ما رأيكم فيمَن يقول أنه لا يجوز التسمِّي بغير الإسلام ، وأن من فعل ذلك فقد دعا إلى غير الإسلام ؛ كحال هذه الجماعات الإسلامية المنتشرة في الساحة اليوم ، بل الواجب التخلي عن هذه الأسماء حتى يكون المسلمون أمة واحدة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم فيمَن يقول أنه لا يجوز التسمِّي بغير الإسلام ، وأن من فعل ذلك فقد دعا إلى غير الإسلام ؛ كحال هذه الجماعات الإسلامية المنتشرة في الساحة اليوم ، بل الواجب التخلي عن هذه الأسماء حتى يكون المسلمون أمة واحدة ؟
A-
A=
A+
السائل : ... إذا الجماعات الإسلامية فيها سبب خلاف وتفريق للمسلمين ، وهذه الأسماء ليست من الإسلام أصلًا في شيء ، رب العالمين سمَّى الناس مسلمين ، مسلم ، وهذا الاسم يكفي ، إذا قلت : كذا كذا كذا هذه الأسماء التي ابتدعها الناس يتفرَّق المسلمون حينئذٍ ، ويصبح النِّزاع بينهم شديدًا ، حتى نجمع المسلمين على كتاب الله وسنة رسوله وهم جميعًا يجتمعون على هذه الدعوة ؛ كتاب الله وسنة رسوله ، يجب علينا أن ننسى هذه الأسماء ولا ندعو إليها ، وهو يقرِّر - أيضًا - بأن مَن يدعو لهذه الأسماء ؛ تعال حتى تصير الاسم الفلاني ، تعال لنعمل في الجهة الفلانية الجماعة الفلانية هو آثم عند الله - عز وجل - ؛ لأنه لا يدعو إلى الإسلام ، وإنما يدعو إلى أسماء ابتدعها هو ومن حوله من هذه الجماعة ؛ لذلك يجب أن نُطيح بهذه الأسماء جميعًا ، وندعو الناس للكتاب والسنة باسم الإسلام والمسلمين مسلم فقط ، هذا خلاصة قوله .

الشيخ : طيب ؛ أقول جواب منجز وجواب مطوَّل .

الجواب الموجز : أن هذا الذي يقول هذا الكلام مَثَلُه كمثل النعامة ترى الصياد فتدخل رأسها في الرمل ، فَمِن حماقتها تظنُّ أنها حين لا ترى الصياد فالصياد لا يراها ، هو يجعل التسمية سبب التفريق ، هذا على ذمَّة الناقل اللي هو أنت ، فنحن نقول : هذه التسمية كم عمرها ؟

السائل : قديم .

الشيخ : قل : خمسين مئة مئتين ثلاث مئة ، فسنقول : هل كان تفرُّق المسلمين إلى مذاهب شتَّى وطرائق قددًا قبل هذه التسمية أم بعد ؟ لا شك أن كل من عنده شيء من المعرفة وقليل من الإنصاف سيقول : التفرُّق كان قبل وجود هذا الاسم ، صحيح ... أن يقول : هذا سوري ، وهذا أردني ، وهذا مصري ، وهذا ألباني ، وهذا تركي ، وهذا أفغاني ؛ فهل أنكر أحد هذه النِّسَب وهي تعبِّر عن واقعه ؟ أنا فعلًا ألباني ، سوري ، أردني ، جمعت ثلاث صفات ما شاء الله في آخر الزمان ، إيش فيها هذه ؟ ما فيها شيء إذا كان يعبِّر عن الواقع ، لكن إذا قلت أنا ألباني ورفعت رأسي وتشوَّفت على كل مسلم آخر ليس بألباني من هنا يأتي الانحراف ويأتي الضلال ، فنحن نعرف من تاريخ المسلمين الأولين في مهاجرين في أنصار ، ومذكورون بنصِّ القرآن الكريم مهاجرين وأنصار ، فالذين يتَّبعون هؤلاء المهاجرين والأنصار على خُطاهم ولا ينحرفون يمينًا ويسارًا واجب عليهم أن يبيِّنوا للناس دعوتهم ، إذا قال هذا الرجل المسكين الذي تشير إليه : يكفينا أن ندعو إلى الإسلام ؛ هل يكتفي أن يقول : إسلام فقط ؟ ... الكتاب والسنة ، لكن على منهج السلف الصالح ، فمنهج السلف الصالح اختصرها : " السلف " ، تنتسب أنت إلى السلف يا زيد من الناس ؟ إي نعم ؛ فإذًا أنت سلفي ، لا تنتسب إلى السلف فأنت منحرف لا مناص من هذا .

السائل : يعني هذا قيد لا بد منه ؟

الشيخ : لا بد منه خاصَّة في هذا الزمان ، وإلا كل الناس يقولوا : نحن مسلمين وكتاب وسنة ؛ ولذلك فقد عرفتَ أن هذا الطَّلب هو غفلة وقلب الحقيقة ، هذا الاسم كان ثمرة الاختلاف ولم يكُنْ الاختلاف ثمرة هذا الاسم ، والاختلاف كان من ثماره وجود مذهب فلان ومذهب فلان وتفرُّقهم حتى وصل الأمر بهم إلى عدم الصلاة بعضهم وراء بعض ، وإذا عرفنا هذه التفاصيل التي تعود أوَّلًا إلى التاريخ ، وتعود ثانيًا إلى قلب جعل المؤثِّر مؤثَّرًا والمؤثَّر مؤثِّرًا ، إذا عرفنا هذه الحقيقة فنعود لنقول : أنُّو زيد من الناس هو يدعو إلى ما يدعو عمرو من الناس ، عمرو من الناس يتَّبعه الناس ، أوَّلًا : نحن ما نقول للناس اتبعوا عمرًا من الناس ، وإنما نقول لهم : اتبعوا كتاب الله واتبعوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هو يدعو هذه الدعوة ، والذين يتَّبعونه يعرفون هذه الدعوة تمامًا ، لكن هم لا يجدون - مع الأسف - من أهل العلم الذين يميِّزون أوَّلًا بين فقه الكتاب والسنة وبين الفقه التقليدي ، هذا عاش حنفيًّا فلا يعرف غير المذهب الحنفي ، وهذا عاش مالكيًّا فلا يعرف غير المذهب المالكي ، وذاك شافعي والحنبلي ، هذا يدعو إلى اتباع فقه الكتاب والسنة ، لكن بعض الناس في بعض البلاد أمر طبيعي جدًّا حينما لا يجدون على الأقلِّ حولَهم مَن يثقون بعلمه فيضطرُّون أن يأخذوا بعلم من هم حوله ، لكن هو لا يدعو إلى تقليده والإعراض عن اتباع الآخرين من العلماء إن وجدوا ، وما مَثَلُه إن صح هذه التقريب وهذا التمثيل إلا مثل الأئمة ، الأئمة كلهم قالوا : " لا تقلِّدوني ، لا تقلِّدني ، ولا تقلِّد مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ، وخذ من حيث أخذوا " .

هذه الداعي إلى إتباع السلف الصالح الذي هو عمرو هي نفس دعوته ، لكن إذا ابتُلِي بناس يقلِّدونه فعلًا أو يتعصَّبون له هذه ليست دعوته ، كما أن تقليد الأئمة ليست هي دعوتهم ، وإنما دعوتهم اتباع الكتاب والسنة ، وهَبْ أن زيدًا من الناس الذي يقول أنُّو أنا أدعو إلى دعوة فلان هل هو على علم بالدعوة السلفية ؟ هل هو على علم بالكتاب والسنة ولَّا كلمة مجملة اتباع والكتاب والسنة ، فإذا سُئل عن الكتاب والسنة فهو لا يدري ، كمَثَل قصة ذلك السوري مع الكردي ، عفوًا ؛ ذلك الكردي مع اليهودي حينما لَقِيَه في الطريق فقال له : فلان ، أسلم . وسحب الخنجر عليه ، أسلم وإلا أقتلك . قال له : دَخْلك ، ماذا أقول ؟ قال له : لا أدري . وهو يهدِّده بالقتل أنُّو يسلم ، لما يطلب منه كيف يأسلم ؟ يقول له : لا أدري . فهذا الذي يزعم بأنه يدعو إلى الدعوة السلفية التي يدعو إليها فلان ، لكن فلان تبعَه الناس دون الناس الآخرين ، هل هو على علم ؟ هل هو يستطيع أن يميِّز مثلًا العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ من جهة ؟ وهل يستطيع أن يعرف الصحيح من الضَّعيف من الحديث من جهة أخرى ... إما غفلة أو تغافل ، فالسلفية دعوة عامَّة شملت العالم الإسلامي كله بفضل الله - عز وجل - ، ثم بفضل الدعاة المتفرِّقين في البلاد .

ثانيًا : هؤلاء لا يقلِّدون شخص معيَّنًا ، يقلِّدون - إذا صح التعبير - منهجًا معيَّنًا ، كل من قال لهم : قال الله قال رسول الله يتَّبعونه ، إن كان زيد بكر أحمد محمد إلى آخره ؛ فإذًا الشبهات التي تَرِدُ تؤكد أنهم لا ينطلقون عن وعي ولا عن عقل ولا عن علم .

مواضيع متعلقة