من أين تنطق الضاد و أحكام في التلاوة .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
من أين تنطق الضاد و أحكام في التلاوة .؟
A-
A=
A+
الشيخ : أنا شخصيا بناء على تلقي القراءة من والدي ثم بناء على ما قرأت من رسائل تتكلم حول النطق بحرف الضاد تبين لي أن العرب أنفسهم يختلفون في النطق بالضاد .
السائل : إخراجها ؟ .
الشيخ : نعم وأن الضاد الشامية والضاد المصرية تختلف تماما عن الضاد العراقية والضاد النجدية ، والنطق بهذا الحرف أقرب إلى الصواب على الوجه الذي يتكلم بها ويقرأ بها أهل نجد وأهل العراق من النطق الذي ينطقه المصريون والشاميون ، ابن الجزري هذا ... .
السائل : ممكن تحكي النطقين يا شيخ ؟
الشيخ : نعم ، ابن الجزري هذا يقول في أرجوزته .
" والضاد باستطالة ومخرج *** ميز عن الظاء وكلها تجي "
وأنا في أول نشأتي العلمية خاصة بعد أن قرأت على والدي وختمت القرآن نعليه تلقيت الضاد على التوجيه الذي جاء ذكره في أرجوزة الجزري .
السائل : بالاستطالة ؟
الشيخ : فكنت أجلس في الدكان بعد أن يذهب والدي إلى الدار للقيلولة فأبقى فيها وحدي فألفت رسالة صغيرة حول مخرج الضاد وأذكر جيدا أنني وأنا أجلس ذات يوم بعد صلاة الظهر في الدكان كان أمامنا طاولة للعمل لتصليح الساعات وعلى يمين الجالس للتصليح شباك نافذة صغيرة لتلقي الزبائن والمكالمة منهم ؛ فجلست عدة أيام أؤلف رسالة صغيرة في هذا المجال وأنا مستقبلا النافذة تاركا للعمل وأبي راح للقيلولة ، ما في عندنا عمل ضروري للاستعجال به ؛ ذات يوم مر علي رجل معروف في الشام أو في دمشق أنه من القراء اسمه عبد الوهاب دبس وزيت لقب هذا ، عبد الوهاب دبس وزيت فوقف على الدكان وسلم ورآني أنا غير متوجه للعمل متوجه إلى النافذة لأنني بسطت الكتب أمامي أدرسها وأنقل منها ؛ فسلم علي ووجدني لا أعمل في المصلحة أعمل في شيء كتب أمامي قال لي لماذا ؟ قلت له أبحث في موضوع الضاد ، وكنت وصلت إلى أمثلة ينبه فيها ابن الجزري أو غيره لا أذكر الآن بالضبط ، بضرورة تميز الضاد عن الطاء في مثل قوله تعالى : (( فمن اضطر )) اليوم المصريون وغيرهم يقولون " فمن اطر " فكأنهم أدغموا الضاد بالطاء بينما الضاد حرف رخوة والطاء حرف استعلاء ؛ فأدغموا الضاد الرخوة بالطاء ، هذا خطأ فاحش ؛ فعجبت أنني لما أسمعته هذا المثال وقف الشيخ دبس وزيت وهو من القراء المشهورين هناك فأخذ يقرأ ويلحن ؛ لأنه يدغم الضاد بالطاء قلت يا أستاذ ابن الجزري يقول :
" والضاد باستطالة ومخرج *** ميز عن الظاء وكلها تجي "
أولا قال باستطالة ، الطاء ليس فيها استطالة ، لما تنطق بالطاء ساكنة تقول أط ؛ لكن لما تتكلم بالظاء الرخوة مش الضاد ، الرخوة الظاء تقول أظ ، الصوت يخرج من بين الثنايا ؛ أما الضاد فهي تشترك مع الظاء في هذه الاستطالة ولكن تتميز عنها بالمخرج لأن مخرج الضاد الصحيح هو بإلصاق حافة اللسان بالأضراس ؛ أما الظاء فبالثنايا ، أما الضاد الشامية والمصرية فهو بلصق رأس اللسان بسقف الحلق ، هذا خطأ ؛ فهو أخذ يقرأ الآية " فمن اطر " يضيق صدره ولا يستطيع أن يتلفظ بها إلا بالإدغام ، وهذا خطأ ، ولما كانت المشابهة موجودة بين الظاء الرخوة والضاد الرخوة بحيث يختلط أحيانا النطق بالضاد فتنطق كالظاء ، أمر هذا القارئ الجيد بتميز الضاد عن الظاء لأنه فيه مشابهة ؛ أما مافي مشابهة بين الضاد والطاء ؛ فأنت بالعكس تدغم الضاد في الطاء وهذا خطأ ؛ يرى هذا النقاش أذكره جيدا وأذكر جيدا أنني ألفت الرسالة يومئذ وأنا بطبيعة الحال دون العشرين والرسالة لا تزال موجودة عندي بخطي وقد صورت الأضراس وصورت اللسان في النطق الصحيح بالضاد حافت اللسان بالأضراس وليس رأس اللسان بسقف الحلق كما ينطق به الشاميون وغيرهم حينما نسمع الضاد من العراقيين القراء منهم ومن النجديين حتى في كلامهم هي غير الضاد المصرية والشامية تماما وهي الضاد الصحيحة ويؤيد ذلك من حيث الأسلوب العربي أن بعض القصائد تكون قافيتها ظاء ولما كانت الضاد شبيها بالظاء لا يستنكف الشاعر أن يجعل القافية تارة بالضاد وتارة بالظاء ؛ وأجد الآن في بعض الرسائل تأتيني من نجد يكتبون الظاء مقام الضاد لأنها مشابهة تماما في النطق ، وهذا صحيح ؛ لذلك هذا يؤكد لنا أنه لابد من تلقي علم القراءة والتجويد من أهل العلم ؛ فالمصريون مثلا والدمشقيون يخطئون في النطق بالضاد ، فمثلا الفاتحة التي تقرأ في كل ركعة من الصلوات الخمس عندنا في سوريا وفي غيرها يقولون (( ولا الضالين )) هذه ضاد ليست إلا دال مفخمة كما يقول علماء التجويد ؛ أما الضاد العربية الصحيحة والتي يدندن حولها ابن الجزري ومن شرح كلامه فهي ضاد رخوة يقترن معها الاستطالة بحيث لو أراد الإنسان أن يمد نفسه بالضاد (( ولا الضالين )) لاستطاع خلافا للضاد الشامية فإنه ينقطع وينصدم ؛ ففرق بين من يقول ولا الدالين ولا الدالين وبين من يقول (( ولا الضالين )) ، فهي مخرجها من حافة اللسان متلصقة بالأضراس وبين من يضع رأس اللسان في سقف الحلق ، هذا المثال وحده يؤكد أنه لابد من أن يتلقى القراءة هذه من أهل الاختصاص ، ولا تترك للسجية والطبيعة لأنها تختلف من بلد إلى آخر ، الأتراك مثلا لعجزهم عن النطق بالضاد العربية الفصحة تسمعها منهم ظاء خالصة " ولا الظالين " مخرجها بين الثنايا ، بين الأضراس وحافة اللسان ، ويقول علماء التجويد بأن من مزايا عمر وخصوصياته أنه كان يخرج الضاد من طرفي اللسان حافتي اللسان كأنه ربنا كان عاطيه امتدادا في عرض اللسان فيمده يمينا ويسارا فيخرج الضاد رخوة جدا ومطابقة للوصف الذي يذكره الجزري وغيره ؛ فإذا الحقيقة أن علم التجويد لا يتقن إلا بالتلقي ولكن نحن بحاجة إلى علماء ليسوا مقلدين في علم التجويد ويعرفون من أين جاءت هذه الأحكام وغالبها هو التلقي ولكن هل هذا التلقي متصل ولا منقطع ؟ فقد يكون هكذا وقد يكون هكذا ؛ لكن الجواب البات في الموضوع يحتاج إلى أهل الاختصاص ، وأنا جرت بيني وبين بعض علماء التجويد هناك في دمشق لقاءات في سبيل الحصول إلى هذه الحقيقة لكن مع الأسف ما كنت أجد ضالتي ، فهم يعلمون كأكثر القراء اليوم هكذا تلقوا ، أما من أين جاءت هذه الأحكام فما يعرفون شيئا منها ؛ لذلك فأنا أنصح العلماء النجديين بأنه يجب عليهم أن يعنوا بالتلقي ... تلاوة القرآن من أهل الاختصاص لكن عليهم أن يختاروا منهم من هم أقرب إلى السنة وليسوا من الذين يقرأون القرآن على الموازيين الموسيقية يصعدون ببعض الآيات ويهبطون بالبعض الآخر ، وقد يمدون ما لا يستحق المد ويقصرون فيما يستحق المد وهكذا ، السبب أنهم يراعون القوانين الموسيقية ، وهذا بطبيعة الحال لا يجوز وهذا مما نهى عنه أئمة السنة كالإمام أحمد وغيره ، فنهوا عن قراءة القرآن بالتلحين والتمطيط ونحو ذلك من المخالفات .

مواضيع متعلقة