شرح حديث: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال
A-
A=
A+
الشيخ : في هذه النكتة أي لكون الإنسان لا يستطيع أن يقارب التشبه بصبر الله - عز وجل - جاء بحديث ثاني يتعلق بخلق من خلق الله - عز وجل - وهو الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وحينئذٍ ستبقى المقاربة والمشابهة متجانسة بين الإنسان المأمور بأن يتخلق بخلق الصبر وبين هذا الإنسان الكامل الذي ستسمعون ما جاء فيه من الصبر . ذلك هو الحديث الثاني في " باب الصبر على الأذى " رواه المصنف - رحمه الله - بإسناده الصحيح عن عبد الله وعبد الله هنا هو عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول : " قسمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قِسمةً كَبعضِ مَا كَانَ يَقسمُ ، فَقال رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ : وَاللَّهِ إنَّها لَقِسمةٌ مَا أُريدَ بِها وجَه اللَّهِ " .

هذا كلام يقال في حق أعدل الناس قاطبة وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل في حقِّه : " والله إنها لَقسمَةٌ ما أُرِيدَ بها وجه الله - عز وجل - " . قلت : أنا . ابن مسعود يقول : " لأقولَنَّ للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " . يظهر أن هذا الأنصاري قال هذا الكلام بعيدًا عن الرسول - عليه السلام - في محضر من الصحابة وكان منهم عبدالله بن مسعود فقال : لَأقولَنَّ للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأتيته وهو في أصحابه ، فسارَرْتُه ، فشقَّ ذلك عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - وتغيَّر وجهه وغضب ، حتى وَدِدْتُ أني لم أكُنْ أخبرته ، ثم قال : ( قد أُوذِيَ موسى بأكثر من ذلك فصبر ) .

الحديث واضح المعاني حيث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما كانت تأتيه المغانم إما بسبب الحروب أو بسبب الجزية التي يفرضها بسبب المصالحة بعد انتصار الجيش المسلم فكان من عادته - عليه السلام - أنه إذا جاءه مال جاء به إلى المسجد فوزعه على الناس وهو بطبيعة الحال يوزعه بقسمة يراعي فيها أمورا لا يدركها سائر الناس فهو مثلًا قد يعطي إنسانا أكثر من آخر لماذا لسابقيته في الإسلام لبلائه الحسن في الإسلام فيبدو لبعض ناقصي الإيمان والعقل إنه هذه فيه محاباة مع إنه الحقيقة ليس هناك شيء من المحاباة وأحيانا العكس من ذلك يعطي إنسانا هو حديث عهد بالإسلام ليس له سابقة في الإسلام وليس له جهاد في الإسلام مع ذلك يعطيه أكثر ممن له سابقة في الإسلام فيستنكر ذلك بعض قاصري العقول ويقول كيف هذا لسه البارحة أسلم لسه ما حضر ولا معركة كيف يجود عليه العطاء فيجهل هذا الإنسان أن الرسول يعطيه تأليفا له تأليفا لقلبه وقد يكون وريثا في قومه فهو إذا جلب قلبه إليه انجلب من ورائه من بني قومه هكذا هذه سياسة شرعية لا يحسنها أحد مثل الرسول - عليه الصلاة والسلام - فهو - صلى الله عليه وآله وسلم - قسم يوما قسمة كما هي عادته من مثل هذا البيان الذي ذكرناه فقال رجل من الأنصار : " إنها لَقسمَةٌ ما أُرِيدَ بها وجه الله " ، فهذا الأنصاري قاصر النظر كما شرحت آنفًا إنه يقول لماذا هذا يعطيه أكثر من هذا مثلًا فسمع هذه الكلمة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - فنقلها إلى الرسول - عليه السلام - وسارره بها يعني قالها له سرا فلما سمع ذلك - عليه السلام - ثقل عليه شق ذلك عليه وتغيَّرت ملامح وجهه وظهر عليه آثار الغضب حتى تمنى ابن مسعود - رضي الله عنه - أن لم يكن قد أخبره بهذا الخبر الذي انزعج منه - عليه السلام - هذا الانزعاج الكثير فماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - تجاه هذه التهمة التي اتَّهَمَه بها ذلك الأنصاري لم يزد على قوله : ( قد أُوذِيَ موسى بأكثر من ذلك فصبر ) .

في هذا الحديث إشارة إلى آية : (( لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى )) ، ماذا كان إيذاؤهم هو الحديث كأنه مقتبس من الآية إنه موسى أوذي بأكثر من هذا ولذلك نهى الله عباده المؤمنين أن يؤذوا الذين آذوا موسى من قبل يعني اليهود ماذا فعلوا اليهود أخباث أشرار كان الله - عز وجل - يمتن عليهم دائمًا يرسل إليهم الأنبياء دائمًا وأبدًا حتى قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( كان مَن قبلكم كلما مات نبيٌّ خَلَفَه نبيٌّ ) ، ( كلما مات نبيٌّ خلفه نبيٌّ ، ألا ولا نبيَّ بعدي ) ، فكان الله - عز وجل - مع امتنانه وتفضله على اليهود بأن يرسل إليهم دائمًا وأبدًا أنبياء يحفظونهم من الزيغ من الانحراف من الضلال من الجهل مع ذلك كانوا غلاظ ... كانوا قساة القلوب كما حدثنا ربنا في القرآن من مثل قوله : (( وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ )) فالذين كانوا يقتلون الأنبياء بغير حقٍّ ليس كثير عليهم أن يؤذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ماذا قالوا في حقِّ موسى اليهود أتباعه لقد قالوا إنه آذر . وشايف الوقت زاد عن الميعاد فنؤجل تمام هذا البيان إلى الدرس الآتي ولكني أذكر بأنه الدرس الآتي مباشرة سوف لا أحضر لأني على سفر ، وإنما الدرس الذي يليه يكون اللقاء هنا إن شاء الله تعالى .

والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة