تتمة شرح ما جاء في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... ولا يدفع بالسيئة السيئة ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح ما جاء في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( ... ولا يدفع بالسيئة السيئة ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ومن أخلاقه - عليه السلام - المذكورة في التوراة : ( ولا يدفع بالسيئة السيئة ) ؛ أي : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان يغلب عليه أنه إن أساء إليه أحد لم يقابل السيئة بالسيئة ، وإنما يقابل السيئة بالحسنة ، ويعفو ويصفح كما تقدم معنا في الدرس الماضي في قوله - تبارك وتعالى - : (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )) ، فلم الرسول - عليه الصلاة والسلام - يجازي ويكافئ بالسيئة السيئة وإنما كان يدفع السيئة بالحسنة ، وذلك مما علمنا الرسول - عليه السلام - من الأخلاق الإسلامية وما كان له أن يخالفنا إلى ما نهانا عنه فهو إن نهى عن شيء فهو أسبق الناس عن الانتهاء عنه وإن أمر بشيء فهو أسبق الناس إلى امتثاله والائتمار به ؛ لذلك حينما أمر المسلم أن يدفع السيئة بالحسنة فما كان له أن يخالف ذلك فيدفع السيئة بالسيئة ولكن كما جاء في هذا الحديث : " ولكن يعفوا ويغفر " . ومن الأمثلة التي أذكرها الآن مما يصدق مثالًا موضحًا لهذه الفقرة من هذا الحديث وهو قوله : " ولكن يعفو ويغفر " قصة ذلك المشرك الذي تتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره أو غزواته حتى وجد منه خلوة وابتعادًا عن أصحابه في الصحراء في البرية فوجده فتتبعه واقتفى أثره حتى وجد النبي - عليه السلام - أخرج السيف من خزامه وعلقه على الشجرة ثم وضع رأسه فنام ، فما كاد ذلك المشرك يرى أن الرسول - عليه السلام - أصبح عزل عن السلاح حتى سارع إلى السيف فأخرجه من غمده ثم أيقظه أي أيقظ النبي - عليه الصلاة والسلام - ثم قال له وقد أشهر المشرك سيفه : من يجيرك مني ؟ كأنه يقول أصبحت الآن مني تحت ضربة السيف ، فمن يجيرك مني من يخلقصكم مني ؟ فما كان منه - عليه الصلاة والسلام - إلا أن قال : ( الله ) هو الذي يغيثني وينقذني منك ، فما كان إلا أن سقط السيف من يد ذلك المشرك من رهبته وخوفه من مناداة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لربه ، وسرعان ما أخذ الرسول - عليه السلام - السيف بيده وقال له : ( مَن يُجيرُكَ منِّي ؟ ) انعكست القصة هنا خضع المشرك وطلب منه أن يعفو عنه فأطلقه - عليه الصلاة والسلام - وانصرف ، ولعل في القصة وإن كنت لست أستحضر الآن أن المشرك حينما رأى هذا الخلق السامي الكريم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمن وأسلم ، هذا مما يشهد لهذه الفقرة من هذا الحديث : ( ولكن يعفو ويغفر ) قال في التوراة طبعًا هذه الصفات كانت في التوراة التي كان يتداولها اليهود في أول ديانتهم وقبل أن يصيبها التغيير والتبديل ، أما الآن فلا يوجد من مثل هذه الفقرات إلا أشياء لا يمكن أن يفهم منها أن المقصود بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي سيبعث نبيًا رسولًا إلى كافة الناس .

مواضيع متعلقة