تكفير الحنفية لمن يقول : ( أنا مؤمن إن شاء الله ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تكفير الحنفية لمن يقول : ( أنا مؤمن إن شاء الله ).
A-
A=
A+
الشيخ : ونتج من وراء ذلك أن الأحناف غلوا فقالوا : من قال أنا مؤمن إن شاء الله فقد كفر ، من قال أنا مؤمن إن شاء الله فقد كفر بنو حكمهم هذا على حكمهم السابق وهو خطأ بني على خطأ قالوا الإيمان لا يقبل الزيادة فإذا قال القائل : أنا مؤمن إن شاء الله معناه أنه شك في إيمانه فمن شك في إيمانه فهو كافر ، ولكن إذا تصورنا أن قولهم الإيمان لا يقبل الزيادة خطأ عرفنا أن حكمهم المذكور هو خطأ ، ولذلك كان عقيدة السلف أنهم إن سئلوا هل أنت مؤمن ؟ قال : أنا مؤمن إن شاء الله ، لأنه يعتقد أن العمل الصالح من تمام الإيمان الكامل .وترتب من وراء الخطأ السابق خطأ أفحش منه ووهو فتوى صدرت منذ مئات السنين من بعض الحنفية أنه لا يجوز للحنفية أن يتزوج بالشافعية ، لماذا ؟ لأنهم يشكون في إيمانهم ، الشافعية رجالًا ونساءً إذا سئلوا قالوا : أنا مؤمن إن شاء الله ، والأحناف إذا سئلوا قالوا أنا مؤمن حقًا فحكموا على الشافعية بالكفر لأنهم يشكون في إيمانهم .والحقيقة أن الشافعية لا يشكون في الإيمان المستقل في قلوبهم كإيمان يقبل الزيادة إنما هو يشكون في إيمان يقبل الزيادة لا يشكون في إيمان هو بمعنى الإيمان المحدود عند الحنفية وهنا نتج هذا الخلاف الطويل العريض وأوصل المخالفين إلى هذه الفتوى الجائرة التي حكمت على ربما نصف الأمة المحمدية بالكفر والضلال ، ومع ذلك فقد عُدلت هذه الفتوى بعد زمن بعض الشيء ولا أقول كل الشيء لأن جاء بعد المتفي السابق فأجاب بأنه يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية تنزيلًا لها بمنزلة أهل الكتاب ، ومعنى هذا يجوز للحنفي أن يأخذ من الشافعية زوجة له ولا يجوز للحنفي أن يعطي ابنته زوجة لشافعي لأنه قال تنزيلًا لها منزلة أهل الكتاب ، فكما أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية لكنه لا يجوز له أن يزوج له ابنته لكتابي كذلك قال هذا المفتي الأخير بأنه يجوز للحنفي أن يتزوج الشافعية ولكن لا يجوز له أن يزوج ابنته لشافعي ، كل هذا وهذا نتج من وراء سوء الفهم للإيمان والجزم بأن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقص على الرغم من صراحة الآيات والأحاديث بأن الإيمان بتعدد ويتنوع ، وأكبر دليل على ذلك الحديث السابق : ( الإيمان بضع وستُّون شعبة ، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ، فهذا الحديث فيه أن الرسول - عليه السلام - سئل عن خير الأعمال فأجاب بقوله : إيمان بالله فدل على أن الإيمان الذي مقره القلب هو عمل ، وإذا كان عملًا فمعناه يقبل الزيادة والنقصان فما هو شيء جامد وهذا مما يلاحظه كل منا في نفسه ، المسلم حينما يسمع خبرًا من شخص يثق به فيلقى في نفسه أن هذا الخبر صحيح ، فإذا جاء رجل ثاني أو مخبر ثاني فأخبره بنفس الخبر ازداد إيمانًا بصحة هذا الخبر ، فإذا جاءه آخر وآخر كلما جاءه مخبر كلما وجد في نفسه زيادة إيقان بصحة ذلك الخبر فلا يمكن أني يتصور أن هذا الإيقان واليقين الذي مقره القلب جامد يقف عند مرتبة كذلك الإيمان الذي يزداد بالأعمال الصالحة وينقص بالأعمال الطالحة ليس له حد يقال إلى هنا وبس وإنما يقبل الزيادة إلى حيث لا يتصور ، لذلك جاء في القرآن الكريم حينما طلب إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - من رب العالمين آية ، قال : (( أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )) ، فهذا الاطمئنان ليس لشك إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في قدرة الله - عز وجل - على الإحياء وإنما ليزداد إيقانًا واطمئنانًا وإيمانًا ، فهذا هو الذي يقول به الجمهور أن الإيمان يقبل الزيادة وهو هذا الاطمئنان والازدياد من اليقين .

مواضيع متعلقة