إذا سلّم علينا رجل من أهل الكتاب السلام الإسلامي فقال - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا سلّم علينا رجل من أهل الكتاب السلام الإسلامي فقال
A-
A=
A+
الشيخ : تلونا في الدرس الماضي عليكن حديث السيدة عائشة في قصتها مع اليهود الذين سلموا على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - باللفظ الملغوم وهو قولهم : " السام عليكم " وفيه أن الرسول - عليه السلام - رد عليهم السلام بمثله : أي قال : ( وعليكم ) ، أما السيدة عائشة فقد زادت عليهم ولعنتهم وصبّت غضب الله عليهم .بقي أن نذكر بحكم شرعي بعد أن ذكرنا في الدرس الماضي أنه في الوقت الذي لا يجوز التعدي على أهل الذمّة بمثل ما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها في الوقت نفسه كما ذكرنا أنه لا يجوز التّلاين معهم بما فيه مخالفة للشريعة وذكرنا من ذلك نهي الرسول - عليه السلام - عن مبادءتهم بالسلام . فإذا كان الأمر هكذا وهكذا فمعنى ذلك أن المسلم في تصرّفه مع أهل الذمّة يجب أن يسلك معهم في حدود الشرع وليس في حدود المنطق الخاص والعقلي الخاص . من هنا نقول : إذا سلَّم علينا رجل من أهل الكتاب هذا السلام الإسلامي فقال لنا : السلام عليكم ؛ فماذا نقول ؟ قد يفهم بعض الناس من هذا الحديث وما في معناه أن رد السلام على الذِّمِّيِّ ينبغي أن يكون : " وعليكم " فقط ، فهل الأمر كذلك ؟ هذه المسألة فيها تفصيل : إذا نظرنا إلى حديث آخر ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( إن اليهود إذا سلَّم أحدهم فإنه يقول : السام عليكم ، فقولوا : وعليكم ) ، إذا نظرنا إلى هذا الحديث نجده قد تضمَّن حكمًا معلَّلًا بعلة ألا وهي إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليكم ، فهذا يبيِّن أن ردنا عليهم بهذا اللفظ المختصر " وعليكم " إنما محلُّه وموضعه حينما يلوي لسانه بالسلام ، حينما يقول : السام عليكم ، فقد تفهم منه السلام الشرعي وقد تفهم منه السلام اليهودي ، أما لو كان سلامه صريحًا واضحًا بيِّنًا جليًّا كما يفعله بعض النصارى اليوم مثلًا الذين خالطوا المسلمين وعاصروهم وتلقفوا منهم سلامهم ، فيقول أحدهم السلام عليكم واضحة ، فهل نقول وعليكم أو نقول كما قالوا وعليكم السلام ؟إذا نظرنا أوَّلًا إلى نصِّ القرآن الكريم : (( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )) على الأقل ، ونظرنا ثانيًا إلى الحديث الذي ذكرناه آنفًا فإن أحدهم يقول : " السام عليكم " تقول وعليكم نأخذ من هذه الآية ومن هذا الحديث أنه إذا كان سلام الذمي صحيحًا واضحًا صريحًا رَدَدْناه عليه كذلك صريحًا واضحًا بيِّنًا . أما إن كان سلامًا ملغومًا كما قلنا حينئذٍ نفهمه وننبِّهه إلى أننا لسنا مغفَّلين فيقول : وعليكم ، قد يقول يا أخي لماذا أنت تقول هكذا أنا قلت لك السلام عليكم ! نقول خلص رددنا عليه سواء قلت حقيقة السلام عليكم أو قلتها ملغومة ، هذا الذي أحببت أن أذكره بمناسبة حديث الدرس الماضي .

مواضيع متعلقة