شرح سند حديث : من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة والرواية الأخرى ..... - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح سند حديث : من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة والرواية الأخرى .....
A-
A=
A+
الشيخ : أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...

فقد مر معنا في الدرس الأخير حديث في فضل تغسيل الميت ودفنه ومرَّ بنا في ذلك روايتان تتعلقان في أن من غسل ميتاً وكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة في الرواية الأخرى ليس فيها تصريح كبيرة وإنما قال أربعين مرة وقلنا ليلة إذٍ بأننا لم نتنبه لهذا الفارق لنحقق في الرواية هل كل منهما صحيح في نفسه فيوفق كما ذكرنا أو إحداهما هي ثابتة والأخرى ضعيفة وعدتكم أن آتيكم بالجواب في هذا الدرس وقد يسر الله عز وجل ها أنا فاعل

الحديث هنا من حيث الرواية الأولى وهي قوله فكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة يقول رواه الطبراني في الكبير ورواته محتج بهم في الصحيح أما رواية غفر الله له أربعين مرة فعزاها للحاكم في المستدرك وقال الصحيح على شرط مسلم فبطبيعة الحال رجعت إلى هاذين المصدرين ، المصدر الأول معجم الطبراني الكبير الذي روى الرواية الأولى بلفظ أربعين كبيرة فوجدت السند كما قال المؤلف رجاله رجال الصحيح ولكن وأنا الآن في صدد وضع مقدمة فيها شيء من البسط لبعض القواعد الحديثية الأصولية وبخاصة منها ما كان لها علاقة بهذا الكتاب على أساس أنني في صدد طبع القسمين من هذا الكتاب الأول صحيح الترغيب والترهيب والآخر ضعيف الترغيب والترهيب فأنا في صدد وضع المقدمة لهاذين الكتابين فذكرت هناك بأن المصنف حينما يقول فيما رواه الطبراني رجاله رجال الصحيح وكذلك يفعل الحافظ نور الدين الهيثمي في كتابة مجمع الزوائد ومنبع الفوائد يفعل كما يفعل المنذري في الترغيب وأيضاً بخصوص هذا الحديث قال كما قال المنذري رجاله رجال الصحيح فيجب أن نتنبه لنقطة مهمة ها هنا وهي أننا كلما رأينا المنذرية والهيثمية وأمثالهما من الحفاظ يقولون في مثل رواية الطبراني هذه أو غيرها رجالها رجال الصحيح يجب أن نتذكر الحقيقة الآتية وهي أن هذا من باب التغليب رجاله رجال الصحيح من باب التغليب بينما المفروض أن يكون من باب العموم والشمول

أعني رجاله رجال الصحيح إلا الشيخ الطبراني هذا قاعدة مضطردة لماذا ؟ لأن الشيوخ الطبراني ما أدركوا الطبقة التي هي طبقة شيوخ الشيخين البخاري ومسلم هم دون ذلك في الطبقة في العصر في السند فجرى اصطلاح فيه شيء من التسامح مع الأسف أنهم حين يقولون رجاله رجال الصحيح ينظرون إلى أدنى رجل في السند في مثل سند الطبراني هو من شيوخ البخاري ومسلم أو أحدهما وما فوق فيقولون رجاله رجال الصحيح أما ما دون ذلك فلا يدخلونه في مثل هذا التعبير رجاله رجال الصحيح أوضح من هذا ما يخرِّجه الحاكم في المستدرك الحاكم متأخر طبقة عن الطبراني مع ذلك هو نفسه بخرج مئات الأحاديث ويقول فيها إسناده صحيح على شرط الشيخين إسناده صحيح على شرط البخاري إسناده صحيح على شرط مسلم ويعني ما دون شيخ الحاكم بل وما دون شيخ شيخ الحاكم هذه نقطة مهمة جداً أحياناً ، وأحياناً تكون من باب الشكليات في الحالة الأولى كثيراً ما يطلقون هذا القول ويكون شيخ الطبراني بل شيخ الحاكم الذي روى الحديث عن أحد شيوخ الشيخين يكون غير ثقة يكون غير محتج به حين إذٍ ماذا يفيدنا أن يقول القائل منا رجاله رجال الشيخين رجاله محتج بهم في الصحيحين ما دام ما دون السلسلة التي هي من رجال الشيخين ولو شخص واحد ضعيف أو مجهول أو نحو ذلك من العلل والمطاعن

لذلك خذوها قاعدة كلمَّا رأيتم مثل هذا القول فلا تتوهموا أولاً أنه هذا السند صحيح لأسباب كنا ذكرناها مراراً أنه رجاله رجال صحيح معناها رجاله رجال ثقات لكن ممكن يكون في علل أخرى والانقطاع والتدليس ونحو ذلك ولا أريد طبعاً الخوض في هذا الآن ولكن يكفيني ما نحن الآن فيه وهو أنه إذا قال رجال الصحيح رأساً استحضروا ترى ؟ ما حال شيخ الطبراني ما حال شيخ الحاكم وشيخ شيخه أيضاً لا بد من المراجعة فالذي فعلناه الآن رجعنا إلى معجم الطبراني الكبير لا سيما وقد طبع المجلد الذي فيه هذا الحديث والحمد لله أما الحاكم فموجود عندنا منذ القديم

الحديث مدار الطرق عند الطبراني وعند الحاكم على رجل من رجال الشيخين ومن شيوخ الشيخين وهو عبد الله بن يزيد المقرئ المصري فهذا من شيوخ البخاري ومسلم وما فوقه كذلك من رجال الشيخين أو أحدهما فقال الحاكم إسناده صحي على شرط مسلم يعني المقرئ هذا فصاعداً أما ما دونه ما هم من شيوخ الشيخين كذلك الطبراني رواه الطبراني من طريق عن المقرئ والحاكم من طريقين عن المقرئ الطبراني الذي قال روايته أربعين كبيرة شيخه أولاً ليس من شيوخ الشيخين كما ذكرنا ثانياً لم نجد له ترجمة في كل ما عندنا من مصادر وهذا أقل ما يقال فيه أنه مجهول عندنا اسمة هارون بن ملول ، في النسخة المطبوعة عن البصري وفي ذهني من قديم أنه يكون المصري لا سيما وشيخه كما ذكرت لكم آنفاً مصري أيضاً

المهم هذا الرجل هارون بن ملول شيخ الطبراني الذي روى الحديث عن المقرئ هو الذي قال أربعين كبيرة الحاكم الذي رواه بلفظ أربعين مرة رواه عن شيخين ليس له بل هما من شيوخ شيوخه قال يعني شيخين عن المقرئ بلفظ أربعين مرة شو صار بقى عندنا ؟ عندنا روايتين أربعين كبيرة تفرَّد بها هارون بن ملول البصري أو المصري أربعين مرة شيخان من شيوخ الحديث روياه بهذا اللفظ لو كان هارون بن ملول معروف بالثقة والعدالة والضبط لقلنا أنه شاذ لأنه خالف ثقتين والحديث الواحد إذا جاء على وجهين مختلفين لا بد حين ذلك من الترجيح وطريق الترجيح أن يقال إذا كان المخالِف ثقة والمخالَف أوثق أو أكثر قيل في الرواية المخالفة رواية شاذة وإذا كان المخالف ضعيفاً أو مجهولاً قيل في روايته أنها نكرة لأنها خالفت الرواية الصحيحة خلاصة القول بعد هذا البيان والتوضيح قد يستفيد الكثيرون منكم إن شاء الله رواية أربعين كبيرة ضعيفة ورواية أربعين مرة هي الرواية الصحية فليكن هذا منكم على بال وليسجل هذا من يهمه التسجيل في هامش الكتاب .

مواضيع متعلقة