القاعدة الأصولية تقول: إن الأصل في الأوامر والنواهي للوجوب والتحريم ما لم يرد صارف عن ذلك للندب والكراهة، فلم نجد بعض الأوامر تصرف عن ذلك بلا صارف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
القاعدة الأصولية تقول: إن الأصل في الأوامر والنواهي للوجوب والتحريم ما لم يرد صارف عن ذلك للندب والكراهة، فلم نجد بعض الأوامر تصرف عن ذلك بلا صارف ؟
A-
A=
A+
الطالب : بعد المغرب يا شيخ كنا نبحث في مسألة في الأصول ، مع بعض الإخوة ، وسألت عنها جمع من أهل العلم ، هي مسألة أن الصحيح عند الأصوليين " أن الأمر للوجوب ، وأن النهي للتحريم ما لم تأت قرينة أو صارف " .

الشيخ : تمام .

الطالب : هناك - يا شيخ - عشرات الأوامر وعشرات النواهي جعلوا منها شيئًا للندب والكراهة مع عدم الصارف ، والسؤال يا شيخ : لماذا هم قعّدوا هذه القاعدة وصرفوها ، وهذه القاعدة لا بد أن تكون قولية أو فعلية أو مستحسة من الواقع ؟

الشيخ : هي طبعًا من التتبع ، أي قاعدة تقعّد وتؤصل من تتبع العلماء لمفردات الأحاديث والآيات والأحكام ، لكن الحقيقة بأن القول بأن الأصل في الأمر للوجوب ، لا يمكن تعامل الناس على هذا الأساس ، والخروج عن هذه القاعدة لا بد لها من قرينة ، إلا أنه هنا يرد شيء : أنه قد يلاحظ بعضهم قرينة وآخر لا يلاحظها ، يمكن هذا أن يقع ، أما لأنه يقع مثل هذا الخلاف بين إمامين أو عالمين أو طالبين للعلم فهذا لا ينبغي أن يحملنا على إبطال القاعدة الأساسية وهي : " أن الأصل في الأمر للوجوب " .

الطالب : نحن يا شيخ لا نبطلها لكن نقول الضابط ، يعني كمثال يا شيخ درسنا في الكلية ، لما ذكر المدرسون هذه القاعدة ذكروا سبعة أمثلة ، من ضمنها حديث : ( أولِمْ ولو بشاة ) ، والإشهاد في البيع ، والكتابة على البيع ، يقول ذهب بعضهم في ( أولِمْ ولو بشاة ) الجمهور للوجوب ، وخالف آخرون فقالوا للاستحباب ، فنقول : القول للاستحباب ما القرينة عندهم أو ما الصارف عندهم ؟

الشيخ : كل نص يجب أن يُدرس لوحده ، وهذا يُسأل للذي يتبنى أن الأمر في هذه الأمثلة ليس للوجوب .أما ( أولِمْ ولو بشاة ) فهذا ليس هناك ما يصرف الأمر بالنسبة للمستطيع إلى الاستحباب دون الوجوب .أما الإشهاد فتعامل الصحابة بعضهم مع بعض ، تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلا شك هذا دليل عملي على أن الأمر ليس للوجوب ، كما قلت أنا آنفًا بالنسبة أنه إذا جاء مثلًا الفعل بعد النهي يمكن أن يفسر النهي للتنزيه ، أو جاء نقول الآن بعد الأمر يمكن أن يُفسر الأمر أنه ليس للوجوب ، فجريان عمل الرسول - عليه السلام - في بيعه في شرائه مع الناس والصحابة على ذلك وعدم الإشهاد والكتابة على ذلك ، هذا أكبر دليل وأكبر قرينة على أن الأمر ليس للوجوب ، قد يصيب إذن بعضهم حينما يُمثل لأمر ما بأنه ليس للوجوب وقد يخطئ ، والأمر ككل المسائل الاجتهادية يتبع الإنسان فيها ما قام عليه الدليل وبس ، أما أنك تتصور أن كل قاعدة مُسلّمة يعني بالمئة مئة ما من عام إلا وخصص إلا ما ندر جدًّا .

مواضيع متعلقة