الكلام على الفرقة القاديانية . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على الفرقة القاديانية .
A-
A=
A+
الشيخ : ... وإنما كل الفرق مهما كانت عريقة في الضلال سواء ما كان منها من الفرق القديمة أو الحديثة على التفصيل الذي ذكرته آنفا لا يوجد فيها إلا من يدعي دعوانا وهي أنهم على الكتاب والسنة وخذوا مثلا الفرقة لعلها الفرقة الأخيرة كفرقة انحرفت عن الكتاب والسنة من الفرق المعاصرة والحديثة ألا وهي الطائفة القاديانية التي كان أصلها من قرية الهند اسمها قاديان وخرج منها ذلك الرجل الذي كان يسمى ميرزا غلام أحمد القادياني ، ثم حرف اسمه لغرض في نفسه لسنا الآن في صدد بيان ذلك ، فسمى نفسه بأحمد لكي يحمل على اسمه قول الله عز وجل على لسان عيسى (( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) أي أحمد القادياني ، وهو إنما كان اسمه ميرزا غلام أحمد القادياني ، ميرزا لقب ، أما اسمه غلام أحمد أي خادم أحمد ، فحذف كلمة خادم أي غلام واحتفظ باسم أحمد ليحمل على نفسه تلك الآية ، وشتان ما بينها وبينه ، فإنه من الدجالين الكذبة الذي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لا تقوم الساعة حتى يكون ثلاثون دجالا كلهم يزعم أنه نبي ولا نبي بعدي ) ، واستطاع هذا الرجل بسبب أو بآخر أن يحمل كثيرا من الناس ليس فقط من الأعاجم بل ومن العرب أيضا أن ينحرف بهم عن الكتاب والسنة ، فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ، وجاؤوا بعقائد مخالفة لإجماع المسلمين ، ولسنا أيضا في هذا الصدد وإنما الشاهد هؤلاء يقولون أيضا معنا الكتاب والسنة فهل أفادهم شيء دعواهم الكتاب والسنة وهم قد خالفوا الكتاب والسنة في كثير من نصوصها ؟ والشاهد ها هنا الآن كيف يجمعون اتباعهم لنبيهم المزعوم وبين قول رب العالمين (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) ؟ هنا يظهر لكم أهمية شيئين اثنين ، السنة وتفسير السنة والقرآن على ما كان عليه السلف الصالح ، تفسير القرآن بالسنة وتفسير السنة بما كان عليه السلف الصالح ، لم يكفر هؤلاء القاديانيون بقوله تعالى : (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) بل آمنوا بالآية كما نؤمن ، كذلك لم ينكروا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) أيضا آمنوا بهذا الحديث الصحيح ؛ لكنهم كفروا بمعنى الآية والحديث لأنهم تأولوهما بغير تأويلهما وفسروهما بخلاف ما كان عليه سلفنا الصالح ومن تبعهم إلى هذا اليوم ؛ ... تأويلهم للآية (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) قالوا نحن نعتقد معكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال في القرآن (( خاتم النبيين )) ولكننا نخالفكم في تفسيركم للآية ونفهم أن معناها خاتم النبيين أي زينة النبيين كما أن الخاتم زينة الأصبع كذلك الرسول عليه السلام هو زينة الأنبياء ؛ فإذا هم آمنوا باللفظ القرآني وكفروا بمعناه فلم يفدهم إيمانهم بالقرآن شيئا ؛ ولذلك فهم أشبه ما يكونون في تأويل هذه الآية أو ذاك الحديث كالكفار من النصارى الذين يحاولون أن يستخرجوا من القرآن أدلة تؤيد ضلالهم وإيمانهم بأن عيسى عليه السلام هو ابن الله ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، ها أنتم عرفتم تأويلهم بل تعطيلهم لدلالة الآية على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف فسروا الحديث الصحيح ؟ ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ) قالوا لا نبي معي أي بعد أن فسروا الحديث بهذا التفسير الباطل قالوا فمفهوم الحديث أنه يوجد بعدي نبي فعطلوا بذلك أيضا أحاديث أخرى صريحة ولم يجدوا لها تأويلا إلا بإنكارها مثل قوله عليه السلام : ( ألا إن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبي ولا رسول بعدي ) هذا الحديث أنكروه لأنه مع براعتهم في التأويل بل في التعطيل لم يجدوا لهم مساغا لتأويل هذا النص ، فماذا فعلوا به ؟ أطاحوا به ولم يؤمنوا به ؛ الشاهد من هذا المثال كل الفرق الإسلامية قديمها وحديثها تشترك معنا في القول بالإيمان بالكتاب والسنة ولكنها تختلف عنا في عدم تقييدهم بطريق المسلمين الذي ذكره رب العالمين في قوله : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) كما أنهم لم يرفعوا رؤوسهم إلى ما سبق من الحديث في وصف النبي صلى الله عليه وسلم للفرقة الناجية لأنها التي تكون على ما كان عليه الرسول وأصحابه فهم لم يلتفتوا إلى أصحابه عليه السلام ولم يهتدوا بهديهم وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون الذين قرنهم الرسول عليه السلام فذكرهم مع اسمه وذكر سنتهم مع سنته في حديث العرباض بن سارية الذي فيه ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ... ) إلى آخر الحديث، الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أمته أن من سيعيش من بعده فسيرى اختلافا كثيرا ؛ فما هو الضمان ؟ وما هو المخرج من الخلاف الكثير الذي كان ولا يزال الآن يشتد في هذا الزمان ؟ العصمة وضعها الرسول عليه السلام بين أعيننا في هذا الحديث بقوله : ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ... ) إلى آخر الحديث، إذا العصمة تمام العصمة ليس هو التمسك فقط بالسنة بل وبما كان عليه السلف الصالح ، لو نظرنا اليوم إلى كل الفرق الإسلامية القائمة اليوم على الأرض الإسلامية كما قلت آنفا قديمها وحديثها لوجدناهم جميعا يجمعون على الكتاب والسنة ولكنهم يخالفوننا في الرجوع إلى السلف الصالح ، إذا هذا هو الحكم الفصل بين من كان على السنة حقيقة وبين من كان منحرفا عنها ، ولو أنه كان يدعيها ذلك أن العصمة عند الاختلاف كما هو صريح هذا الحديث إنما الرجوع إلى ما كان عليه الصحابة بعامة والخلفاء الراشدون بخاصة ، هذا هو العلم النافع ؛ خلاصة ذلك أنه لا يكون علما نافعا إلا إذا كان معتمدا على الكتاب وكان تفسير الكتاب على السنة ، وكانت السنة صحيحة غير ضعيفة ، وأخيرا اعتمادا في فهمهما الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الصالح ولذلك نجد الفرق القائمة اليوم كلها نجدها لا صلة بينها وبين سلفها الأول مهما كان سلفهم لأنهم ليس عندهم من الكتب ما يروي لهم الأحاديث الصحيحة أو بعبارة موجزة ما يروي لهم هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل شؤون حياته كما قال عليه السلام : ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) هذا العلم ، هذا العلم الجامع النافع لا يوجد عند كل الفرق الإسلامية فضلا عن أن يوجد عندهم من الكتب والآثار ما يصلهم بالسلف الصالح وما يدلهم على ما كانوا عليه لكي يقتدوا بهم تنفيذا لقوله تعالى المذكور آنفا (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ... )) ، فالله عز وجل في هذه الآية يأمر باتباع سبيل المؤمنين ويحذر من مخالفة سبيل المؤمنين ويعتبر مشاققة ومخالفة سبيل المؤمنين مشاقة للرسول عليه الصلاة والسلام كل الفرق لا سبيل لها أن تعود في فقهها للكتاب وللسنة إلى ما كان عليه السلف الصالح ؛ إذا العلم النافع هو القرآن المفسر بالسّنة والسّنة الصحيحة وكلاهما مفسر بما طبقه سلفنا الصالح ولكي نعرف ما كان عليه السلف الصالح فيجب أن يكون عندنا كتب تروي لنا آثار السلف كما تروي لنا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ، ... .

مواضيع متعلقة