ذكر حديث الجارية التي قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أين الله ؟ ) . قالت : في السماء . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر حديث الجارية التي قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أين الله ؟ ) . قالت : في السماء .
A-
A=
A+
الشيخ : ولكننا إذا رجعنا إلى السلف الصالح لَوَجَدنا جاريةً قد تكون أعجميَّة ، وقد تكون سوداء ، وأقول : قد تكون أعجميَّة ، وقد تكون سوداء ؛ لأن بعض الروايات التي جاء فيها أنها كانت أعجميَّة وكانت سوداء لا تصح ، لكن ممكن تكون كذلك ، لكنها امرأةٌ رقيقة وراعية غنم ، تجدها في هذه العقيدة من أفقَه من كبار العلماء ؛ هؤلاء المتأوِّلين مثل أمثال الماتريدية والأشاعرة ، فلعلَّكم تذكرون معي قصَّة هذه الجارية التي كان سيِّدها معاوية بن الحكم السلمي ، هو يروي قصَّته بنفسه ، وفيها عبر ؛ منها ما نحن بصدده ، قال معاوية : صلَّيت يومًا وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فعطس رجلٌ بجانبي في الصلاة ، فقلت له : يرحمك الله ، فنظروا إليَّ ، قال : فرفعت صوتي قائلًا واثكل أمياه ! ما لكم تنظرون إليَّ ؟! واضح جدًّا أن الرجل حديث عهد بالإسلام ، وما تعلَّم ما يجوز له من الكلام في الصلاة وما لا يجوز ، فقال : فأخذوا ضربًا على أفخاذهم تسكيتًا له ، قال : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة أقبل إليَّ ، تصوروا بقى وضع هذا الإنسان بعد أن تجلَّى له أنه أخطأ خطأً فاحشًا في الصلاة ، إنه سيؤنِّبه إن كان ما سبَّه أو ما ضربه ، هكذا يتصوَّر مثل هذا الرجل ، وهكذا يقع اليوم مع الأسف !! لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي وصفه الله - عز وجل - بحقٍّ بقوله : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) لم يحقِّق ما قد يكون جالَ في بال هذا الإنسان ، قال : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة أقبل إليَّ ، فوالله ما قهرني ، ولا كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني ، وإنما قال لي : ( إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس ، إنما هي تسبيحٌ وتكبيرٌ وتحميدٌ ) . هذا كلُّ ما وعظه به الرسول - عليه السلام - تلقاء تلك الخطيئة التي وقعت منه في الصلاة .

ولا شك أن الإنسان العاقل حينما يُبتلى بمعلِّم مرشد ذو خلق عظيم يطمع بأن يتعلَّم من جديد بعد أن عرف أنه في جهلٍ عميق ، فاهتَبَلَها فرصة ، فأخذ يسأل الرسول - عليه السلام - السؤال تلو السؤال ، فسأله قائلًا : يا رسول الله ، إن منَّا أقوامًا يأتون الكهان ؟ قال : ( فلا تأتوهم ) . قال : إن منَّا أقوامًا يتطيَّرون . قال : ( فلا يصدَّنَّكم ) . قال : إن منَّا أقوامًا يخطون بالرمل . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( قد كان نبيٌّ من الأنبياء يخطُّ ؛ فمن وافق خطُّه خطَّه فذاك ) . فقال : يا رسول الله - وهنا الشاهد - ، إني لي جارية ترعي لي غنمًا في أحد ، فسطا الذِّئب يومًا على غنمي ، وأنا بشرٌ أغضب كما يغضب البشر ، فصكَكْتها صكَّة ، وعليَّ عتق رقبة ، كأنه يقول يعني ... واعترف بخطئه ؛ هل يجزئني أن أعتقها ؟ قال : ( ايت بها ) . فلما جاءت ، قال لها - عليه الصلاة والسلام - : ( أين الله؟ ) . أجابت ، ما احتارت كما يحتار المؤوِّلة ، ( أين الله ؟ ) . قالت : في السماء . قال لها : ( من أنا ؟ ) . قالت : أنت رسول الله . قال لسيِّدها : ( اعتِقْها فإنها مؤمنة ) .

أنا أقول : هذه امرأة جارية ترعى الغنم ، والمطلوب في راعية الغنم أن تكون جاهلةً ، لكني أعتقد أن هذه المرأة عاشت في جوٍّ مسلمٍ خالصٍ ، لم لا وعليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو عليهم صباحَ مساءَ ما ينزل الله - عز وجل - عليهم من آيات الله ؟

فباختصار : هذه المرأة عاشت في جوٍّ مسلمٍ عقيدةً وعملًا ، وهذا أمر طبيعي ، وكذلك ينبغي أن يكون العالم الإسلامي يعيش في مثل هذا الجوِّ تمامًا ، لكن أنَّى له ذلك وقد تفرَّقوا إلى طرائق شتَّى ومذاهب قددًا ، وافترقوا إلى فرق ، ثلاثة وسبعين فرقة ؛ من أين لهم أن يُوجد لهم هذا الجوُّ الذي أُتِيح لتلك المرأة الجارية فتفقه نساؤنا مثل رجالنا العقيدة التي يجب أن يعتقدَها كلُّ مسلم ؟ من أين لهم ذلك ؟ ونحن نجد مَن يُمسك القلم ويكتب في بعض المجلَّات ما هبَّ ودبَّ من الأقوال وهي تحارب عقيدة السلف بدعوى أن السلف ما كانوا يعتقدون هذه العقيدة !! هذا أخطر ما يسمعه الإنسان في هذا العصر الحاضر ؛ أن يأتي إلى عقيدة التوحيد فيميِّع ... وأنُّو يكفي أن تقول ... .

مواضيع متعلقة