فوائد : مستفادة فن حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم فقالت عائشة وعليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ... ) وبيان المنهج الإسلامي في تعامل المسلم مع الكافر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فوائد : مستفادة فن حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم فقالت عائشة وعليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ... ) وبيان المنهج الإسلامي في تعامل المسلم مع الكافر .
A-
A=
A+
الشيخ : فإذن نأخذ من هذا الحديث أمرين اثنين : الأول أن المسلم يجب أن يكون لطيفا ، يجب أن يكون سهلا سمحا ، ألا يكون شديدا حتى مع الكفار مع الكفار في الحياة الاجتماعية ، يعني حالة كونهم جالسين ذميّين تحت نظام الإسلام ففي هذه الحالة لا يجوز للمسلم أن يستعمل القسوة والشدة مع اليهود والنصارى ، أما إذا وقعت الواقعة وأقيمت الحرب بين المسلمين والكافرين فهناك يجب على المسلم أن يكون شديدًا عليهم ، وهذا مما وصف الله - عز وجل - عباده المؤمنين بقوله : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) وبعض المسلمين يحرصون ويتوهَّمون أن هذه الشدَّة التي ذكرها الله - عز وجل - في الآية الأخيرة : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) يجب أن تكون هذه الشدة بين المسلم والكافر حتى في العلاقات الاجتماعية هذا خطأ ، الكافر إذا عاش تحت راية الإسلام وحكم الإسلام فيجب أن يُعامل بكل الآداب الإسلامية التي أذن الله بها ، وأعني ما أقول حينما أقول الآداب الإسلامية التي أذن الله بها وإلا فلا يجوز التسوية في معاملة المسلم للناس ، لا يجوز له التسوية في هذه المعاملة بين المسلم والكافر في كل شيء ، مثلًا في الوقت الذي نسمع فيه هذا الحديث هذا التعليل الكبير أن الكافر إذا ألقى سلامًا على المسلم ولوى فيه لسانه ألا يزيد في الشدّة عليه فنقول : وعلكيم ، لكنه من ناحية أخرى قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، فإذا لَقِيتُمُوهم فاضطرُّوهم إلى أضيق الطُّرق ) فلا يجوز للمسلم إذا لقي اليهودي أو النصاري الذّمي ، نحن نتكلم الآن عن الذمي لا يجوز إذا ما لقيه أن يبادره بالسلام ، ونقصد بالسلام : السلام الإسلامي الذي هو بنص الحديث الصريح حيث قال - عليه السلام - : ( السلام اسمٌ من أسماء الله وضَعَه في الأرض ، فأفشوه بينكم ) ، هذا السلام لا يجوز أن يبادر به المسلم الكافر الذّمي ، وإنما إن كان ولا بد أن يبتدئه هو يقول له كما يقول بعضهم لبعض : " صباح الخير مساء الخير " من هذا الكلام الذي ليس خاصًّا بشريعة الإسلام ، أما هذا السلام الإسلامي فقد سمعتم قول الرسول - عليه السلام - : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لَقِيتُمُوهم فاضطرُّوهم إلى أضيق الطرق ) . أقول آسفًا الشطر الثاني من هذا الحديث لا يمكن تطبيقه اليوم ؛ لأن النظام ليس نظامًا إسلاميًّا ، ولأنك إذا أردت أن تضطرَّ غير المسلم إلى أضيق الطريق فقد نصبت العداء والهجاء بينك وبين الحكام ، وهذا ما لا قِبل للمسلم اليوم مع الأسف الشديد .

أما الأمر الأول - أي : السلام - : فلا أحد يستطيع أن يتدخَّل بينك وبين شريعتك المتعلِّقة بشخصك ، فإذا ما بادأته بالسلام لا أحد يقول : لمَ لَمْ تبادئه بالسلام ؟ ولا سيما بهذا السلام الشرعي . أريد أن أقول في هذا الحديث تعليم لنا ألا نكون شديدين في معاملة أهل الذِّمَّة ، لكن هذه الشدَّة يجب أن يحكمها الإسلام ، فلا يُقال مثلًا ما زال هؤلاء أهل ذمة ، وما زال يجب أن نحسن إليهم و و إلى آخره فنبادئهم بالسلام عليكم ؟ لا لأن الرسول - عليه السلام - منع من ذلك ، وهو بالعكس - أيضًا - ما دام أن الله قال في الآية السابقة : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) ؛ إذًا نعاملهم بشدة إذا بايعناهم ورأيناهم مكرنا بهم لا هذا لا يجوز إن الله - عز وجل - يحب المقسطين أي المحسنين في معاملتهم للناس جميعًا سواء كان منهم مسلمًا أو كافرًا . إذًا الآية يجب أن نفهمها : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ )) يعني كفار الحرب الذين يُسمونهم بالحربيين . الفائدة الثانية التي يمكن أن نستفيدها من هذا الحديث فائدة مهمة جدًّا تتعلق بالمسلمين جميعًا سواء كان منهم ذكرًا أو أنثى ، ألا وهو تقويم الخلق وتحسينه وألا يكون المسلم شديدًا عنيفًا في معاملته لأهل الذّمة من الكفار فضلًا عن معاملته لإخوانه المسلمين فضلًا عن معاملته لأهل القربى والصلة من أهله ومن أقاربه ، وصدق الله العظيم إذ يقول : (( بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) .

مواضيع متعلقة