ذكر الشيخ لعلامة الفرقة الناجية التي تميِّزها عن غيرها من الفرق وهي منهج السلف الصالح وفهمهم من الصحابة فَمَن بعدهم من القرون المُفضَّلة ، والاستدلال على ذلك ببعض النصوص ، وبيان أن العصمة في اتباع الكتاب والسنة في اتباع هذا المنهج . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر الشيخ لعلامة الفرقة الناجية التي تميِّزها عن غيرها من الفرق وهي منهج السلف الصالح وفهمهم من الصحابة فَمَن بعدهم من القرون المُفضَّلة ، والاستدلال على ذلك ببعض النصوص ، وبيان أن العصمة في اتباع الكتاب والسنة في اتباع هذا المنهج .
A-
A=
A+
الشيخ : ... فالفرقة الناجية عَلَمُها ليست فقط كما يدَّعي جماعات أخرى في هذا الزمان ومن قبل هذا الزمان ، هذه الفرقة ليست علامتها فقط أنها تنتمي إلى العمل بالكتاب والسنة ؛ فإنَّ هذا الانتماء لا يستطيع أحدٌ من المسلمين ولو كانوا من الفِرَقِ الخارجة عن الفرقة الناجية ، لا تستطيع أيُّ فرقة من تلك الفرق قديمًا أو حديثًا أن تتبرَّأ من الانتماء إلى الكتاب والسنة ؛ لأنَّها إن فعلت فقد رفعت علمَ الخروج عن الإسلام ؛ ولذلك فكلُّ الجماعات الإسلامية وكلُّ الفرق الإسلامية ؛ هذه الفرق التي ذكرها الرسول - عليه السلام - أو أشار إليها في الحديث السابق كلُّها تشترك على كلمة واحدة ؛ ألا وهي الانتماء إلى الكتاب والسنة ، أما الذين أشرنا إليهم في مطلع هذه الكلمة من السلفيين وغيرهم ممَّن ينحَون منحاهم ، وقد يتسمّون بغير هذا الاسم ؛ فهؤلاء يختلفون عن كلِّ الطوائف الإسلامية الأخرى بأنهم ينتمون إلى شيء آخر ؛ هذا الشيء الآخر هو العصمة من الخروج عن الكتاب والسنة باسم التمسُّك والكتاب والسنة ؛ ألا وهو التمسُّك بما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من المهاجرين والأنصار والذين اتَّبعوهم من أتباعهم وأتباع أتباعهم ؛ ألا وهم القرون المشهود لهم بالخيريَّة في الحديث الصحيح ، بل الحديث المتواتر الذي قاله رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ ألا وهو : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) .

فاتباع هؤلاء الجيل الأول جيل الصحابة الأنور الأطهر ، ثم (( الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ )) ، هؤلاء لا بد لكلِّ مَن أراد أن يكون من الفرقة الناجية لا بدَّ أن ينتمي إلى العمل بما كان عليه هؤلاء الصحابة والتابعون وهم السلف الصالح الذين نحن نقتدي بهم ، وليس هذا الأمر من وجوب الاقتداء بهؤلاء السلف الصالح بالأمر المُبتدع ، بل هو الأمر الواجب الذي جاءت الإشارة إليه بل التَّصريح به في مثل قوله - تبارك وتعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، فالله - تبارك وتعالى - قد ذكر في هذه الآية تحذيرًا شديدًا عن مخالفة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ومشاقَقَتِه ، ثم عطف على ذلك فقال : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) ، ولا شك أن هذا المؤمنين الذين حذَّر الله - تبارك وتعالى - الناس من المسلمين أن يُخالفوا سبيل المؤمنين لا شكَّ أن هؤلاء إنما هم الذين ذُكروا في الآية السابقة من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ؛ فقد رضي الله عنهم ورضوا عن ربِّهم ، ذلك هو المعيار الذي يفرِّق بين المسلم الذي ينتمي بلسانه إلى الكتاب والسنة ، ثم قد يُخالف الكتاب والسنة حينما لا يرجع إلى العصمة من مخالفة الكتاب والسنة ؛ ألا وهو التمسُّك بما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأنتم الآن أمام نصٍّ من الآية ومن الحديث الصحيح ، ذكرت الآية سبيل المؤمنين ، وذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه كما ذكر سنَّة الخلفاء الراشدين في الحديث الآخر الصحيح الذي رواه جماعة من أصحاب السنة ، منهم أبو داود والترمذي والإمام أحمد وغيرهم ؛ عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : وَعَظَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : أوصِنا يا رسول الله . قال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن وُلِّيَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ ، وإنه من يعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنَّواجذ ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور ؛ فإن كل بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) . وبالحديث الآخر : ( وكل ضلالة في النار ) .

فتجدون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث - أيضًا - عَطَفَ سنَّة الخلفاء الراشدين على سُنَّته - عليه الصلاة والسلام - ؛ فهذا الحديث يلتقي مع حديث الفرقة الناجية ، ويلتقي مع قوله - تعالى - في الآية الثانية ؛ ألا وهي قوله - تبارك وتعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ؛ ولذلك فلا يجوز للمسلم باسم اتِّباع الكتاب والسنة أن يتَّبع آراء أو أقوالًا تُخالف ما كان عليه سلفنا الصالح ؛ ذلك لأنَّ ما كانوا عليه هو تبيانٌ للكتاب والسنة ، وأنتم تعلمون جميعًا أن السنة هي بنصِّ القرآن الكريم تبيانٌ للقرآن الكريم كما قال الله - تبارك وتعالى - مخاطبًا شخصَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، فكما أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تولَّى بيان القرآن بسنَّته ... .

مواضيع متعلقة