شرح أثر أم الدرداء رضي الله عنها : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح أثر أم الدرداء رضي الله عنها :
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الثاني هو في اصطلاح المحدثين ليس حديثًا وإنما هو أثر وإذا قيل في مثله حديث فمن باب التساهل لأنه يعنينا أنه حديث موقوف ذلك لأنه روى الإمام البخاري عقب الحديث السابق المرفوع حديثًا آخر موقوفا بإسناده الحسن .عن أم الدرداء قالت : ( زارنا سلمان إلى الشام ماشيًا ، - المدائن يعني في العراق قريب من بغداد - جاء ليزور أخاه أبا الدرداء من تلك البلاد القاسية من بغداد إلى دمشق ماشيًا على قدميه ) .

الشاهد من الحديث من هذا الأثر الموقوف هو هذه الجملة فقط لنتساءل ما الذي حمل سلمان على أن يزور أبا الدرداء ويقطع هذه المسافة الشاسعة البعيدة ؟والجميل لا فإنما يعلم أنه بكل خطوة يخطوها في زيارة أخ له يخطوها في زيارة أخ له في الله - عز وجل - خطوة تكتب له حسنة وأخرى تحط عنه سيئة وثالثة ترفع له بها درجة ، لذلك ساق المصنف - رحمه الله - هذا الحديث الموقوف بإسناد حسن كما قالنا . عن أمِّ الدرداء قالت : " زَارَنَا سَلمَانُ مِنَ المَدَائِنِ إِلَى الشَّامِ مَاشِيًا ، وَعَلَيهِ كِسَاءٌ وَانْدَرْوَرْدُ " - كلمة فارسية باعتبار أنه عاش في بلاد العراق سلمان الفارسي - رضي الله عنه - وعليه كساء يعني ثوب ملتحف فيه زائد لابس وَانْدَرْوَرْدُ يفسر في نفس الرواية : يعني سراويل مشمرة ، وأيضًا هذا يحتاج إلى تفسير ، لأنه قد يتبادر أن السراويل المشمرة أن المقصود كما يفعل بعض الشباب اليوم لما يلبس سراويل طويل يجر على الأرض بروح للميضأة في المسجد بدوا يتوضأ حتى لا يتبلَّل البنطال من تحت ماذا يصنع ؟ بيثنيه بشمره ، وكثير منهم يدخل الصلاة وهو مشمر وهذا منهي عنه .إيه هل هذا هو التشمير الذي أراده الراوي حينما شرح أنه أي سلمان لابس واندرود بثوب مشمر ؟ لا ، وإنما التفسير الدقيق أنه لابس لباس أطول من " التبان " التبان في اللغة العربية هو " الشورت " باللغة العصرية اليوم الذي يلبسه السباحين ، يعني بالتفسير العربي : اللباس الذي ليس له أكمام اللباس الذي ليس له أكمام ، فهذا اللباس فقط يستر سوءتين فهذا اسمه في اللغة العربية " التبان " إذا كان له أكمام إلى الركبتين فهو وَانْدَرْوَرْدُ سمَّاه هنا وإذا طال فهو السروال المعروف الذي له أكمام من أسفل ، والغرض من هذا الوصف بيان تواضع سلمان في خروجه من المدائن إلى دمشق متواضع عليه هذا الكساء وعليه هذا " التبان " الذي أكمامه إلى الركبتين فقط ، ثم يعود فيصف الكساء قال : " وعليهِ كساءٌ وَانْدَرْوَرْدُ " يعني سراويل مشمرة . قال ابن شوذب : رُئِيَ سلمان وعليه كساء " مطموم الرأس " مطموم الرأس ، ماذا يعني مطوم الرأس ؟ يعني لا رأس له ، يعني ليس هو من النوع الذي يلبسونه المغاربة " برنس " مطموم الرأس يعني مطمور مقطوع ، ساقط الأذنين : البرنس بطبيعة الحال له مكان يوضع فيه الرجلين ليحميهما من البرد وهذا ليس له رأس وبالتالي ليس له أذنين فكنى عنه بقوله : بمطموم الرأس ساقط الأذنين ، يعني أنه كان أرفش : تعلمنا الآن في هذا الدرس ستة كلمات أو أكثر ثلاثة عربية وواحدة فارسية ، الأولى : " وَانْدَرْوَرْدُ " ، الثانية : " مطموم الرأس " يعني مقطوع الرأس ، والثالثة : " أرفس " يعني طويل وعريض ، هنا المحشّي يفسر بعد ما فُسر باللغة العربية بأنه طويل وعريض يقول : تشبيها بالرش الذي يُجرف فيه الطعام ، هل هذه لغة مصرية أم أنها معروفة هنا أيضًا ؟ يُجرف فيه الطعام لأنهم يستعملونه في الييت ماذا تمسمونه أنتم ؟ مجرفة ؟

الطالبة : ... .

الشيخ : مجرفة يجرف به الطعام .

الطالبة : ... .

الشيخ : هنا المحشّي مصري ، بعد ما فسّر أرفش الأذنين يعني عريضهما حط بين هلالين تشبيها بالرفش الذي يُجرف به الطعام ، فهذه الكلمة ... ممكن كلمة مصرية ، ما سمعتيها هناك ؟

الطالبة : ... .

الشيخ : ... كان أرفش شوفوا الآن النسبة هنا يقول له لسلمان : شوهت نفسك ماذا لبست لي لباس دروشة كما يقولون اليوم كساء هكذا عريض وقمباز قصير اليوم الواحد منا إذا قصَّر جلبايته شبر أو شبرين يقول عنه الناس أنه " مبهدل " ، وهو إلى أين ؟ إلى الركبيتن ، قالوا له شوهت نفسك . قال : " إن الخير خير الآخرة " الله أكبر ! هذه الحياة التي نحن نحتاجها اليوم ، الحياة الخلقية الروحية السامية التي طغت عليها الشكليات والماديات ولم نعد نشعر بشيء من الروحانيات لأنه غلبت علينا ماديتنا ، فهذا الرجل يُلفت النظر إما أن الذي قال له أحد الصحابة مثله يا تابعي قطعا التابعين هم في القرن الثاني الذين قال الرسول فيهم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ) فلاحظوا الآن بعض التابعين يقول للصحابي أنك بهدلت حالك بهذا اللباس معنى ذلك بداهة الاقتتال بالدنيا يتقرَّب إلى قلوب الناس ، ولذلك قال - عليه السلام - : ( ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تُفتح عليكم الدنيا ) .

نسأل الله - عز وجل - أن يلهمنا العمل الإسلامي قلبًا وقالبًا ظاهرًا وباطنًا ، وألا يبسط علينا مادية الكفار الذين اغتَرُّوا بها وتجبَّروا وطغوا في الأرض .

مواضيع متعلقة