تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ).
A-
A=
A+
الشيخ : ثم قال في الفقرة الثانية : ( ومَن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشدٍ فقد خانَه ) .

في هذه الفقرة هو الشاهد من إيراد المصنف لهذا الحديث الحسن ، حيث أنه بعد أن أثبت وجوب التشاور بين المسلمين حاكمًا ومحكومين فأتبع ذلك بحديث يتمم الباب السابق فيفيد هذا الحديث وجوب المشورة من المستشار على المستشير بالنصيحة وبالرشد وبالخير ، فمن لم يشر له بذلك الرشد فهو آثم لأنه من الواجب كما مضى معنا في الدرس السابق أن ( المستشار مؤتمن ) هذا قطعة من حديث مر بنا في ماض فمعنى مؤتمن أنه يجب عليه أن يؤدي الأمانة ، والأمانة التي عليه أي على المستشار أن يؤديها هي الإخلاص للمستشير فيها ، فهنا في هذا الحديث يؤكد الحديث السابق : ( المستشار مؤتمن ) ، فإذا أدَّى الأمانة وهي النصيحة فقد أدى الواجب ، فإذا لم يؤد الأمانة أي بأن أشار عليه بغير رشد أي بغير صواب قد خانه أي لم يؤد الأمانة ، ولذلك الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد بالغ في الأداء للأمانة حتى قال : ( أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمَنَكَ ، ولا تَخُنْ مَن خانَكَ ) ، فلو أن هذا المستشار الذي استشاره المستشير كان المستشير يومًا ما استشير منه فخانه فلا يجوز لهذا المستشار الذي خانه المستشير سابقًا وهو الآن مستشار لا يجوز أن يخونه بل عليه أن ينصحه ويدله على خير ما يعلمه له ، ولذلك كانت هذه المنقبة وهذه الخصلة وهي الإشارة على الناس بالخير كانت طببيعة الأنبياء ووظيفتهم مع كل أممهم كما أفاده حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين قال : ( ما بعث الله نبيًّا إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمته على خير ما يعلمه لهم ) . ( ما بعث الله نبيًّا إلا كان حقًّا ) أي : واجبًا عليه ( أن يدلَّ أمته على خير ما يعلمه لهم ) ، فكذلك يجب على كل مستشار إذا استشير في مسألة ما أن يدل المستشير على خير ما يعلمه له فإن لم يفعل ذلك فقد خانه ، فإذن تبين معنا الآن من الباب السابق والباب الذي نحن فيه أن الشورى أي تبادل الرأي في المسائل التي لها علاقة بالمسلمين أفرادًا وجماعات فهو أمر واجب كأصل ، ولكن لا يجب في كل أمر ، والشيء الثاني أن المستشار مؤتمن فيجب عليه أن يقدم إلى المستشير النصيحة ، فإن لم يفعل وأمره بغير رشد فقد خانه وهذه الخيانة طبعًا من المحرمات في الإسلام .

مواضيع متعلقة