التوفيق بين حديث عائشة في لعب البنات وأحاديث تحريم التصوير. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التوفيق بين حديث عائشة في لعب البنات وأحاديث تحريم التصوير.
A-
A=
A+
الشيخ : لكن ماذا نفعل بهذا الحديث وهذه أصنام لعب البنات هي بلا شك من الناحية العربية تماثيل وأصنام فاختلف العلماء منهم من قال أن هذه الحادثة التي حدثتنا السيدة عائشة - رضي الله عنها - إنما كانت قبل تحريم الصور تصويرا واقتناء ومنهم من يقول لا إنما هذه الصور أي لعب البنات مستثناة من النصوص المحرمة وهذا هو رأي الجمهور وهذا هو الصواب والسبب في ذلك أمران اثنان في نقدي وفي علمي . الأمر الأول هو أن هناك قاعدة علمية إذا جاء حديثان متعارضان كهذا وذاك ( مَن صوَّر صورة ) داخلة لعب البنات ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ) داخلة لعب البنات فإذا جاء حديثان متعارضان فما العمل قال العلماء بعد جهود مضت عليها قرون وألوف مؤلفة من العلماء المحققين جاؤوا أو تبيَّنوا هذه القاعدة وهي إذا تعارض حديثان اثنان وجب التوفيق بينهما وليس ضرب أحدهما بالآخر وبعبارة أخرى وليس رد أحدهما بالآخر ومن الرد أن يقال هذا حديث بطل العمل به ويعبرون عنه بأنه منسوخ كلمة مطلع عليها عند الفقهاء بأنه منسوخ هذا إبطال الحديث لا ينبغي المصير إليه إلا بعد أن تسد أمامنا كل طرق التوفيق بين الحديثين أي حديثين كانا متعارضين . وطرق التوفيق بين الأحاديث من الكثرة بحيث إنه من النادر جدًّا جدًّا أن يعجز الإنسان عن التوفيق بين حديثين متعارضين ليقول هذا منسوخ وذاك ناسخ نادر جدًّا لأن طرق التوفيق بين الأحاديث المتعارضة قد أبلغها العلماء فوق المئة وجه فوق المئة وجه . من هذه الوجوه التي يكثر اللجوء إليها والاعتماد عليها في سبيل التوفيق بين الحديثين العام والخاص العام والخاص يأتي نص عام يحرم شيئًا يأتي نص خاص يبيح شيئًا من تلك الأشياء التي حرمها النص العام فلا يقال هذا النص الخاص كان قبل النص العام فنسخ وإنما يقال فورا هذا مستثنى من ذاك والأمثلة على هذا كثيرة وكثيرة جدًّا مما هي معروفة عند طلاب العلم .

مثلًا الآية المشهورة : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ )) ، (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ )) فلفظة الميتة هنا مطلقة عامة تشمل كل ميتة سواء كانت برية أو بحرية وكذلك الدم يشمل كل دم كان فجاء الحديث ليبين أن هذا النص القرآني ليس على عمومه وشموله وإنما هو عام في غير السمك والجراد والكبد والطحال فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان : الحوت والجراد ، والكبد والطحال ) ، فلم يعارض هذا الحديث بالآية السابقة لا سيما ومعلوم أن القرآن ثبوتا أقوى من الحديث فمن السهل أن يقال هذا الحديث عارض القرآن ما لنا فيه القرآن عم يحرّم كل شيء اسمه ميتة كل شيء اسمه دم أهكذا صنع العلماء ؟ الجواب لا قالوا نص القرآن عام والحديث يخصص الآية فيقال : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )) إلا الحوت والجراد (( وَالدَّمُ )) إلا الكبد والطحال أخذ الاستثناء من الحديث وهكذا أشياء كثيرة وكثيرة جدًّا .

مواضيع متعلقة