فائدة : قصة زيارة سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : قصة زيارة سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما.
A-
A=
A+
الشيخ : أرجو أن يُذكر بالكلمة الأخيرة قول سلمان وأبي الدرداء الذين ذكرا في هذا الحديث .كنا في الدرس الماضي ذكرنا الأثر الذي رواه الإمام البخاري في كتابه " الأدب المفرد " في زيارة سلمان الفارسي من العراق في ثيابه التي لفتت أنظار بعض الناس ، وكأنهم استنكروا ذلك عليه .وقال : " إنما العيش عيش الآخرة " أو بهذا المعنى ، زار أخاه أبا الدرداء وهو في المدينة وأردت يومئذ أن أذكر ما يأتي ، لما هاجر المهاجرون من مكة بسبب ضغط المشركين عليهم وإيذائهم إياهم ومحاولتهم لإفتانهم وإخراجهم عن دينهم أذن لهؤلاء الضعفاء من المسملمين أن يهاجروا من مكة إلى المدينة حيث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبقهم بالهجرة إليها ، فلما استقر قرار المهاجرين من مكة إلى المدينة اقتضت حكمة التشريع التوحيد بين الأنصار والمهاجرين بالإخوة الإسلامية الجديدة ، فآخى الرسول - عليه الصلاة والسلام - بين المهاجرين وبين الأنصار ومع ذلك أنه زوج بين اثنين مهاجري وأنصاري واحد مهاجري وواحد أنصاري ، وكان من هؤلاء الذين آخى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بينه وبينه هو سلمان الفارسي وأبو الدرداء ، فنحن نعلم جميعًا أن سلمان رجل فارسي ليس من تلك البلاد لكنه على كل حال مهاجر وأبو الدرداء مدني ، فآخى الرسول - عليه السلام - بينهما تلك المآخاة الإسلامية التي كان ترتب عليها في أول الإسلام أنه إذا مات أحدهما ورثه الآخر ، لكن هذا كان حكما مؤقتا لمصلحة زمنية ، فلما عرف المسلمون كل منهم ما يجب عليه تجاه أخيه المسلم رُفع هذا الحكم وخُص بأولي الأرحام كما قال تعالى : (( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ )) في هذه البرهة برهة المؤاخاة بين سلمان وأبي الدرداء كان يزور كل منهما الآخر ، فجاء في " صحيح البخاري " أن سلمان - رضي الله عنه - زار أخاه أبا الدرداء في بيته ، فلم يجده هناك بينما وجد زوجته ورأى عليها آثار الفقر أو آثار اللا مبالاة لنفسها في ثيابها ، فقال سلمان لزوجة أخيه أبي الدرداء ما هذا يا أم الدرداء يعني ما هذه الرثاثة ؟ ! قالت : " هذا أخوك أبا الدرداء لا حاجة له في الدنيا " فالظاهر أنها ذكرت له أيضًا أن شأنه دائمًا وأبدا بين الأقرباء أن عهدهم يحدِّث قريبه ما في نفسه لعله يعالجه ، فذكرت له بأنه قائم الليل صائم النهار ، وسرعان ما جاء أبو الدرداء في بيته ، فهي ذكرت له بأنه قائم الليل صائم النهار ، فحين رجع أبو الدرداء في بيته ففوجئ بلقاء أخيه سلمان ففرح فرحًا شديدًا وسارع إلى تهيئة الطعام ، وكان قد علم من زوجته أنه صائم قال له : " كل ، قال : لا آكل ، قال : كل ، قال : لا آكل حتى تأكل معي ، قال : إني صائم ، قال : والله لا آكل حتى تأكل ففطره وأكلا مع بعض ، وبعد ذلك لما جاء وقت المنام أي بعد صلاة العشاء قام أبو الدرداء ليصلي بينما وضع سلمان جنبه لينام ، فقال سلمان لأبي الدرداء : نَم ، قال : أريد أن أصلي ، قال : الصلاة أمامك " يريد أن يعجّل من وضعه من غلوه في عبادته لقد تلقى هذا من زوجه فاضطر أبو الدرداء استجابة لأخيه أن ينام معه ، ولكي لا يفهم أبو الدرداء - رضي الله عنه - قال له نم من باب اللامبالاة في سبيل قيام الليل كان هو أول من أيقظه للصلاة الليل في الثلث الأخير من الليل ، قام سلمان ليصلي في الثلث الأخير من الليل وقال لأبي الدرداء قم الآن فصلّ ، فصلى كل منهما ما تيسر له من قيام الليل ، ثم أخذ سلمان يعظ أخاه أبا الدرداء يقول : " يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقًّا ، ولنفسك عليك حقا ، ولضيفك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه " فرأى لما طلع عليهم الصباح وذهبا إلى مسجد الرسول - عليه السلام - إلى صلاة الفجر هناك قص أبو الدرداء قصة سلمان معه وكيف أنه فطره ونومه وعد ... على أبي الدرداء الأنصاري يأتي الفصل من النبي أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان وهو في العراق كتب إليه وهو يقول : " حي على الأرض المقدّسة " وهو في الشام ، أبو الدرداء كان هاجر لظروف بعض الحكام كانوا يشتدون على الشعب فهو رأى أن ينزوي إلى الشام ، فسكن هناك واستوطن فكتب إلى سلمان يريد أن يأتي لتلك البلاد فقال له : " حي على الأرض المقدسة " فكتب له سلمان - رضي الله عنه - : " أما بعد فإن الأرض المقدسة لا تقدّس أحدًا ، إنما يقدس الإنسان عمله " ... هذا كأنه مقتبس من قول الرسول - عليه السلام - في حديث طويل : ( فمن بطَّأ به عمله لم يُسرِعْ به نسبُه ) ، فكما أن الإنسان لا ينفعه نسبه الصالح الطاهر إذا لم يكن هو كذلك صالحًا طاهرا كذلك الأرض المقدسة التي بارك الله فيها إذا استوطنها مسلم ما ولم يكن عمله صالحًا هذه الأرض المقدسة لا تقدسه ولا تقدره ولا تقرِّبه إلى الله زلفى ، وإنما يقدِّس الإنسان عمله ، هذا - أيضًا - مما وقع وجرى بين هذين الصحابيين الجليلين اللذين ذكرا في الدرس الماضي في قصة زيارة سلمان للشام .

مواضيع متعلقة