ما الفرق بين منهج التبليغ ومنهج السلفيين ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما الفرق بين منهج التبليغ ومنهج السلفيين ؟
A-
A=
A+
السائل : ما الفرق بين جماعة التبليغ والسلفية ؟

الشيخ : جماعة التبليغ وإيش ؟

السائل : السلفية .

الشيخ : السلفية ؟

سائل آخر : إي نعم .

الشيخ : شتَّان ما بينهما ! قد قيل قديمًا : " أين الثريا من الثرى ؟ وأين معاوية من علي ؟ " ، جماعة التبليغ لا يَدعون إلى اتِّباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، بل قد يحاربون هذه الدعوة كما يُحاربها كثير من الجماعات الأخرى ، بزعم أنها تُفرِّق ولا تجمِّع ، إنما هم يدعون إلى التخلُّق ببعض الأخلاق الإسلامية - وهذا بلا شك من محاسنهم - ، فكثيرون منهم نعرفهم بأشخاصهم في بعض البلاد الإسلامية مخلصون ، ولكنَّهم ما عرفوا الطريق التي توصلهم إلى الله - تبارك وتعالى - ؛ ألا وهو طريق الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ، إنهم يشرحون لأتباعهم معنى الكلمة الطيبة على نحو ولو موجز كما ذكرت آنفًا ؛ لأن ذلك ينافي واقعَ كثير من جماعة التبليغ في بعض البلاد الإسلامية .

هنا أريد أن أذكر شيئًا من تجربتي : جماعة التبليغ كجماعة الإخوان المسلمين من جهة واحدة ، وهي أن دعوة جماعة التبليغ هي كدعوة الإخوان المسلمين ، - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - وكل دعوة تنتمي إلى الإسلام - أهلًا - لا يمكن لأيِّ جماعة على وجه الأرض - من المسلمين الذين يصلُّون صلاتنا ويستقبلون قبلتنا - لا يمكن لأحد من هؤلاء أن يُنكر أن يكون على الكتاب والسنة ؛ فكلُّهم يدَّعون أنهم على الكتاب والسنة ، لكن الفرق أن بعضهم يدَّعي ويجتهد في فهم الكتاب - وعليكم السلام ورحمة الله - ويجتهد كلَّ جهده في فهم الكتاب والسنة ، ثم في تطبيق هذا الفهم على نفسه وعلى ذويه ومن حوله ، ثمَّ على إشاعته في العالم الإسلامي كلِّه ، وهذا الوصف لا يصدق إلا على جماعة واحدة ينتمون فعلًا إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، ويُعرفون بأسماء متعددة ، كلها تؤدِّي إلى حقيقة واحدة هي الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة ، في بعض البلاد يسمون بالدعوة دعوتهم بالدعوة السلفية ، في بعض في بلاد أخرى يُسمون - المنتمون إليها - بأهل الحديث ، أو يُسمون بأنصار السنة ، هؤلاء فقط هم الذين يُحقِّقون هذا الانتماء إلى الكتاب والسنة ، والعمل بما جاء فيهما ، وعلى منهج السلف الصالح في حدود استطاعتهم ، أما الجماعة الأخرى ؛ فليس لهم من هذه الدعوة إلا الاسم ، فكلُّهم يقول نحن على الكتاب والسنة ، ولا يستطيع أحد أن يتبرَّأ من الكتاب والسنة ، وإلا ؛ خرج من دائرة المسلمين .

فالإخوان المسلمون - مثلًا - يختلفون من إقليم إلى آخر ، فتجد بعضهم مذهبيِّين أو صوفيِّين ، وتجد - أحيانًا - منهم سلفيين في العقيدة ، كذلك جماعة التبليغ تمامًا ، وهذا شيء أعرفه في كلٍّ من الجماعتين معرفة شخصية ، من كان فيهم موحدًا أو سلفيَّ العقيدة لن تأته هذه العقيدة من الجماعة التي ينتمي إليها ، فالإخوان المسلمون ليس لديهم عقيدة موحَّدة يوجبونها على كلِّ فرد من أفراد الجماعة ، كذلك جماعة التبليغ ليس عندهم شيء من هذا إطلاقًا ، ولهذا تجد كلًّا من الجماعتين خليط من الناس من مختلف المذاهب ، فتجد في الإخوان المسلمين : ( الحنفي ، والشافعي ، والمالكي ، والحنبلي ، والأشعري ، والماتريدي ، والصوفي ) ، وقد أدركنا زمنًا حينما كانت قائمة الإخوان المسلمين قائمةً وقويَّةً في مصر كان في مكتبهم الخاص في الإدارة بعض الشيعة ، فهم إذًا يُجمِّعون في دائرتهم كلَّ مسلم دون تفريق بين من كان إسلامه صحيحًا وبين من كان إسلامه منحرفًا .

كذلك جماعة التبليغ هم يهتمُّون فقط بوعظ الناس وتأديبهم بالصدق ، والبعد عن الكذب ، وأداء الأمانة ، والمحافظة على الصلاة في المساجد ، هذه أشياء حسنة بلا شك ، لا أحد يخافهم فيها ، لكن تجد فيهم كما ذكرنا عن الإخوان المسلمين ( الحنفي ، والشافعي ، والمالكي ، والحنبلي ، والماتريدي ، والأشعري ، والصوفي المتوسط المعتدل ، والصوفي الغالي الذي وقع في القول بوحدة الوجود ، ونحو ذلك ) لماذا ؟ لأن هاتين الجماعتين ليسَ لهم منهج علمي يدعون الناس إلى اتِّباعه كما هو الشأن في الجماعات التي قلنا عنهم إنهم يعرفون بأسماء ، لكن دعوتهم - كما قال ابن القيم - رحمه الله - في بعض أشعاره اللطيفة - :

" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويهِ

ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيهِ

كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرًا من التعطيل والتشبيهِ "

فكل من يخالف هذا المنهج السلفي من الجماعات الأخرى فإن وجد في بعض أفرادها شيءٌ من هذا المنهج الصحيح ؛ فقد جاءتهم من غيرهم ، ولم تنبع من دعوتهم ، هذا الذي نعرفه ، وهذا يختلف باختلاف كل البلاد التي يخرج فيها هؤلاء الجماعات للدعوة ، فإن كانت البلاد بلاد اشتهر فيها التوحيد ؛ فجماعة التبليغ والإخوان السملمون يكونون على شيء من الفهم للعقيدة الصحيحة ، أما ما يتعلق بالجمود على المذهب ؛ فكلٌّ منهم راضٍ وقانع بما عليه من المذهب دون أن يتمكَّن من معرفة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في عباداته ومعاملاته .

هذا ما يُمكنني الآن أن أقوله بالنسبة لذاك السؤال . - وعليكم السلام ورحمة الله - .
  • فتاوى رابغ - شريط : 2
  • توقيت الفهرسة : 00:41:32
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة