تتمة شرح حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... بأن يقولوا لا إله إلا الله ... ) ، وبيان الفرق بين معنى الرب والإله في ضوء قول : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... بأن يقولوا لا إله إلا الله ... ) ، وبيان الفرق بين معنى الرب والإله في ضوء قول :
A-
A=
A+
الشيخ : كذلك الرب والإله الرب هو الخالق للناس وللعالم جميعًا والمربي لهم فهو رب العالمين ، ولكن الإله هو هذا الرب الذي لا يعبد سواه ، فمن اعتقد بأن الرب خالق هذه السموات هذه عقيدة صحيحة كالذي يعتقد في الرسول أنه نبي ، ولكن هذه العقيدة لا تكفي فلا بد أن يضم إلى اعتقاده بأن الله هو الرب هو خالق السموات والأرضين لا بد أن يضم إلى ذلك بأنه هو الإله المعبود بحق ليس غيره يعبد بحق .فإذن قوله هنا بأن يقولوا لا إله إلا الله أي بأن يعتقدوا أن هذا الرب الخالق هو وحده الذي يستحق العبادة دون سواه ، لذلك فمعنى هذه الجملة باختصار لا إله إلا الله أي : لا معبود بحق في الوجود إلا الله ، وليس معنى لا رب أي لا خالق فقط لأن هذا لا يكفي ، كما لا يكفي أن نقول محمد نبي بل لا بد أن نضم إلى ذلك ورسول ، كذلك لا يكفي أن نعتقد أن الله هو الرب بل لا بد أن نضم إلى ذلك أنه لا يستحق العبادة إلا هذا الرب ، وهنا يظهر الفرق بين التوحيد وبين الشرك ، ويظهر لكُنَّ سبب كفر المشركين الأولين الذين جاء الخبر عنهم في القرآن الكريم بأنه إذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون ، كان من طبيعة وعقيدة المشركين أنهم ينكرون هذه الكلمة إذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون ، ذلك لأنهم عرب ويفهمون أن معنى هذه الكلمة هو إبطال الآلهة الأخرى التي كانوا يعبدونها من دون الله - تبارك وتعالى - في الوقت الذي كانوا يعتقدون أن الخالق الرب المربي هو واحد (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) ، فهم يوحِّدون الرب لا يعتقدون أن هناك خالق مع الله لا ، فهم في الربوبية موحدون لكنهم في الألوهية وفي الإلهية وفي العبودية ألفاظ معناها واحد كانوا مشركين ، فهم يعتقدون أن الخالق واحد ولكن يعبدون معه آلهة أخرى ، لذلك كانوا يستنكرون على الرسول - عليه السلام - حين يدعوهم إلى أن يقولوا لا إله إل الله كما سبق في الآية السابقة : وإذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون ، أي يستكبرون عن أن يقولوا هذه الكلمة مؤمنين بما فيها ، فالمسلم إذا قال هذه الكلمة فاهمًا لمعناها مؤمنًا بها نجى من الخلود في النار وكان مصيره ونهاية أمره أن يدخل الجنة ( مَن قال : لا إله إلا الله ؛ دخل الجنة ) أما الذي لا يفهم هذه الكلمة ولا يفرق بين لا رب إلا الله ولا إله إلا الله فهو في الجهل بها كالمشركين أو أشد ، لأن المشركين كانوا يعلمون معنى هذه الكلمة باعتبار أن لغتهم لا تزال عربية سليمة ولكنهم مع هذا العلم كانوا لا يعترفون بهذا المعنى الصحيح ، لأن ذلك يستدعيهم إلى أن يكفروا بآلهة أخرى ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ )) ما قالوا أجعل الرب ربًا واحدًا لأنهم كانوا يؤمنون مع الرسول بأن الرب واحد أي الخالق المربي هو واحد لكن استغربوا وتعجبوا من دعوة الرسول إياهم إلى أن يعترفوا أنه لا إله أي لا معبود بحق في هذا الوجود إلا ذاك الرب الذي آمنوا به فلم يستجيبوا له وقالوا : (( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ )) . من أجل ذلك حينما حضرت الوفاة عمه أبا طالب جاء الرسول - عليه السلام - في آخر لحظة من حياة عمه أبي طالب ليبلغه دعوة الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله رحمة به وطمعًا في إيمانه لعله ينجو من عذاب ربه والخلود في النار يوم القيامة فجاء إليه وقال له : ( يا عم ، قل لي كلمةً أحاجُّ بها لك عند الله - تبارك وتعالى - ، قل : لا إله إلا الله ) وحوله كبار قريش فكانوا ينهونه أن يستجيب لدعوة ابن أخيه محمد - عليه الصلاة والسلام - ، فكان آخر كلمة قالها عمه أبو طالب وهو في حضرة الموت لولا أن يعيرني بها قومي لأقررت بها عينك ، لماذا لا يقول لا إله إلا الله لأن القول بها نفي للآلهة الباطلة الأخرى ، فهؤلاء يعلمون هذه الحقيقة ، أما المسلمون اليوم مع الأسف الشديد فهم لا يعلمون معنى لا إله إلا الله ولو علموا لآمنوا حقًّا ولزمهم ذلك من أن ينكروا أعمالًا هي الكفر بعينه يقع فيه كثير من المسلمين بسبب جهلهم بهذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله .ولا بأس من شرح هذا بعض الشرح لأهمية الموضوع . إن المسلم الذي يصاب بمصيبة فيذهب إلى قبر نبي أو ولي فيطلب منه رفع الكرب وحل التفريج محله من ذاك الرجل الميت يطلب ويستغيث منه هذا الذي يفعل هذه الفعلة لم يعرف أولًا معنى لا إله إلا الله ولئن عرف لم يؤمن بها لأن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق سواه - سبحانه وتعالى - ومناداة المسلم لغير الله في الشدائد لرفع المصائب لحل الشفاء لحل المرض للتوسيع في الرزق ، هذه الطلبات كلها عبادة لهذا المدعو من دون الله - تبارك وتعالى - ، ولذلك نحن نقرأ في كل ركعة من صلواتنا : (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) أي إياك وحدك نعبد لا غيرك نعبد معك وإياك نستعين أي بك وحدك نستعين في الأمور التي لا يستطيعها غيرك فلئن سألت هؤلاء الناس المسلمين زعموا الذين يأتون إلى الأولياء والصالحين ويطلبون منهم الرزق لئن سألتهم هل يستطيع هؤلاء أن يرزقوا شيئًا لأجابوا بكل صراحة لا ، هل يستطيعون أن ينفعوا أو يضروا ؟ لقالوا لا إذن لماذا تدعونهم من دون الله - تبارك وتعالى - إن فعلكم هذا هو فعل المشركين الأولين تمامًا الذين كانوا يدعون الآلهة من دون الله وفي دعائهم لهذه الآلهة قد عبدوهم من دون الله - عز وجل - . لذلك قال - تعالى - : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) ، (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ )) ، (( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ )) . إذًا هؤلاء الموتى لا يسمعون دعاءكم فلماذا تدعونهم ؟ ولو سمعوا دعاءكم ما استطاعوا إجابتكم لأنكم تدعونهم في شيء لو كانوا أحياء ما استطاعوا أن يحققوا لكم ذلك فأنتم إذن بهذه المناداة عبدتموهم من دون الله ، يجهل أكثر المسلمين اليوم مع الأسف أن معنى دعاء المقبور من دون الله هو عبادة لهذا الميت من دون الله يجهلون هذه الحقيقة مع قول الرسول - عليه السلام - : ( الدعاء هو العبادة ) ، ( الدعاء هو العبادة ) فلما بتقول أو يقول القائل : يا باز أغثني لقد دعوته من دون الله وطلبت منه الغوث وهو لا يملكه ولو كان يملكه ما سمعك ما يستطيع استجابتك إلى آخره ، فإذن مناداتك للميت هو عبادة له وعبادتك إياه كفر بلا إله إلى الله ، لأن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق فقد عبدت هذا الميت وطبعًا هذه العبادة ليست بحق ، لأن العبادة الحقة هي التي توجه إلى الله - تبارك وتعالى - ، هذه كلمة قصيرة حول بيان معنى هذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله وما تستلزمها من الإخلاص في عبادة الله - عز وجل - وأن لا يعبد الإنسان مع الله شيئًا آخر ، فإن عبده فقد ألهه وإذا ألهه كفر بمعنى هذا النفي والإثبات ، لا إله مطلقًا إلا الله وحده لا شريك له ، فإذن لا إله المعنى لا معبود بحق وليس المعنى لا رب لأن هذا المعنى الثاني لا رب معنى صحيح لكنه قاصر كما إذا قلت محمد نبي معناه صحيح ولكنه قاصر ، فلا بد أن تقرن إلى ذلك نبي ورسول ، كذلك رب العالمين - تبارك وتعالى - لا رب سواه أي لا خالق معه هذه صحيح ، ولكن هذا ليس هو التوحيد كله بل لا بد أن تضم إلى ذلك أن هذا الرب لا يعبد سواه لا يؤله سواه فهذا معنى لا إله إلا الله ، ولعلنا استطعنا أن نوضح لكن هذه الكلمة الطيبة التي الملجأ الوحيد لخلاص العبد في هذه الدنيا من العذاب الأبدي في الآخرة ، فمن لم يقلها فاهمًا لمعناها محققًا لهذا المعنى في منطلقه في الحياة فهو من المشركين الذين قال الله - عز وجل - في حقِّهم أنه لا يغفر لهم (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ؛ لذلك نعتقد نحن أن أهم واجب على الدعاة في العصر الحاضر هو شرح عقيدة التوحيد قبل كل شيء قبل أي إصلاح ، قبل إي صلاح نريد أن نحقِّقه في نفوس الناس فقبل كل هذه الأشياء هو تفهيم المسلمين معنى هذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله وإلا ذهبت أتعابنا ومساعينا ودعواتنا أدراك الرياح ، لأننا لو أوجدنا إنسانًا بدعوتنا هو أعبد الناس في زماننا ولكنه لا يفهم معنى لا إله الله بل هو لجهله بها يكفر بها وهو لا يدري ولا يشعر إن نحن أوجدنا مثل هذا الإنسان الأعبد ولكنه جاهل بمعنى هذه الكلمة الطيبة لن نصنع به شيئًا ، لأن الخطاب موجه إليه وإلى كل من كان مثله في قوله - عز وجل - : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) ، فلذلك كل دعوة اليوم بين المسلمين لا .

مواضيع متعلقة