربعة إذا صح الحديث فهو مذهبي فيأتون على حديث أفتى بعض العلماء بخلاف ظاهره فيلزمون الإمام به مع أن الإمام النووي رحمه الله حقق في مقدمة المجموع أن هذه العبارة ليست على ظاهرها بذلك تفرد السلفيون بآراء فقهية ضعيفة يلزمون الأمة بها فما قولكم ؟
الشيخ : جوابي على هذا السؤال أنا مع الإمام النووي رحمه الله فيما ذهب إليه بشرطين اثنين الشرط الأول : إذا كان يعني أنه لا يجوز نسبة الإمام الشافعي إلى مخالفته للحديث لأنه فهمه على وجه خاص فهذا صحيح . والشرط الثاني : أننا نحن معشر السلفيين إذا كان الحديث الذي فهمه الإمام الشافعي على وجه ووجدنا أئمة آخرين عملوا به على ما يبدوا لنا من الوجه الآخر للمعنى وأراد النووي أنه لا يجوز لنا العمل به لأن الإمام الشافعي عمل به بوجه أو على معنى آخر حينئذ نحن ننفصل عنهم ونقول لا يجوز لنا أن نعمل بحديث فهمه الشافعي وسائر الأئمة على وجه ونفهمه نحن في آخر الزمان على وجه آخر والحديث في واقعه يحتمل وجهين لا نجد أحد سبقنا إلى الأخذ بالوجه الآخر حينئذ فنحن مع الإمام النووي أما إذا كان الحديث صريح الدلالة لا يقبل تأويلا وعرفنا أن الإمام الشافعي مثلا أو غيره لأنه يتكلم في حدود مذهبه وعرفنا أن إماما من أئمة المسلمين ومن الفقهاء المجتهدين فسره على خلاف ظاهره وجاء على تفسيره بدليل لا نعلمه وجب علينا أن نتبعه أما إذا كانوا مسلمين معنا بأن دلالة الحديث صريحة وليس عندنا دليل يصرف هذه الدلالة إلى شيء آخر سوى رأي فلان وعلان حينئذاك نكون مع الحديث لأن الإمام الشافعي نفسه كان يقول الحديث أصل مستقل في نفسه فيجب على كل مسلم إذا صح لديه أن يعمل به أما الإمام الشافعي فسره بمعنى آخر فنقول هذا المعنى الأخر إما أن يكون له دليل بالنسبة إلينا يعني نقتنع به فيجب حين ذاك أن نتبعه أو ليس عنده دليل إلا الاجتهاد و كان الحديث ظاهر الدلالة على خلاف ما ذهب إليه فنحن في هذه الحالة نطبق عموم إرشاد الأئمة إذا صح الحديث فهو مذهبي وقد كنت تعرضت لهذه المسألة بشيء من التفصيل في مقدمتي لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأوردت صورة هي أن العامي إذا بلغه حديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وضاق صدره في ترك العمل به فهل يحوز له أن يعمل به وهو على خلاف مذهبه ؟
أجاب الإمام السبكي : نعم يجوز له العمل به إذا أخبر بأن الحديث صحيح وأن معناه على ما وضح له كان له عذر عند الله عزّ وجل أن يعمل به هذا بالنسبة للأمي العامي فما بالكم بالنسبة للعالم أو طالب العلم لكن هنا لا بد لي من وقفة في نهاية الإجابة عن هذا السؤال وأرجو من صاحبنا اللي جنبي هنا أن يقف عند وعده السابق أنه آخر سؤال . وأقول إضافة إلى ما سبق من الجواب أريد من طلابنا الذين نشؤوا معنا على اتباع الكتاب والسنة ألا يكونوا جريئين على التطاول على الأئمة المجتهدين وعلى أن يقولوا كما يفلت أحيانا من ألسنتهم قولهم نحن رجال وأولئك رجال هذا عار أن يقوله الشباب الناشئ في طلب العلم وهو لا يزال على الأقل شابا في طلب العلم قد يكون كهلا وقد يكون شيخا في السن ولكنه شاب ناشئ في طلب العلم مع ذلك هو يقول إنما يقال كيف أنت تخالف الأئمة وتستقل في فهمك للحديث ! فيكون الجواب نحن رجال وأولئك رجال أنظروا الآن بمناسبة الكلام على ما سبق حول أبي حنيفة رحمه الله من فضل أبي حنيفة أنه قال إذا جاءت الآثار عن أصحاب الرسول عليه السلام في مسألة ما متفقة لا خلاف بينهم فيها فنحن لهم تبع أما إذا اختلفوا فنحن رجال وهم رجال متى قال هذه الكلمة ؟ إذا اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسألة فهو يختار المناسب لقول من تلك الأقوال و لا يخرج عنها إلى غيرها فيجب أن نأخذ أدبا من هذا الأثر عن أبي حنيفة رحمه الله ألا نتجرأ في تخطئة الأئمة وإنما علينا أن نتئد وأن نتروى في الحكم لخطأ ليس خطأ إمام واحد بل خطإ أئمة كثيرين لست داعية إلى التعصب للجمهور لا لست جمهوريا ولعلكم تعلمون ذلك علما يقينيا لكني أيضا في الوقت نفسه لا أريد لطلاب العلم أن يتجرؤوا على تخطئة العلماء بأنه بدا له أن الحديث يخالفه وإنما أريد من طلاب العلم أن ينكبوا على دراسة كل مسألة على حدة أن يدرسوها كما يقال اليوم دراسة الفقه المقارن ولكن بشرط أن يصل إلى النتيجة إلى الثمرة لأن الفقه المقارن اليوم في أكثر الجامعات المعروفة اليوم بالجامعات الإسلامية يتعاطون المقدمات ثم لا يقدمون النتائج والثمرات فهم يذكرون مثلا أدلة المذهب الفلاني ودليل المذهب الفلاني ودليل المذهب الفلاني ثم لا شيء وراء فيخرج الطلبة حيارى !
سائل آخر : هذا فقه ؟
الشيخ : لا هذا ليس فقها وإنما الفقه أن تقدم هذه الأدلة وتجري مفاضلة بينها ترجيحا كأن تقول مثلا دليل فلان الآية الفلانية لكنها من باب الاستدلال بالدليل العام ودليل فلان استدل بآية أخرى خاصة أو بدليل خاص والخاص يقضي على العام وهكذا يجري عملية تصفية بين الأدلة قد يكون منها حديث المذهب الفلاني لا يصح والحديث الذي عارضه هو الصحيح إلى آخره فأنا أريد من كل طلاب العلم أن يدرسوا المسائل الخلافية دراسة مبسطة موضوعة تحت المجهر العلمي وبعد ذلك ليخرج بالنتيجة ثم ليقل هذا رأيي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ، أرى أن كثيرا وأخشى أن أقول عامة طلاب العلم لا يتأثرون ببعض آثار السلف ونحن سلفيون ليس اسما وإنما هو مسمى أيضا ... .

مواضيع متعلقة