تتمة شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ... وإذا غضب أحدكم فليسكت ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ... وإذا غضب أحدكم فليسكت ).
A-
A=
A+
الشيخ : ثم قال - عليه السلام - : ( وإذا غضب أحدكم فليسكُتْ ) ، أي : لا يتجاوب مع ثورته الغضبية فيتكلَّم بكلام ما يؤذي به ذلك الذي كان سبب إغضابه تمامًا كما وقع لعمر مع ذلك الرجل حذيفة بن عيينة حينما فاجأه بذلك الكلام الجائر فقال له : " إنك لا تعطي الجزل ولا تحكم بالعدل " ، فهذا كلام مثير بلا شك ومغضب لعمر ، وفعلًا هو غضب ، وهَمَّ به أي بعقوبته بضربه بدرته ، لكن لما ذكر بتلك الآية الكريمة : (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )) أمسك غضبه ولم يتجاوب مع ثورته وهكذا هنا يقول الرسول - عليه السلام - : ( وإذا غضب أحدكم فليسكُتْ ) ؛ أي : لا يتكلَّم كلامًا يعتدي به على الذي أثاره ؛ ولذلك جاء في الحديث الصحيح : " أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : أوصني يا رسول الله . فقال له - عليه السلام - : ؛ لا تغضَبْ " . ما عجبته شو هالنصيحة هَيْ كملتين ( لا تغضَبْ ) . قال له : يا رسول الله أوصِني . قال له : ( لا تغضَبْ ) . قال له : يا رسول الله ، أوصني . قال له : ( لا تغضَبْ ) ، فرأيت الخير كلَّه في ترك الغضب ) ؛ يعني فيما بعد لما انصرف عن الرسول - عليه السلام - وقد حمل منه هذه النصيحة الطيبة ( لا تغضَبْ ) ، فكان كلما هَمَّ بأن يغضب يكبح جماح نفسه فلا يغضب ، فيجد بركة استجابته لنصيحة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال بعد أن جرب فائدة هذه النصيحة في نفسه : " فوجدت الخير كله في ترك الغضب " فهنيئًا لمن استجاب لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولنصيحته فبذلك يحيى في الدنيا حياة طيبة كما قال ربنا - تبارك وتعالى - في الآية الكريمة : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )) ، فالرسول - عليه السلام - يدعونا دائمًا وأبدًا للأخذ بمكارم الأخلاق التي فيها حياة المتمسك بها حياة طيبة في الدنيا قبل الآخرة وعلى العكس من ذلك أي الذي يأخذ بتعاليم الرسول - عليه السلام - وبتوجيهاته يعيش في دنياه عيشة صعبة ضنكة شديدة يبقى دائمًا حرجًا صدره ضيقًا كأنما يصعد في السماء ، وأما الذي يستجيب لنصائح رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كالبحر لا تعكره الدلاء ، كذلك من رام ومن قصد الحياة الطيبة السعيدة في الدنيا فعليه أن يستجيب لنصائح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبذلك يعيش في رغد وهناء من العيش ، لأنه إذا ما أغضب تكون القاعدة عنده أنه لا يستجيب لهذا الغضب ، وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يثأر لنفسه وإنما إذا انتكهت محارم الله لم يقف شيء أمام غضبه - عليه الصلاة والسلام - ، فهذه إذن نصيحة يجب أن نضعها دائمًا أمام أعيننا أننا إذا أغضبنا فلنسكت ولا نتجاوب مع الذي أغضبنا .

مواضيع متعلقة