تعريف الحديث القدسي وبيان الفرق بينه وبين القرآن والحديث النبوي . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تعريف الحديث القدسي وبيان الفرق بينه وبين القرآن والحديث النبوي .
A-
A=
A+
الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

روى المصنف - رحمه الله - في آخر الباب السابق بإسناده .عن أبي ذر عن النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - عن الله - تبارك وتعالى - قال : ( يا عبادي ) : هذا حديث قدسي فينبغي أن تنتبهن له ، لأن فيه موعظةً بالغة ، والحديث القدسي هو يعني : " كلام من كلام الله - عز وجل - يرويه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الله " أي : إن الله - عز وجل - أوحى إلى نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بهذا الكلام القدسي كما أوحى إليه بالقرآن الكريم ، والفرق بينهما أي : بين الكلام القدسي والقرآن الكريم هو من ناحيتين : الناحية الأولى : أن القرآن محفوظ في كتاب هو القرآن الكريم ثم هو متعبد بتلاوته ، بمعنى كما جاء في الحديث الصحيح : ( مَن قرأ القرآن فله بكلِّ حرف عشر حسنات ، لا أقول : ألم حرف ، بل ألف حرم ، ولام حرف ، وميم حرف ) .

ثم بالإضافة إلى ذلك فالقرآن الكريم في أسلوبه في لغته معجز أي : تحدى ربنا - عز وجل - فصحاء العرب في الجاهلية أن يأتوا بآية من مثله فعجزوا عن ذلك . أما الحديث القدسي فهو مع كونه من الكلام الإلهي أوحاه الله - عز وجل - إلى نبيِّه - عليه السلام - فهو ليس فيه ذاك الإعجاز ، ثم هو ليس هو متلوًّا متعبَّدًا بتلاوته ، كل ما في الأمر أنه من كلام الله وهو دون القرآن الكريم فصاحة وإعجازًا ، ولكن الحديث القدسي يلتقي مع القرآن الكريم في نقطة واحدة ألا وهي أن كلًا منهما من كلام الله - تبارك وتعالى - .

فهو إذًا - أي : الحديث القدسي - يختلف عن الحديث العادي بناحية فقد عرفنا أن الحديث القدسي من كلام الله ، أما الحديث العادي فليس من كلام الله وإنما هو من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن كلًّا من الحديثين - أيضًا - يلتقيان في نقطة واحدة ، الحديث القدسي والحديث النبوي يلتقيان في نقطة ويختلفان في أخرى : يلتقيان في أنَّ كلًا منهما وحيٌ من الله - تبارك وتعالى - .يختلفان في نقطة أخرى وهي : أن الحديث القدسي من كلام الله ، وأما الحديث النبوي فمن كلام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

السائل : ألا يكون الكلام من النبي والمعنى من الله أم أن كلًّا منهما من عند الله ؟

الشيخ : هذا هو الفرق ، هذا من كلام الله ، الحديث القدسي من كلام الله .

السائل : هو من كلام الله ؟

الشيخ : هو كلام الله ، لكان إيش معنى كلام الله ؟ إذا قلنا أن الكلام من النبي فصار الحديث القدسي والحديث النبوي هو واحدًا ، لكن هذا هو الفرق .أعيد فأقول : الحديث القدسي يلتقي مع الحديث النبوي في شيء ويختلف عنه في شيء آخر : يلتقي الحديث القدسي مع الحديث النبوي من حيث أن كلًا منهما وحي من الله إلى نبيه ، فهو كل منهما (( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ )) ، يختلفان في أن الحديث القدسي لفظًا ومعنى هو كلام الله ، أما الحديث النبوي فاللفظ للنبي والمعنى من الله - تبارك وتعالى - .

فحديثنا إذًا الآن هو حديث قدسي أي : " أوحاه الله - عز وجل - إلى نبيه بلفظه ومعناه كما هو شأن القرآن أوحاه الله - عز وجل - إلى نبيه باللفظ من الله والمعنى من الله " ، لكن كما قلنا آنفًا : يختلف الحديث القدسي عن القرآن الكريم في أنَّ القرآن الكريم معجز تحدى به ربنا - عز وجل - فصحاء العرب جميعًا فعجزوا عن أن يأتوا ولو بآية منه ، أما الحديث القدسي فليس فيه هذه الخصوصية ، ليس فيه هذا الإعجاز ، ثم القرآن متعبَّد بتلاوته كما نفعل دائمًا وأبدًا من قرأ منه آية فله بكل حرف منه عشر حسنات كما ذكرنا ، الحديث النبوي ليس له هذه الخصوصية وإن كان بطبيعة الحال إذا المسلم قرأ كتابًا في الفقه فله أجر على ذلك ، لأنه يريد أن يتعلم الأحكام الشرعية ، فالحديث النبوي له أيضًا هذا الأجر ولكن ليس أجر القرآن ، تلاوة القرآن في كل حرف حسنات .إذن حديثنا هذا هو حديث قدسي من كلام الله - عز وجل - باللفظ والمعنى أوحاه اللهُ - تبارك وتعالى - إلى نبيِّه - عليه الصلاة والسلام - .

مواضيع متعلقة