تتمة الكلام على تأخير السحور - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الكلام على تأخير السحور
A-
A=
A+
الشيخ : إذًا إنما يحرم الطعام في الوقت الذي تحل فيه صلاة الفجر لا فصل بين الأمرين لا إمساك ربع ساعة أو أقل أو أكثر بين وقت حل صلاة الفجر وبين وقت تحريم الطعام أبدًا ؛ لأن الصلاة إنما تجب بطلوع الفجر الصادق والطعام يحرم على الصائم بطلوع الفجر الصادق فليس بين الأمرين فصل إطلاقًا ؛ لذلك جاء في الحديث المتفق عليه بين البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( لا يغرَّنَّكم أذان بلال ) ، لا يغرنكم أذان بلال أي الأذان الأول ( فإنما يؤذن ليقوم النائم ويتسحر المتسحر فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) ابن أم مكتوم واسمه عمرو وهو كان ضريرا وهو الذي نزل في حقه قوله - تبارك وتعالى - : (( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى )) إلى آخر الآيات هذا هو كان يؤذن الأذان الثاني الأذان الذي يحرم به الطعام ويحل به صلاة صلاة الفجر كيف كان يؤذن وهو ضرير هذا سؤال يرد بطبيعة الحال على أذهان بعض الناس لقد كان عمرو بن أم مكتوم رضي الله تعالى عنه يصعد على ظهر المسجد هو لا يرى الفجر لكنه ينتظر أحد المارة الذين يمرون به فإذا رأوا الفجر قد سطع وانتشر في الأفق قالوا له : " أصبحت أصبحت " حينئذٍ يؤذن فأنتم تلاحظون هنا أن أذان عمرو بن أم مكتوم كان بعد أن طلع الفجر ورآه الناس وهم يمشون في الطرقات .

الطالب : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حينئذٍ إذا قيل له " أصبحت أصبحت " أذّن فإذن في الأمر سعة حيث أن المؤذن كان يتأخر في أذانه حتى يسمع الناس يقولون له أصبحت أصبحت ثم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إذا سمعتم النداء والإناء على يد أحدكم فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه ) ، فصدق الله - عز وجل - حينما قال في أواخر تلك الآيات المتعلقة بالصيام (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) ؛ فإذًا من الفقه المستنكر والمخالف لهذه السنة أن يقول القائل أن الصائم إذا سمع الأذان واللقمة في فمه فعليه أن يلفظها هذا تنطع وغلو في الدين ورب العالمين وعظنا وذكرنا في كتابه وفي سنة نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - ألا نغالي في ديننا فحكى في القرآن الكريم قائلًا : (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ )) ، وقال لنا رسولنا - صلوات الله وسلامه عليه - : ( إياكم والغلوَّ في الدين ؛ فإنما هلك مَن قبلكم بغلوِّهم في دينهم ) أو قال - عليه السلام - ( إنما أهلك الذين من قبلكم غلوُّهم في دينهم ) ، فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد بيَّنَ لنا أن في مسألة سحور المتسحر سعة وفسحة حتى قال : ( إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضَعْه حتى يقضي حاجته منه ) ، فهذه مشاقاة لله وللرسول أن يقول الإنسان للذي سمع الأذان واللقمة في فمه الفظها وارمها أرضًا هذا ليس من السنة بل هذا هو خلاف السنة وخلاف أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - الصريح وقد سئلت كثيرًا فلا أدع مجالًا لتوجيه مثل هذا السؤال فأقدم إليكم سلفًا أن هذا الحديث موجود في أشهر كتب السنة التي منها " سنن أبي داود " وهو الكتاب الثالث من الكتب الستة المشهورة أولها " صحيح البخاري " ثانيها " صحيح مسلم " ثالثها " سنن أبي داود " هذا الحديث موجود فيه وكذلك رواه أبو عبدالله الحاكم في " مستدركه " وكذلك أخرجه الإمام إمام السنة أحمد بن حنبل - رحمه الله - في كتابه العظيم المعروف بـ " مسند الإمام أحمد " فهذا الحديث إذن ليس من غرائب الأحاديث بل هو من الأحاديث المشهورة والتي رواها أئمة السنة القدامى وبالسند الصحيح وهنا أقول خاتمًا لهذه الكلمة لعل أحدكم لديه سؤال فنجيبه عليه إن شاء الله أختم هذه الكلمة بقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إن الله يحب أن تُؤتى رُخَصُه كما يحب أن تُؤتى عزائمه ) ، وفي رواية : ( كما يكره أن تُؤتى معصيته ) ، روايتان كما يحب ( إن الله - عز وجل - يحب أن تُؤتى رُخَصُه كما يحب أن تُؤتى عزائمه ) ، الرواية الثانية ( كما يكره أن تؤتى معاصيه ) ؛ ولذلك فما ينبغي للمسلم أن يتورع تورعا باردا ويستنكف عن إطاعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما حضَّنَا عليه ورخصنا فيه .

وبهذا القدر كفاية ، والحمدلله رب العالمين .

الطالب : جزاكم الله خيرًا .

الشيخ : وإياكم فإذا كان لأحد سؤال أو استشكال فنرجو الله أن يوفقنا للإجابة عليه إن شاء الله .

نعم .

مواضيع متعلقة