تتمة شرح ما جاء في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح ما جاء في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء )
A-
A=
A+
الشيخ : فجاء في هذه الفقرات قوله : ( ولن يقبضَه الله - تعالى - حتى يُقيمَ به الملة العوجاء ) ؛ لن يتوفى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على الأخبار التي جاءت قبل مجيء الرسول وبعثته جاء ذكرها في التوراة ( لن يقبضه الله - تبارك وتعالى - حتى يقيمَ الملة العوجاء ) ، المقصود بالملة هنا هي ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، ولكن وصف الملة هاهنا بأنها عوجاء إنما هو باعتبار ما دخل عليها وما طرأ فيها من التغيير والتبديل لا منه إبراهيم - عليه السلام - ، فقد كان أمَّةً قانتًا موحدًا لله - تبارك وتعالى - داعيًا إلى الله كما أمره الله - تبارك وتعالى - ، وإنما الناس بعد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - اعوجوا وانحرفوا عن ملته ومع الزمن أصبح الناس يتوهمون أن ما هم فيه من الاعوجاج والانحراف عن ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إنما هي الملة المستقيمة ، تمامًا كما هو الشأن اليوم مع الأسف الشديد بالنسبة لكثير من المسلمين الذين يتعبدون الله - تبارك وتعالى - بأمور ليست من الإسلام في شيء ، ولكن الله - عز وجل - الذي تعهَّدَ لهذا الدين بالمحافظة عليه كما قال ربنا - تبارك وتعالى - : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) ، فالله - عز وجل - لا شك أنه موفي بهذا العهد فهو قد حافظ على الشرع الإسلامي فلا يزال هو كما كان في عهد الرسول - عليه السلام - محفوظًا ما بين دفتي القرآن وما بين كتب السنة الصحيحة ، أما قبل الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقد أصاب الملة الإبراهيمية اعوجاج لم يبق هناك مجال لأحد أن يعرف الاستقامة التي كانت في ملة إبراهيم - عليه السلام - حينما بعث بها ، ولذلك فقد قيد الله - تبارك وتعالى - لملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أن يقيمها ويعيدها سيرتها الأولى من الاستقامة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأخبر الله - عز وجل - في التوراة بأنه إذا بعث محمد - عليه الصلاة والسلام - فإنه سوف يبارك له في عمره ويطيل له في أجله فلا يقبضه إليه إلا بعد أن يقيم الملة الإبراهيمية الحنيفية التي أدخل فيها ما ليس منها فأصبحت ملة عوجاء ، مثلًا من الأمثلة التي توضح لكُنَّ كيف أصبح ملة إبراهيم عوجاء بسبب ما أدخل الناس بجهلهم في هذه الملة السمحاء ، كلنا يعلم أن الذي بنى الكعبة الشريفة إنما هو إبراهيم - عليه السلام - وهو الذي دعا الناس إلى الذهاب إلى الحج إلى بيت الله الحرام وأنه هو الذي سن الطواف هناك حول الكعبة وبين الصفا والمروة ولبث الناس ما شاء الله - تبارك وتعالى - من سنين يحافظون على سنة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في الحج والمناسك ، ثم عرض لهذه المناسك شيء كبير من الانحراف من أوضح ذلك أن الأصنام بدأت تتسرب إلى بيت الله الحرام بسبب انحراف الناس عن عبادة الله وتوحيده كما دعا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إليه ، فجلبوا الأصنام من هذه البلاد من الروم إلى مكة ووضعت على ظهر البيت الحرام مع أن المساجد كما قال - تعالى - : (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )) ، وأفضل المساجد على وجه الأرض هو المسجد الحرام ومع ذلك وضعت الأصنام على ظهر بيت الله الحرام وعبدت من دون الله - تبارك وتعالى - ، وهذا من بل هو أعظم البدع والضلالات التي دخلت في دين إبراهيم وفي بيت الله الحرام .ومن ذلك أن الطوافين حول الكعبة سول الشيطان إليهم بأنه أتقى لهم وأبرأ وأشرف لهم زعموا عند الله - تبارك وتعالى - أن يطوف الطائف منهم حول الكعبة عاريًا كما يقال : رب كما خلقتني ، لا فرق عندهم بين النساء والرجال ، هذا من الانحراف الخطير الذي أصاب ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وخاصة في بيت الله الحرام ، ولقد كانت المرأة حينما تدخل المسجد الحرام للطواف حول الكعبة تلقي ثيابها كما تفعل المرأة المومس اليوم على ظهر المسرح حينما تقف للتعرِّي أمام الرجال ، فكانت المرأة جاءت لتعبد الله زعمت جاءت لتطوف حول الكعبة المشرفة في المسجد الحرام فكانت تنزع ثيابها قطعة قطعة حتى تطوف حول البيت عارية ، لماذا سول الشيطان لهؤلاء الأقوام من النساء والرجال أن يطوفوا حول البيت عراة رجالًا ونساء ؟ لقد سول لهم ولهن استحسان الطواف حول الكعبة عراة بدعوى أنه لا يليق بالطائف حول الكعبة في ثياب عصى الله فيها ، إذن ينبغي خلع هذه الثياب وكانت غفلتهم شديدة جدًّا لأن هذه الثياب التي يمكن غسلها مثلًا ويمكن تغييرها إذا أرادوا أن يطفن الطواف المشروع بأن يلبسن ثيابًا لم يعص الله فيها مغسولة ونظيفة إلى آخره ، ولكن ما ذكرهم الشيطان لأن هذا التذكير ليس من دأب الشيطان لأنه يذكر بالشر وليس بالخير أنه لا يليق بأحدكم أو بإحداكن أن يطوف بالبيت الحرام بقلب عصى الله هذا الذي ينبغي يذكر الإنسان .

مواضيع متعلقة