الرد على المعتزلة و الجبرية في القدر وبيان معنى القدر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرد على المعتزلة و الجبرية في القدر وبيان معنى القدر .
A-
A=
A+
الشيخ : الناس اليوم ينكرون هذا الكتاب ويتوهمون شيئا آخر وهو الذي وقع فيه المعتزلة أن القدر الإلهي هو العلم الإلهي بينما القدر ليس هو العلم الإلهي كالكتابة ؛ القدر مشتق من التقدير من تفصيل كل شيء ووضعه في مكانه اللائق به ؛ فالقدر الإلهي هو فعل الإله عزوجل لكن حسب العلم الإلهي الأزلي ؛ كذلك الكتابة كتب كل شيء في اللوح المحفوظ كما جاء في الحديث الصحيح لما خلق الله القلم ( أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال ما أكتب ؟ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيمة ) ، هذه عقيدة المسلمين كافة إلا المعتزلة يقولون لا قدر ولا كتابة ؛ إذا ليس فقط إلا العلم الإلهي ؛ الحقيقة أنهم حينما يؤمنون بالعلم الإلهي من جهة يجعلهم في دائرة الإسلام لكن من جهة يخرجون عن الإيمان كما قلنا آنفا بعض الخروج بإنكارهم التقدير الإلهي والتسطير الإلهي والكتابة الإلهية ؛ لكن من عجائب عقولهم أنهم ما استفادوا شيئا من تعطيل هذه النصوص التي قصدوا بهذا التعطيل تخليص جماهير الجبريين من الجبر ، ما استفادوا شيئا لماذا ؟ لأن الذي قدره الله وفق علمه ، ولأن الذي كتبه الله هو وفق علمه ؛ فإذا بزعمهم الجبر لا يزال ملازما لهذا الإنسان المخلوق ، إذا رفعنا الآن من أذهاننا كما يريد المعتزلة لا كتابة ولا قدر ، طيب ألم يسبق في علم الله أن فلانا من أهل النار ، مثلا أن إبليس هو في أسفل الدرك من النار ؟ نعم سبق في علم الله ؛ طيب هل يستطيع أن لا يفعل ذلك ؟ نفس الشبهة هم يريدونها على أهل السنة حينما يقولون بالقدر ويقولون بالكتابة ، الشبهة واردة عليهم أيضا لأن الكتابة لا تزيد على أكثر مما في العلم الإلهي بلا تشبيه ولا تشبيه ؛ إنسان منا عنده فكرة جاء وكتبها ، هالكتابة هي ما زادت على ما في فكره وفي عقله ، فهي تبقى هذا الفكر فما أدت بشيء جديد إلا لماذا يكتب أحدنا الآن ليبين للناس الحقيقة التي في مخه بلا تشبيه ربنا عز وجل أراد أن يبين ما سبق بعلمه ، فقدر كل شيء وكتب كل شيء وذلك لتأكيد أن الله عز وجل على كل شيء قدير ؛ إذا الجواب لإبطال شبهة الجبر ليس هو بانكار الكتابة والقدر وإنما بأن نلاحظ شيئا واحدا وهو أن ندرس طبيعة هذا الإنسان الذي خلقه ربنا عزوجل في أحسن تقويم هل هو فعلا مجبور ، أو بالتعبير العامي مسير مو مخير ؟ الجواب لا يصح أن نقول كما يقولون الإنسان مسير مو مخير ، ولا يصح العكس أيضا أن نقول إن الإنسان مخير مو مسير وإنما نقول إنه تارة يكون مسيرا أي مجبورا وتارة يكون مخيرا مختارا ؛ فلا نطلق لا سلبا ولا إيجابا ، لا نقول كما تقول العامة مسير مو مخير ، ولا العكس نكاية بالعامة ونقول لا هو مخير مو مسير ؛ لأن الواقع يشهد أن الإنسان تارة مسير وتارة مخير بدليل حينما يكون الإنسان في أي شيء ما صدر منه لوحظ في ذلك أنه كان مجبورا كان مسيرا من الغير وهو رب العالمين ولم يكن مخيرا ، هل عليه مسئولية عند الله تبارك وتعالى ؟ الجواب لا مسئولية ؛ لماذا ؟ لأنه ثابت كتابة وسنة وعقلا أن مسئولية وجبر لا يجتمعان كما قال الجبري المقيت واصفا ربه عز وجل بما لا يصح أن نصف به جبارا ظالما مبيرا ، قال في الله واصفا علاقة العبد مع ربه: " ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له إياك إياك أن تبتل بالماء " ، هكذا الإنسان مع رب الأنام ؟ حاشا لله عز وجل ، قال بصريح القرآن: (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أراد الحج فليتعجل ومن أراد أن يضحي ودخل عليه عشرة ذو الحجة فلا يأخذن من شعره وظفره ) إلى غير ذلك من النصوص ؛ إذا الإنسان له إرادة له اختيار ، فإذا سلبت منه هذه الإرادة رفع عنه التكليف وإذا ثبتت هذه الإرادة وهذا الاختيار ترتب من ورائه التكليف ؛ فإذا الإنسان تارة يكون مسيرا تارة يكون مخيرا ؛ الذي يقتل إنسانا خطأ هذا مسير ، رمى عصفور رمى غزال رمى أرنب راحت الرصاصة وصابت وراء الأكمة مزارع يعمل في الأرض ، هذا قتل خطأ ، لا يقول لهذا الإنسان رب العالمين لماذا قتلت فلانا ؛ لأنه غير مختار ؛ وعلى العكس من ذلك الذي يريد قتل زيد من الناس ويتخذ الأسباب ويعزم على قتله ويقتله كما يقولون اليوم في لغة المحامين عن سابق أيش تصور وتصميم. نعم؟

السائل: إصرار وترصد

الشيخ: هذا يستوي مع ذلك ؟ لا يستويان مثلا ، هذا سيقول رب العالمين لم قتلت فلانا ؟ ولم عزمت على قتله ؟ وسيحاسبه حسابا عسيرا جدا ؛ فكل نصوص الشريعة فضلا عن العقل الفطري السليم يحكمان معا على أن الإنسان تارة يكون مختارا وتارة مجبورا ؛ فلما يجي الجبري ويقول لا قدر ، كيف لا قدر يا أخي هذا الذي أرغم قتل إنسان خطئا ، هذا هو القدر ؛ لكن أين الذي قتل الإنسان بإرادته وبسابق تصوره ، هذا أيضا بقدر ؛ لكن الذي أردت بهذه الأمثلة أن أقول كتب الله على فلان هكذا في اللوح المحفوظ وفق العلم الإلهي كتب الله إبليس أنه سيكون في أسفل السافلين ، في الدرك الأسفل من النار لماذا ؟ لأنه يؤمر بالسجود وهو مستطيع فيستكبر على أمر ربه ويقول ناسبا إلى الله الظلم (( أأسجد لمن خلقت طينا )) ؟ إذا هو لا يسجد وباستطاعته أن يسجد فإذا كتب من أهل النار بل أشقى أهل النار ؛ لكن على العكس الآن ترجع لموضوع المعتزلة الذي مات في القطب الشمالي أو القطب الجنوبي ولم يبلغ لم يطرق سمعه شيء اسمه دين الإسلام ، أو إنسان اسمه محمد بن عبد الله نبي الإسلام ما طرق سمعه فعاش يعبد الأصنام التي كان يعبدها أهل الجاهلية الأولى هل هذا يقال له يوم القيمة لم كفرت ؟ لا ؛ قال تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) هذا باب واسع جدا ؛ ولذلك فلا أريد أن أذهب بعيدا عن السؤال فالمعتزلة وكل الفرق الضالة إذا ضلوا سواء السبيل وظلوا مع المسلمين يقومون بالواجبات الدينية فهم ضالون ولا شك ولكن لا نخرجهم من دائرة الإسلام إلا بعد إقامة الحجة عليهم ؛ فإذا أقيمت الحجة عليهم فهناك أمران اثنان : أمر يتعلق برب العالمين ، ونحن ما ندري ماذا سيكون عاقبة أمره عند الله ؛ وأمر يتعلق بحاكم المسلمين ، حاكم المسلمين هنا يظهر أهمية الحكم بالإسلام ، يؤتى بهذا الإنسان إليه ويؤتى ببعض علماء المسلمين ويقيمون الحجة عليه فإذا أصر على ضلاله بعد أن تبينت له حجة الله عليه قتلوه ردة ، قتلوه ردة لأنه كفر فعلا وأقيمت الحجة عليه ؛ أما إنسان لم يتح له مثل هذه الفرصة أن تقام عليه الحجة فنحن نكتفي وبخاصة بالنسبة للماضيين المعتزلة والخوارج والجهمية والمرجئة إلى آخره ، نقول أمرهم إلى الله فمن يعلم الله عز وجل بأنه كابر وجحد فحسبه جهنم ومن يعلم الله عزوجل بأنه ما جحد شيئا وهو يؤمن بحقيقة الأمر هذا لا يحاسب محاسبة الكفار ، يجوز أن يحاسب أنه قصر ما سلك الطريق يلي يوصله لمعرفة الحق ؛ فحينئذ ربنا عز وجل هو حسيبه ؛ أما نحن فلا نخرج مسلما من دائرة الإسلام مهما كان ضالا إلا بعد إقامة الحجة . هذا جواب آخر جواب .

مواضيع متعلقة