الترغيب في الصبر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الترغيب في الصبر .
A-
A=
A+
الشيخ :

صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في

النار إنتهى درسنا الأخير بالتعليق على الشطر الأول من الحديث الأول من باب الترغيب في

الصبر ولا بد من متابعة التعليق على بقية هذا الحديث وقبل ذلك لا بد من إعادته على مسامعكم

قال المؤلف رحمة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله عله وسلم الطهور

شطر الإيمان والحمد الله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء

والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس

يغدو اثائر نفسه فمعتقها أو موبقها رواه مسلم .

تكلمنا في الدرس الماضي حتى جملة سبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء

والأرض وقد قال العلماء في هذه الجملة تملأ ما بين السماء والأرض لو افترض أن ثوابها

يوزن بالميزان ولو قلنا حجم فهي من الضخامة والعظمة من حيث أنها تملأ ما بين السماء

والأرض ثم قال عليه الصلاة والسلام :

والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء : الصلاة نور على اعتبار أنها كما وصفها ربُنا

تبارك وتعالى بالقرآن : {ان الصلواة تنهى عن الفحشاء والمنكر45}-العنكبوت-

فهي تهدي صاحبها الى أن يعمل ما فرض الله عليه وأن ينتهي عن ما حرم الله عليه فهي نور

بهذا الإعتبار وهنا نكتة لعلنا نسطيع أن نقول بأن العلم اليوم إكتشف هذه النكتة اللتي لم يكان

في وسع الناس سابقاً أن يعرفوها ذلك أن النبي عليه السلام ذكر في هذا الحديث أن الصلاة نور

وقابل الصلاة بالصبر فقال والصبر ضياء ويظن كثير من الناس أن لفظة النور والضياء لفظان

مترادفان فسواء قلت من حيث المعنى الصلاة نور أو ضياء وكذلك سواء قلت الصبر نور أو

قلت ضياء فاللفظ مختلف والمعنى متحد هكذا يطن بعض الناس لكن هناك من علماء اللغة من

نص على أن الضياء أقوى من النور وهذا ما يُشير إليه القرآن الكريم حينما قال : {وجعل

الشمس ضياء والقمر نورا5} يونس .

فهذا شاهد قوي لذاك الإمام اللغوي الّذي أفادنا بأن الضياء أقوى من النور ذلك لأنه قد ثبت اليوم

وذكر هذا بعض العلماء المفسرين المعاصرين في تفسير الآية السابقة قالوا النكتة في أن الله عز

وجل وصف الشمس بأن الله تبارك وتعالى جعلها ضياء والقمر نوراً لأن القمر يكتسب نوره من

الشمس فالشمس هي الّتي تمد كثيراً من الكواكب منها كوكبنا الأرضي ومنها القمر لذلك فكان

من إعلام الله عز وجل للناس كآية فلكية طبيعية لهذا النبي الأمي الكريم أن الله عز وجل أعلمه

بهذه الحقيقة الّتي لم تعرف إلا في العصر الحاضر ألا وهي أن القمر إنما يكتسب نوره من

الشمس لذلك وصف أن القمر نور والشمس ضياء فأنا أقول فهماً من عندي كأن الرسول عليه

السلام كان الرسول يقتبس هذا المعنى الظاهر بين النور وبين الضياء إما وصف الصلاة فقال

إنها نور ووصف الصبر فقال إنه ضياء ذلك لأن الصبر هو أساس كل الأعمال اللتي يتمكن به

المؤمن أن ينهض وأن يقوم بكل ما فرض الله تبارك وتعالى عليه ولذلك لما ذكر الله عز وجل

بعض الواجبات قال : {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} ! ما أردت هذا وإنما {واستعينوا

بالصبر والصلوة } .

فالإستعانة بدأ بالصبر فيها كما أنه هنا الصبرـ والصبر ضياء وهو أقوى من النور وصف

الصلاة بأنها نور لأن الصلاة إنما يستمد المصلي القيام بها من الصبر الذي أودعه الله تبارك

وتعالى فيها فالصلاة هنا الخشوع يستمد من الصبر الّذي أودعه الله تبارك وتعالى فيه في هذا

الحديث بدت لي ينبغي أن نتنبأ إلى أن وصف الصلاة بأنها نور والصبر بأنه ضياء ليس كما

يقال في كثير من المواطن والجمل والتعابير إنه من باب التفنن في التعبير ليس هكذا الأمر أدق

من ذلك وإنما هذا من العلم الإلهي الذي أوحى الله عز وجل به إلى النبي عليه الصلاة والسلام

قبل أن يتوصل البشر إلى اكتشاف هذا العلم بممارسته المديدة الطويلة فالصلاة نورعرفنا أنها

نور لأنها تهدي إلى الخير وتنهى عن المنكر كما سمعتم والصدقة برهان الصدقة عندما حينما

تطلق يمراد بها المفروض منها ولا مانع أن تفهم بالمعنى الأعم الّذي يشمل المفروض منها وما

ليس فرضا هذه الصدقة اعتبرها الرسول صلى الله عليه وآله والسلام برهاناً على ماذا ؟ على

صدق هذا المسلم بادعائه الإسلام لأن كثيراً من المسلمين يدَّعون أنهم مسلمون ولكن أعمالهم

تدل على أن إسلامهم إما أن يكون إسلاماً إسميا شكلياً محضاً وهؤلاء في الغالب لا يكون في

قلوبهم ذرة من الإيمان ، وإما أن يكون إسلامهم ناقصا بحيث أنه لا يتمكن من أن يهتدي بهذا

النور الّذي وصفه الرسول عليه السلام من قبل أولا يصلي ألا يقدم بين يديه نوراً يهتدي به

كذلك إعتبر الزكاة برهانا على صدق هذا المسلم وإخلاصه لربه عز وجل فالواقع أن الصلاة

وإن كانت من الناحية التشريعية أهم من سائر الأركان من بعد الشهادتين ولكن الواقع أن الزكاة

وإخراجها أشد على النفس لأن النفوس كما وصفها ربنا عز وجل في القران الكريم :

{وأحضرت الانفس الشح-} .

أي أن النفوس طبعت على الشح وعلى البخل ولذلك فلا بد للمسلم من أن يقدم برهانا على

إسلامه وأنه إسم على مسمى وذلك بأن يخرج زكاة ماله فلصعوبة إخراج الزكاة على النفس

نص الرسول عليه الصلاة والسلام بأن إخراج الزكاة برهان على صدق هذا المخرج للزكاة

بإسلامه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إنما كانت الزكاة برهاناً على صدقه بإسلامه من جهة

أخرى وهي أن الصلاة تصبح مع الإنسان عادة ولذلك تجد كثيراً من المصلين يصلون ولا

يصلون ، يصلون شكلاً ولايصلون حقيقةً وتأثراً بها أي إنهم لا يحصلون من ورائها الغاية الّتي

رمى الشارع الحكيم من وراء شرعية الصلاة وهي الآية السباقة الصلاة تنهى عن الفحشاء

والمنكر فلا يظهر هذا الأثر ولا تظهر هذه الغاية في كثير من المصلين لأنها صارت فيهم عادة

يصلون كشكل وكرسم أما الزكاة فأولاً هي لا تتكرر لأن المقصد الأول كما قلنا الزكاة مفروضة

فهي تجب عليه أن يخرجها في كل سنة مرة أو حينما تثمر الأرض كلما أثمرت ... بالتفاصل

المعروفة في كتب الفقه والحديث ولذلك ففي إخراج المسلم للزكاة في فترات أن تميل النفس في

هذه الفترة الّتي لم يخرج فيها الزكاة ولم تتطهر نفسه بها فقد يميل الى ما فطر عليه من الشح

والبخل فحينما يحين أوان إخراج الزكاة فلا بد من تجديد الجهاد أن يجاهد نفسه وأن يجاهد هواه

فيخرج زكاة ماله لتطهر بذلك نفسه أظن والله أعلم أن هذا هو السر في وصف الرسول عليه

السلام للصدقة بأنها برهان أي برهان على صدقه في إسلامه والصدقة برهان ، والصبر ضياء

حيث إن كل طاعة إنما تقوم بالصبر وكما سيأتي في بعض الاحاديث قريباً إن شاء الله إن خير

ما أعطي الإنسان هو الصبر والسر في هذا أن بالصبر يتمكن الإنسان من القيام بواجباته الدينية

وكلما كان صبره قويا ومتينا كل ما كان إسلامه قويا ومتينا والعكس بالعكس ثم قال عليه الصلاة

والسلام والقرآن حجة لك أو عليك كل مسلم يؤمن بالقرآن وتراني مضطراً أن الفت النظر

لأقول أرجو أن يكون كل مسلم يؤمن بالقرآن ، والسبب في هذا الأمل والرجاء هو أنني أعلم أن

علم الكلام دخل في نصوص كثير من علماء المسلمين فأفسد عليهم عقيدتهم فكلهم ينقلون وكلهم

مجمعون على أن القرآن كلام الله تبارك وتعالى وحينما يذكر العلماء المجاهدون حقاً

والصابرون على البلاء إنما يذكر في مقدمتهم الإمام أحمد رحمه الله ورضي عنه وما ذاك إلا

لأنه صبر في محنة القول بخلق القرآن هذه المحنة الّذي أبتلي بها قبل كل الناس الخليفة المأمور

إستطاع بعض علماء الكلام من المعتزلة أن يقنعوه بأن القرآن مخلوق والصلطة بيده فامتحن

العلماء وعذب منهم كثيرين وقتل منهم غير قليل وكان مِن ؤلئك الذين عذبهم الإمام أحمد رحمه

الله وسجن طويلاً وجلد وضرب بالسياط ضرباً كثيراً ليقول في قولتهم أن القرآن مخلوق فأبى

وصبر ثم الله عز وجل نجاه في صبره وانطلقت دعوته فعمت المسلمين إلا من كتب الله عليهم

الضلال وهم المعتزلة والطوائف من الفرق الإسلامية الأخرى فأثروا بهم تأثراً إعتقاديا

وخالفوا المعتزلة مخالفة شكلية لفظية وعلى هذا جماهير علماء اليوم مع الأسف الشديد يخالفون

المعتزلة في مسألة القرآن فالمسلمون يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق والمعتزلة يقولون

القرآن وهو كم كلام الله ، وكلام الله مخلوق فكثير من العلماء اليوم يوافقون المعتزلة في هذه

العقيدة لكن يخالفونهم في اللفظ وهنا المشكلة الكبيرة هذا القرآن الّذي نتلوه صباح مساء والّذي

جاء في فضله ما شاء الله من ثواب عظيم من ذلك قول نبيه الكريم من قرأ القرآن فله بكل حرف

عشر حسنات لا أقول : {الم} حرف . بل اقول (ا) حرف (ل) حرف (م) حرف .

فهؤلاء العلماء الّذين يوافقون المعتزلة في قولهم أن القرآن مخلوق ويخالفونهم في اللفظ يقولون

لا فالقران كلام ، وكلام الله غير مخلوق هكذا يقولون لا يقولون القرآن غير مخلوق فهم يفرقون

بين القرآن وبين الكلام الإلهي وهذا السر يعرفه من عرف الفرق بين المعتزلة وبين غيرهم من

هؤلاء الّذين التقوا مع المعتزلة في العقيدة واختلفو معهم في التعبير وفي اللفظ ذلك لأن الكثيراً

من هؤلاء العلماء الّذين نشير إليهم يذهبون إلى أن القرآن هو صحيح كلام الله لكنه كلام نفسي

أي إن الله لم يتكلم لم يقل يوما ما :{الم} ما قال هذا ولهم فلسفة خطيرة جداً يتورط من ورائها

أكثر طلاب العلماء ولست الآن في هذا الصدد فأريد أن أقول يجب أن نعتقد أن كلام الله عز

وجل صفة من صفاته وأن هذا القرآن هو من كلامه وأن الله عز وجل يتكلم متى ما شاء وكيف

شاء ومع من شاء وكل هذا الّذي نقوله الآن لا يؤمن به القائلون بأن القرآن كلام الله النفسي لذلك

أقول : قال الرسول عليه السلام القرآن حجة لك أو عليك فالقرآن كلام الله عز وجل كلاما حقيقيا

يليق بمكانته وعظمته فهذا القرآن حجة لك أوعليك نرجوا أن نكون جميعاً مؤمنين حقاً بأن

القرآن كلام الله عزوجل ، كلاماً حقيقياً يليق بجلاله وعظمته فيقول الرسول عليه السلام إن هذا

الكلام الإلهي القرآن الكريم إما أن يكون حجة لك وإما أن يكون حجة عليك وواضح هذا المعنى

في هذا التعبير النبوي الكريم أيها المسلم إذا آمنت بالقرآن حقا كما قلنا أولاً ثم عملت بما جاء في

القرآن بما يجب عليك العمل به فهو حجة لك يوم القيامة يدافع عنك ويشفع لك عند ربك كما

ثبت ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة وإن كانت الأخرى وهي أنك تؤمن بالقرآن أنه كلام الله

عزوجل ولكنك لا تعمل به فهو حجة عليك أي حين إذ هذا القرآن الّذي آمنت به ما استفدت منه

شيئا بل عاد عليك بينما كان المفروض أن يكون لك وأن يكون لصالحك فحينما آمنت به ولم

تعمل بنصوصه صار هذا القرآن حجة عليك لذلك فيجب أن نأخذ فقرة من هذا الحديث الصحيح

عبرة وهي أن نحرص على العمل بالقرآن الكريم وأن لا نقتصر على تلاوته فحسب لأن التلاوة

بالنسبة للعمل تجري مجرى الوسيلة إلى الغاية ، الإنسان يتوضأ ليصلي فإذا توضأ ولم يصلي لم

يفده هذا الوضوء شيئا فهذا معنى الوسيلة والغاية فالوضوء وسيلة للصلاة والصلاة هي الغاية

المقصودة من هذه الوسيلة فما قيمة الوسيلة إذا لم تتحقق الغاية من ورائها كذلك تلاوة القران

فإنما هو وسيلة ليفهم المسلم بهذه التلاوة ما أراد أعز وجل لله منه من عمل أو ترك أو إعتقاد

ولذلك لا يجوز الإقتصار أيضا على التلاوة دون فهم وإنما لا بد من الفهم لأننا أيضا نقول أن

التلاوة بالنسبة للفهم يجري أيضا مجرى الوسيلة بالنسبة للغاية ، المقصود من التلاوة هو الفهم

فإذا تلى المسلم القرآن ولم يعرج! ولم يحاول أبداً أن يفهم كلام الله عز وجل كذلك لم يستفد منه

شيئا وأقول شيئا مذكوراً لا أريد أن أقول أنه لا يستفيد شيئا مطلقا لا سيما بالنسبة للأعاجم

وأشباه الأعاجم من العرب الّذين تسربت إليهم العجمة فأصبحو يقرأون القرآن ولا يفهمونه بل قد

يفهمونه فهما ملبوسا كما هو الشاهد في كثير من المسائل الإعتقادية ومنها أن القرآن كلام الله

غير مخلوق فقد فهموه أن كلام الله غير مخلوق أما القرآن فهو مخلوق ذلك لبعدهم عن لغتهم

الأصيلة الّتي أنزل الله عز وجل بها كتابه وشرح نبينا صلى الله عليه وسلام بها هذا الكتاب

الكريم فالقرآن يجب أن يتلى بتفهم وتدبر وأن لا يقتصر على ذلك بل يجب العمل به بحدود

إستطاعة الإنسان لأن الله عزوجل يقول :{لا يكلف الله نفسا الا وسعها}.

أما فيما يستطيع أن يطبق وأن يعمل ثم هو لا يعمل فالقرآن الكريم حين إذ حجة عليه وليس

حجة له ومن هنا يظهر لنا سبب من أسباب تأخر المسلمين الظاهرة من ظاهرات تأخر المسلمين

نحن نجد المسلمين اليوم يطتبعون ملايين النسخ من القرآن الكريم ويتفننون في زخرفة هذه

النسخ المطبوعة تفننا عجيباً وغريباً جداً وكذلك يتفننون في تلاوة هذا القرآن وفي ترتيله على

قراءة وثتين وسبع وعشر وبأنغام يراعى فيها القوانين الموسيقية كل ذلك لتحقيق أمر نبوي

زعموا وهذا الأمرالنبوي صحيح لكن توسعو فيه أكثر مما أراد عليه السلام بمثل قوله زينوا

القرآن بأصواتكم فهم في سبيل تزيين هذا القرآن تفننو هذا التفنن الذي أشرنا إليه وانتشرت



المصاحف في المساجد بحيث صارت النسخ في بعض المساجد المقدسة مسجد مكة والمدينة

تكدس فيها المصاحف فلا يجدون سبيلاً لصرفها إلا بحبسها في المخازن الخاصة بحرقها

وإتلافها فهذا كله اشتغال بالوسيلة عن الغاية ولذلك هذه ظاهرة تدل على ما أصاب المسلمين

من ذل لأنهم عنوا من وسائل وخرقوا ونسوا الغايات هذا الإقبال الكثير على طبع القرآن

والزخرفة وتلاوته إلخ ... فأين الأعمال لا تجد العمل فيه إلا قليلاً وقليلاً جداً يموت الميت

فيتسارع الناس للإجتماع في المساجد وفي البيوت في اليوم الثالث في الاربعين في السنة ما

أدري هذه البدعة الّتي ما أنزل الله بها من سلطان يريدون أن يتلوا القرآن على روح الميت

ما شاطرين إلا بالتلاوة :

هذا الميت ماذا كان موقفه بالنسبة لمثل هذا الحديث هل يا ترى كان القرآن في قيد حياته حجة له

أم كان حجة عليه إن كانت الأولى فوالله لن يضره أن لا يقرأ على روحه الفاتحة أو قل هو الله

أحد أو آيه قصيرة لا يضره ذلك وإن كانت الأخرى لا سمح الله أي كان القرآن حجة عليه فلن

يفيده شيئا أبداً ولو إجتمع العالم الإسلامي الجعرافي البالغ عدده ثمان مائة مليون مسلم يقرأون

عليه الختمات ليلاً نهاراً فسوف لن يفيده شيء مطلقاً لماذا لأن القرآن الّذي نتلوه ليلاً نهاراً ثم لا

نتدبر فيه أو نفهمه ولكن لا نعمل به يقول : {ام لم ينبأ بما في صحف موسى ـ وابراهيم الذي

وفى ـ الا تزر وازرة وزر أخرى ـ وان ليس للانسان الا من سعى } . فهذه الختمات الّتي

تُقرأ على روح الميت هل من سعيه في شيء الجواب لا إذا هذه الختمات تذهب سدى لا يستفيد

منها ، أريد أن أقول شيئا قد يكون خطيراً بالنسبة لبعض الناس لا يفيد منها شيئا حتى القارئون

للقرآن ذلك لأنهم لا يقرئون هذا القرآن قرائة مشروعة كثير منهم لا يقرا ختمة قرآن إلا بثمن

مقطوع وسعر معروف معلن عنه في طرق عرفت في العصر الحاضر بالنسبة للأمور المادية

والبضائع تجارية فهؤلاء ليس لهم مما يتلونه من القرآن شيئاً أبداً لأن مما في القرآن :{وما أمرو

إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} .

وهذا الّذي يقرأ القرآن من أجل مئة ليرة خمسين ليرة أو أكثر أو أقل فهذا ليس له من هذه

القرائة الا التعب والنصب لأنه لم يقرأ لوجه الله عز وجل وإنما لوجه الدرهم والدينار فاذا ما

أخلص في ذلك فلا أجر له ولو أن الأمر هكذا فقط لكان الخطف سهلا لكن هذا الأجر الّذي

حرمه ينقلب عليه وزرا لأنه إبتغى في عبادة من عبادات شرعية غير وجه الله عز وجل

وهذا يقال له يوم القيامة إذهب وخذ اجرك ممن قرأت له ممن عملت له إلخ.. هذا بالنسبة

للذين يتلون القرآن بأجر أما الذين يتطوعون فأخشى لا أقطع لما قلت آنفا بالسبة للذين يقرؤن

بالأجر وإنما أقول أخشى أيضا على هؤلاء أن يرجعوا من تلاوتهم ... إثنين لماذا لأنهم

يجتمعون على إجتماع لم يكن من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا من هدي السلف

الصالح فيهم الأئمة الأربعة المجتهدون لقد مات في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفي

عهد الخلفاء الراشدين مئات الألوف من المؤمنين منهم من مات مجاهدا في سبيل الله ومنهم من

مات على فراشه سنة الله عز وجل في خلقه فهل إجتمع نفر منهم في كل هذه العهود عهود

السلف الصالح هل اجتمع نفر منهم في بيت من بيوت الله يقرؤون ختمة قرآن على روح هذا

المتوفى وفي بيت الميت أو بيت قريب الميت أيضاً يقرؤون القرآن على روحه كل ذلك لم يكن

وإذا كان الأمر كذلك فيرد هنا أول ما يرد الحديث الّذي أخرجه بخاري ومسلم في صحيحيهما

من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا

هذا ما ليس منه فهو رد إذا هذه التلاوة مادام أنها تليت على وجه غير مشروع فليس لهم أيضا

عليها من أجر هذا الّذي صرف إليه مسلمون واهتموا به فيجب علينا أن نتذكر ان الرسول عليه

السلام يذكرنا بمثل هذا الحديث والذكرى تنفع المؤمنين أننا يجب أن نعمل بالقرآن حتى يكون

حجة لنا وألا نخالف القرآن حتى لا يكون حجة علينا ثم أن الرسول عليه السلام ذكر في آخر

الحديث هذه الجملة حجة لك أو عليك قال كل الناس يغد فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها كل الناس

المنصرف لحياته فهو يبيع نفسه إما لله عزوجل و إما للشيطان فإذا باع نفسه فهو موبقها أي

مهلكها النار إذا باع نفسه لله عزوجل فقد أعتقها من النار وإن باع نفسه للشيطان وأتبع هواه فهو

موبقها أي مهلكها ورمى بنفسه في العذاب الأليم فنسأل الله عزوجل أن يجعلنا من الناس الّذين

يقرأون القرآن لوجهه ويتدبرونه ويتفهمونه على سنة نبيه ثم يعملون به ما استطاعوا إلى ذلك

سبيلاً والحمد لله رب العالمين .



مواضيع متعلقة