فائدة : التبيه على أن التبسم الوارد في حديث : ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) خاص بالجنس الواحد أي - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : التبيه على أن التبسم الوارد في حديث : ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) خاص بالجنس الواحد أي
A-
A=
A+
الشيخ : ولكن لا بد من أن يُذكر بهذه المناسبة أن هذا المعروف الذي ذكره الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث على سبيل التمثيل وهو قوله : ( إن من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلق ) وفسر ذلك الحديث الآخر : ( تبسُّمك في وجه أخيك صدقة ) . يجب أن نلاحظ هنا أن هذا الأمر يحب أن يكون مقيدًا بين الجنس الواحد ، بمعنى أن الرجل يلقى أخاه الرجل بوجه طلق وبوجه باسم كما ذكرنا ، وكذلك المرأة تلقى أختها بوجه طلق باسم . لكن لا يجوز أن تُجرى هذه السنة بين الجنسين ، وهذا في الواقع مما ابتلي بالغفلة أو بالتساهل في ملاحظة هذا الذي نبّهنا عليه من التفريق ، أكثر المسلمين اليوم رجالًا ونساءً ، وفاقت النساء في ذلك الرجال ، فإننا في كثير من الأحيان نسمع المرأة تتقصّد أن تتبسم بل وأن تضحك بل وأن تقهقه وهي تتحدث مع الرجل ، هذا ليس من المعروف قطعا في شيء وإنما هو من المنكر الذي يمكن أن نعتبره نوعًا من الزّنا ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ، فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والرجل تزني وزناها المشي ، والفرج يصدِّق ذلك كلَّه أو يكذِّبه ) ، ذكر الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - هذه الأنواع من أنوع الزنا إنما جعل ذلك باعتبار أنها مقدّمات للفاحشة الكبرى ، وإلى ذلك أشار في آخر ذاك الحديث بقوله : ( والفرج يصدِّق ذلك كله ) . ففي هذا الحديث تحريم الوسائل التي قد تكون عاقبتها سوءًا وعاقبتها غيًّا وفسادًا وفسقًا ، وذكر الرسول - عليه الصلاة والسلام - هذه الأنواع في هذا الحديث ليس من باب الحصر ، يعني هذه الوسائل ليست هي الوسائل الوحيدة فقط التي تحرَّم خشية أن توصل بصاحبها إلى الفاحشة الكبرى ، وإنما ذكر الرسول - عليه السلام - هذه الأنواع من الوسائل على سبيل التمثيل لا على سبيل التحديد .ومن التفقه في هذا الحديث نصًا واستنباطًا أخذ شوقي شاعر مصري مشهور قوله :

" نَظرةٌ فابتسامَةٌ فسَلَامُ *** فكلامٌ فمَوعدٌ فلقاءُ "

وهنا جاء بلفظة لم تذكر في هذا الحديث حيث قال : نظرة فابتسامة ، لم يذكر في الحديث السابق : ( كُتب على ابن آدم حظُّه من الزنا ، فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني ) إلى آخره ، لم يذكر الرسول - عليه السلام - النظرة ، ولم يذكر الابتسامة ، والسبب ما ألمحت إليه آنفًا من أن تلك الأنواع التي ذكرها الرسول - عليه السلام - في الحديث لم يذكرها على سبيل الحصر ، وإنما على سبيل التمثيل ، وإلا فقول شوقي : " نظرة " يشهد له قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( يا عليُّ ، النظرة الأولى لك ، والثانية عليك ) وحديث آخر سئل الرسول - عليه السلام - : عن نظر الفجأة ، يعني الرجل يقع بصره على ملامح امرأة وبالعكس امرأة يقع نظرها على جمال رجل ، فقال - عليه السلام - : ( اصرف بصرك ) النظرة الأولى لك ، والثانية عليك ، النظرة الأولى هي نظرة الفجأة فإذا استمر الناظر بها ، صارت نظرة ثانية لأنه لم يصرفها ، ومن هنا قال شوقي ما قال :

" نَظرةٌ فابتسامَةٌ فسَلَامُ *** فكلامٌ فمَوعدٌ فلقاءُ "

الشاهد أن هذه الصدقة التي ذكرها الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث - أيضًا - على سبيل التمثيل لا التحديد ألا وهو قوله : ( وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلق ) إنما هو خاص بالجنس مع الجنس لا بالجنس مع الجنس الآخر خشية أن يكون ذلك مفتاحًا لشر ، هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين .

مواضيع متعلقة