بيان خطر منصب القضاء والإفتاء وبيان المسؤولية عليهما. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان خطر منصب القضاء والإفتاء وبيان المسؤولية عليهما.
A-
A=
A+
الشيخ : أما الحكام اليوم فلسنا نطولهم لا سيما والحاكم الأول صاحب الولاية الكبرى مع الأسف قد ذهب منذ ذهبت الخلافة الراشدة فبقي على الولاة أصحاب الولايات الخاصة بحكم وظائفهم أن يقوموا بنصح أمتهم وهذا في الواقع أمر واسع وقلّ من يقوم بواجب تحقيق الرعاية في منصبه مثلًا أهم شيء في مثل هذه الولايات هو ولاية الإفتاء والقضاء وأن المفروض في الحاكم المسلم الأول أن يحكم هو بين الناس وأن يقضي هو بين الناس لأنه خليفة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكن كما ذكرنا آنفًا لما كانت شؤون الدولة واسعة واسعة جدًّا فلا يمكن للخليفة الأول ولو كان من الخلفاء الراشدين أن يقوم بكل واجبات ومنها واجب القضاء بين الناس فيما اختلفوا فيه من شؤون الحياة لذلك كان لا بد له من أن ينوب غيره عنه . فاليوم النواب هم أو منهم القضاء ومنهم المفتون فهؤلاء أمرهم دقيق وخطر جدًّا لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول مثلًا في القاضي ( قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة ) ، لماذا ؟ لأن القاضي أول كل شيء يجب أن يحكم بالحق والحق ليس هو إلا ما جاء في الكتاب والسنة فإذا كان معلوما اليوم أن القضاة منذ مئات السنين فضلًا عن اليوم حيث اختلط الحابل بالنابل ، فالقضاة منذ مئات السنين إذا ما قضوا بين متخاصمين لم يرجعوا إلى الكتاب والسنة حيث النص الصريح في ذلك في مثل قوله - تعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )) ، هذا حينما كانت أحكام المذاهب الأربعة هي المتحكمة في توجيه المسلمين على اختلاف أو في كل اختلاف شؤونهم .

أما اليوم فقد زيد كما يقال في الطين بلة وفي الطنبور نغمة حينما أخذ هؤلاء القضاة يستفتون القضاء الأجنبي - أيضًا - ويستفيدون منه ما ليس حتى في مذاهب المسلمين ؛ ولذلك كان أمر هؤلاء القضاة اليوم خطرا أكثر من ذي قبل فالحريص منهم على دينه هو أحد رجلين إما أنه قبل أن يتولى القضاء يتعرف على الكتاب والسنة فإذا استطاع أن يحكم بهما تولى القضاء فإن لم يستطع اعتزل القضاء وترك الأمر لغيره حتى لا يكون هو كبش الفداء كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث السابق : ( قاضيان في النار ، وقاضٍ في الجنة ) ، وكذلك يقال بالنسبة للمفتي بل المفتي أمره من جهة أيسر ومن جهة أخطر أما أنه أيسر فليس مكلفا بنظم وقوانين مفروضة من قبل رؤساء الدول أما أنه أمره أخطر ذلك لسعة دائرة عمله فإنه يستفتى في اليوم الواحد ربما عن كثير بل عشرات من المسائل فعليه ألا يفتي إلا إذا عرف الحكم الشرعي من الكتاب والسنة هذا كله يدخل في مثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( كلُّكم راعٍ ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه ، فالأميرُ الذي على الناس راعٍ ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ) ، فالقاضي والمفتي كل منهما أمير على الناس فهو مسؤول في حكمه في قضائه في إفتائه بينهم ألا يقضي وألا يفتي إلا على ضوء الكتاب والسنة . كذلك الرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته فلا يجوز الرجل أن يتهاون في تربية أهل بيته نساء أو رجالًا ولو أن المسلمين جميعًا قاموا بواجب الرعاية على أهاليهم لما وجد هذا الفساد الذي استشرى وانتشر بين الشباب والشابات من التفرنج والتشبه والتأنث والترجل ونحو ذلك من المفاسد التي تشاهد اليوم مع الأسف بكثرة فعلينا إذن أن نأخذ من هذا الحديث ذكرى تنبهنا إلى ما قد نكون قد قصرنا فيه من القيام ببعض الواجبات تجاه أهل البيت : ( والرجل راعٍ على أهل بيته ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه ، وعبد الرجل راعٍ على مال سيِّده ، وهو مسؤولٌ عنه ، ألا كلُّكم راعٍ ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه ) الحديث الأخير في هذا الباب حديث ضعيف لذلك نتنكَّبه ونتجاوزه كالعادة .

مواضيع متعلقة