فائدة : أنواع الغيبة المشروعة المحل الأول : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : أنواع الغيبة المشروعة المحل الأول :
A-
A=
A+
الشيخ : " القدحُ ليسَ بغيبَةٍ في ستَّةٍ " أولها : متظلِّم . متظلِّم بمعنى مظلوم يشكو ظلمه إلى الناس لكي يُنصفوه ويخلّصوه من ظالمه ، فيجوز له هذا المتظلّم أن يقول : فلان ظلمني فقوله فلان ظلمني إذا طبَّقنا عليه الحديث السابق : ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) لا شك أن قوله فلان ظلمني يكرهه الإنسان ، فهل هذا أي قولي أنا فلان ظلمني هل هو من الغيبة المحرّمة التي حرّمت في الكتاب والسنّة ؟ ! أم هذه الغيبة الجائزة ؟ الجواب : هي غيبة جائزة ، بل قد تجب أحيانًا إذا كان ما يمكن الوصول إلى الحق إلا من طريق استغابة الظالم ، وهذا بالطبع لم يقله العلماء بمجرّد رأي من عندهم ، بل هناك وقائع في السّنّة تشهد بجواز وصف الظالم بظلمه من المظلوم لكي يصل إلى حقه المهضوم ، من ذلك ما رواه مؤلف كتابنا هذا الإمام البخاري في " الأدب المفرد " وغيره من حيث أبي هريرة - رضي الله عنه - : ( أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، جاري ظلمني . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( اجعَلْ متاعَك على قارعة الطريق ) ، ففعل الرجل ، فشيء ... الناس بطبيعة الحال ، فكلما مرّ بعضهم قالوا : مالك يا فلان ؟ يقول : جاري ظلمني ، مالك يا فلان ؟ جاري ظلمني فما كان منهم إلا أن ينالوا منه وأن يسبُّوه ويشتموه ، بل يقولون لعنه الله كيف مسلم يظلم أخاه المسلم ؟ قاتله الله لعنه الله والجار يسمع هذه السباب وهذه الشتائم بأذنه ، فكان هذا كافيًا لتأديبه وردعه ونهيه عن ظلمه فجاء إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقال : يا رسول الله ، مُرْ جاري بأن يُعيدَ متاعَه إلى داره .فقول الرجل أوَّلًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - : هذا الرجل ظلمني هذه غيبة ، لأنه يصفه بما يكره بطبيعة الحال ، ولكن لما كان هذا المظلوم لا يصف جاره بالظلم هكذا من باب التشفّي ، ومن باب إرواء غليل غيره ، وإنما ليعرّف الرسول - عليه السلام - بحاله حتى يعالج له أمره ، وهذا الذي وقع فعلًا فوصَّاه الرسول - عليه السلام - بطريقة عملية وينهيه من ظلمه جاره الظالم ، وتقيل الظالم في الوقت نفسه وذلك أنه - عليه السلام - أمره بأن يلقي بمتاع البيت في الطريق فكان الناس كما سمعتم إذا رأينا ذلك سألوه عن السبب فيقول : جاري ظلمني ، فتنهال عليه تلك السَّبائب والشتائم فكان ذلك سببًا لردعه عن ظلمه . بمثل هذا الحديث أخذ العلماء جواز غيبة الظالم من المظلوم ، وهذا ما صرَّحَ به القرآن الكريم حيث قال - عز وجل - : (( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )) هذه الآية صريحة أن الإنسان لا يتكلم بكلام سيء إلا من المظلوم ، فيجوز أن يتكلَّم بكلام ضد ظالمه حتى يتوصَّل به إلى حقِّه المهضوم ، ومن هنا يأتي الحديث الذي يذكره الفقهاء في كتاب الحقوق والبيوع ، قال - عليه السلام - : ( لَيُّ الواجدِ يُحِلُّ عرضَه وعقوبتَه ) ، ( ليُّ الواجد ) : الّلَي يعني المماطلة ، والواجد : هو الغني المستقرض مالا من غيره يجد في ماله وفاءً له ثم يماطله ولا يوافيه حقَّه ، كما قال - عليه السلام - في حديث آخر : ( مطل الغني ظلم ) لكن في حديثنا الأول يقول : ( ليُّ الواجد يُحلُّ عرضَه وعقوبَتَه ) لي : المماطلة ، الواجد : يعني الغني ، يحل عرضه يعني يحل لصاحب الحق الذي يطالبه بالوفاء أن ينال منه ، أن يقول فلان مقترض مني من سنة من سنتين وعنده مال ... هذه غيبة لكنها غيبة جائزة ، لما ذكرنا آنفًا من قصة ذلك الرجل الذي ظلمه جاره ( لَيُّ الواجد يُحِلُّ عرضَه وعقوبَتَه ) . يحل عرضه : من الدائن الذي لا يفيه ، وعقوبته من الحاكم فهو يستطيع أن يطوله وأن يناله بأذى ، بحبس أو بجلد جلدات من باب التأديب لماذا تمنع أخاك المسلم حقّه .الشاهد : من الحديث قوله - عليه السلام - : ( لَيُّ الواجد يُحِلُّ عرضَه ) يعني النيل منه بينما هذا النّيل لا يجوز لأخ الإسلام كما سمعتنّ في هذا الحديث من قوله - عليه السلام - : ( إلا امرأً اقترض امرأً ظلمًا ) فذاك الذي هلك وحرج هذا النّوع الأول مما يجوز استغابته وهو المتظلّم لظالمه .

مواضيع متعلقة