حديث الشيخ على خطر إيمان الجبرية. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث الشيخ على خطر إيمان الجبرية.
A-
A=
A+
الشيخ : فالجبرية حينما يؤمنون بالقدر وأنه يلزم من القدر كله أن المقدّر عليه مجبور على ما قدر عليه في ذلك إبطال للشرائع أي نسبة ما لا يليق بالله - عز وجل - من التشريع الذي يستلزم إنزال الكتب وإرسال الرسل وتكليف العباد بما أنزل وما أرسل فهذا معناه نسبة الرعونة وعدم الحكمة إلى الله - عز وجل - إذا ما قالوا أن الإنسان مجبور فكيف يرتقي في ذهن العقلاء الفقهاء بالشرع الإلهي كيف يلتقي في أذهان هؤلاء تكليف وجبر ؟ كيف يقال للمغلل بالأغلال امشي افعل صل توضأ وهو مجبور لا يستطيع ذلك ؟ لو أن إنسانا مخلوقا له عبد رقيق قيده في شجرة ثم أمره أن ينطلق لحاجة كذا ماذا يقول الناس في هذا السيد لاشك أنه ظالم لأنه يأمر عبده بأمر وقد غلله أي حال بينه وبين أن يتمكن من طاعة سيده لا شك أن العقلاء جميعًا ينسبون هذا السيد إلى الظلم وهذا هو عينه ما اعتقده الجبرية بالخالق - سبحانه وتعالى - فقال قائلهم شعرًا :

" ألقاه في اليم مكتوفًا ثم قال له *** إياك إياك أن تبتلَّ بالماء "

هذا وصفهم لله وكذبوا فإن الله - عز وجل - لو كان كذلك لكان هو عين الظلم والله - عز وجل - قد صرَّحَ في غير ما آية بأنه لا يظلم الناس شيئًا ، وقال في الحديث القدسي : ( يا عبادي ، إني حرَّمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرَّمًا ؛ فلا تظالموا ) ، أتدرون ما كان جواب الجبرية بالنسبة لهذه الأخبار الإلهية التي تنزه الله عن الظلم صراحة ماذا قالوا شأنهم دائمًا وأبدًا شأن المعطلة المؤولة يضربون النصوص لكي تتفق مع مفاهيمهم الخاطئة قالوا لا يتصور أن يكون الله ظالما وحقيقة قولهم لا يمكن الله أن يظلم وهذه قضية فيها دقة فيها خطورة نعم .

السائل : ... .

الشيخ : أيوا هذا من ناحية ومن الناحية الثانية ربنا ينزه نفسه عن الظلم هذا معناه أنه لو شاء لظلم لكنه يترفع عن ذلك وهذا هو الكمال أما أن نتصور أن الله - عز وجل - لا يمكن أن يظلم كيف لا يمكن في تعبير الجبرية قالوا الظلم هو تصرف الإنسان في مال الغير أما الله - عز وجل - فهو يتصرف في خلقه فإذن هو لا يتصرف في ملك غيره فلذلك لا يتصور أن يقع منه ظلم لا يقولون لا يتصور أن يقع منه ظلم لأنه عادل ولأنه منزه عن الظلم كما سمعتم بصورة خاصة في الحديث وإنما لأنه هذا غير ممكن هذا التأويل الباطل سببه أنهم فهموا من القدر ... إيش الحجة (( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) ، (( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ )) هذا فيه إبطال لنصوص كثيرة وكثيرة جدًّا من الشريعة وهي كلها تدور حول تنزيه الله - عز وجل - عما لا يليق به كمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )) ماذا يجيب الأشاعرة عن هذا النص الصريح بأن الله - عز وجل - يتنزَّه عن أن يعامل المتقين كالمجرمين يقولون هذا حكم الشرع ، أما العقل فيقول بأنه من الجائز في حق الله - عز وجل - أن يضع الصالح مكان الطالح والطالح مكان الصالح فقيل لهم آه فالعقل إذن مخالف للشرع والشرع مخالف للعقل يرجعون أخيرا فيقولون يعني إن الله - عز وجل - قادر على تعذيب الطائع وإثابة العاصي لكنه إيش لا يفعل يعود السؤال لا يفعل عقلا أم شرعا يقولون شرعا أما عقلا فجائز ليه لأنه إن فعل لم يتصرف في غير ملكه فهو فعال لما يشاء فكأنهم يقولون إن الله - عز وجل - من الجائز أن يعمل عملًا في عرف الناس جميعًا هو ظلم لكنه إذا وقع من الله ليس بظلم لأنه يتصرف في ملكه حينئذٍ ما معنى الحديث السابق من كلام الله - عز وجل - : ( يا عبادي ، إني حرَّمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرَّمًا ؛ فلا تظالموا ) ، إيش معنى ( حرَّمت الظلم على نفسي ) ؟ معنى ذلك أنه قادر فعلًا على أن يظلم الناس ، ولكنه حاشاه - تبارك وتعالى - أن يظلم الناس مثقال ذرة !

مواضيع متعلقة