تتمة شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : ( ... يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : ( ... يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم ).
A-
A=
A+
الشيخ : نتابع قراءة الحديث والتعليق عليه بما يناسب الحال . قال : ( يا عبادي ، إني قد حرَّمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرَّمًا ؛ فلا تظالموا . يا عبادي ، إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب ولا أُبالي ؛ فاستغفروني أغفر لكم ) .

في هذه الفقرة من هذا الحديث القُدْسي إخبار الله - عز وجل - لعباده بواقعهم وأنهم يخطئون ليلًا نهارًا ، ولكن كأنه يقول لهم : لا تيأسوا ، لا تيأسوا مِن روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، لأن الله - عز وجل - يقول : وإن كنتم تخطئون في الليل والنهار لكني أنا أيضًا موصوفٌ بصفةٍ أخرى من صفات الجلال والكمال كما وُصف بالتنزه عن الظلم فهو وصف نفسه - تبارك وتعالى - بأنه يغفر الذنوب جميعًا كما في القرآن أيضًا ، ولكن يريد من عباده أن لا يركنوا ولا أن يتواكلوا على مغفرة الله - تبارك وتعالى - ، وإنما عليهم أن يقوموا بواجب عبوديتهم له وخضوعهم له ، مِن ذلك أن يطلبوا منه أن يغفر لهم ذنوبهم ، أي : إن المسلم حينما يتذكر الحقيقة المتعلقة بنفسه وهو أنه خطَّاء ليلًا ونهارًا ، ويتذكر حقيقة أخرى متعلقة بالله - تبارك وتعالى - وهي أنه يغفر الذنوب جميعًا ، فينغي على هذا العبد أن يُثبت تمام عبوديته لله - عز وجل - فيطلب منه أن يناله وأن يشمله بمغفرته - تبارك وتعالى - ، لذلك جاء في حديث آخر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : ( لو لم تذنبوا لَذهب الله بكم ، ولَجاء بقومٍ يُذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفر لهم ) . لما خلق هذا الكون ودبَّره وأحسن تدبيره كان مِن ذلك أن خلق الإنس خطائين ، لكن لا ليظلوا خطائين وإنما وتوابين ، خطائين وتوابين ، لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( لو لم تُذنبوا لَذهب الله بكم وجاء بقوم غيركم ) : ماذا يفعل هؤلاء ؟ ( يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) : لكن أنتم قد سددتم هذا الفراغ أي : أنكم تخطئون ، لكن عليكم أن تأتوا بالتتمة وهي أن تستغفروا الله - عز وجل - ليغفر لكم ، فقوله - تبارك وتعالى - في هذا الحديث : ( إنكم تُخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب ولا أُبالي ، فاستغفروني أغفر لكم ) : بيت القصيد من هذه الفقرة هي الجملة الأخيرة : ( فاستغفروني أغفر لكم ) ، فإذا كان أحدنا يشعر بأنه أخطأ يومًا ما فليتذكر بأن الله - عز وجل - يغفر الذنوب جميعًا وليتوجه إليه باستغفاره وطلب المغفرة منه .وإن شاء الله في الدرس الآتي نتمم ما بقي من تمام هذا الحديث ، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة