ما رأيكم في موقف الدولة السعودية من العدوان العراقي على الكويت ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم في موقف الدولة السعودية من العدوان العراقي على الكويت ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخ ، ناصر قلت جزاك الله خيرا في معرض إجابتك عن السؤال المتعلق بغزو العراق الكويت أن هذا الاعتداء بغي وظلم لا يجوز شرعا وقلت كذلك أن الدولة السعودية هي التي كان يرجى منها أن تطبق قول الله - عز وجل - (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ )) ، وقلت جزاك الله خيرًا بأن الدولة السعودية هذه لا تستطيع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي على العراق وذلك لضعف قوتها العسكرية نسبيا فهي لما خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها الكويت والحالة تلك استعانت ببعض الجيوش الإسلامية والجيوش الكافرة فالسؤال ماذا كان ينبغي على الدولة السعودية أن تفعل إذن وأنت جزاك الله خيرا تعلم أن جيش العراق أقوى من جيوش الدول العربية مجتمعة ؟

الشيخ : كان عليها أن تطبق النص القرآني وهو أن تقابل المعتدي بالمثل وأن ينفر الشعب السعودي جميعًا ويقابلوا الاعتداء بالمثل ويطلبون النصر من الله - عز وجل - لأنه لا يشترط في مقاتلة الكافر أو الباغي وبخاصة إنه مشايخ السعودية مجمعون على تكفير هذا الحاكم في العراق ولا يشترط في الجهاد الإسلامي أن يكون الجيش المسلم مقابلا في العدد والعدة للجيش الكافر وإنما عليه أن يستعد بما يستطيع ثم يطلب النصر من الله - تبارك وتعالى - فهذا كان هو الواجب أن تفعله والآن أنتم ترون بأن السعوديين يعلنون ما بين آونة وأخرى بأنهم هاجموا بطياراتهم وضربوا الجيش العراقي في الكويت وربما غزو الأراضي العراقية إلى آخره فيقال للسعوديين هلّا كان هذا قبل هذا ؟ هلّا كانت مقابلتكم وبخاصة إنه هنّ خشوا إنه الجيش العراقي يغزوهم وهو بعد ما غزاهم فكان عليهم أن ينفروا كافة وأن يتقدموا بالجيش الذي لديهم وأن يستنصروا ببعض الدول الإسلامية لرد اعتداء الجيش العراقي الباغي الذي هو باغي بلا شك ولكنهم ركنوا إلى الدعة وركنوا إلى الاستنصار بالكفار وليت أن هؤلاء الكفار كانوا " من باب أخف الشرّين " كما يقول الفقهاء في بعض القضايا لكن الواقع المؤسف جدًّا جدا أنهم استنصروا واستعانوا ببعض الدول التي هي أعدى الكفار للمسلمين وهي البريطان والأمريكان وهذا لا يجوز في وجه من وجوه العلم والفقه على اختلاف الفقهاء في جواز الاستعانة بالكفار لكن ليس فيهم أبدا من يجيز الاستعانة بالكفار هكذا على الإطلاق بل قد وضعوا شرطا مهما جدًّا لم يلتزمه السعوديون ولا قاربوا من التزامه ألا وهو أن يكون الحاكم المسلم أو الدولة المسلمة أن تكون أقوى من الكفار المستعان بهم هذا شرط منصوص عليه في كتب الفقه قاطبة وبخاصة الفقه الحنبلي الذي يعتمد عليه القضاء السعودي . ففي كتاب المغني وفي الشرح الكبير التنصيص على أنه إن استعين بكافر أو بالكفار فينبغي أن تكون الغلبة للمسلمين عليهم والآن كما يعلم كل إنسان متجرّد عن الهوى يعلم تمامًا أن هذا الشرط مفقود بالكلية لأنهم لو استعانوا فقط بالأمريكان دون الدول الكافرة الأخرى فهذا الشرط غير متوفر في مثل هذه الاستعانة لأن السعوديين إذا كانوا وجدوا لأنفسهم عذرا في الاستعانة بدول الكفر وعداء الإسلام والمسلمين لكون جيشهم أضعف من الجيش العراقي فاعتبروا ذلك عذرا فكيف فاتهم أن هؤلاء الكفار هم أقوى بكثير من العراق ومن السعودية معا كما ترون أنتم الآن الواقع المرير هذا ولكن القضية ليست قضية أن السعوديين خشوا أن يهاجموا من قبل العراقيين فاستعانوا بالكفار لأن الشرع يبيح لهم ذلك لا هم ما فكروا في هذا مع الأسف الشديد أظنكم تعلمون جميعًا أن كل الدول العربية بل والدول الإسلامية أعني بهذا الإضراب أن الدول الإسلامية قاطبة سواء ما كان منها من الدول العربية أو من الدول الأعجمية لكن يجمعها الإسلام أقول مع الأسف الشديد التجارب التي مضت تنبئنا يقينا أن هذه الدول كانت تمشي في ركاب دول الكفر فإما شرقية وإما غربية كما تعلمون ولقد كان من هذه الدول العربية هي العراق نفسها ولكن الأمر بيد الله - عز وجل - ولذلك كان من السنة أن يدعو المسلم فيما يدعو فيه أن يقول تجاوبا مع قول الرسول - عليه السلام - : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها كيف يشاء ) ، لقد قال - عليه السلام - هذا الحديث حينما كان بعض أهله يسمعونه - عليه السلام - يكثر من دعاء : ( يا مقلَّب القلوب ثبِّتْ قلبي على دينك وطاعتك ) ، فسألوا الرسول - عليه السلام - عن سبب الإكثار من هذا الدعاء فأجاب بذاك الحديث : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ؛ يقلِّبها كيف يشاء ) .

فالآن وقعت الواقعة الأولى وهي اعتداء العراق على الكويت وهذا بلا شك لا يقره مسلم يفقه الإسلام في نصوصه الشرعية من الكتاب والسنة لكن كانت المقابلة السعودية لم تكن هذه المقابلة بناء على الأحكام الشرعية وإنما كانت على مذهب أبي نواس تعرفون مذهبه كان يقول " وداوني بالتي كانت هي الداء " فهو عالج الداء بما هو أدوأ منه وأشد ضررًا ألا وهو الاستعانة بأكبر جيوش الكافرة وأحلها في دياره هذه الديار التي مضى على الإسلام فيها أربعة عشر قرنا ولم تطأها دولة كافرة وهذا من عناية الله - عز وجل - بدينه والآن تعتذر السعودية ومن يدور في فلكها من الأخبار التي تذاع عن بعض المشايخ الفضلًاء والله أعلم بصحتها وبصدورها منها هل كان ذلك فعلًا عن اجتهاد خاطئ أم كان مكرها هذا بينهم وبين الله - تبارك وتعالى - فكان اعتذار السعوديين بأننا مضطرون للاستعانة بالكفار لرد اعتداء العراق فيما إذا اعتدى فإذن كان الواجب هو أن ينفروا كافة وأن يستعينوا الله - تبارك وتعالى - عليهم وإلا فنحن نعرف من التاريخ الإسلامي الأول أن أكثر المعارك التي كانت تقع بين الجيش المسلم والجيش الكافر لم تكن القوتين أو القوتان متكافئتين دائمًا كانت قوة الجيش المسلم عددا وعدة أقل بكثير بكثير جدًّا من عدد الجيش الكافر وما كان ذلك عذرا أوَّلًا ليفرُّوا كافة وثانيًا أن يستعينوا بدولة كافرة ولذلك فأنا اعتبر آسفًا آسفًا جدًّا أن أقول إن هذا الاعتذار هو من قبيل عذر أقبح من ذنب .

مواضيع متعلقة