مناقشة بعض الطلبة للشيخ الألباني حول مسألة تحريم الشرب قائمًا. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مناقشة بعض الطلبة للشيخ الألباني حول مسألة تحريم الشرب قائمًا.
A-
A=
A+
الطالب : لكن هناك أحاديث أخرى مثل شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - لفضلة وضوئه ، وقد كان أبو هريرة يحدث بهذا الحديث فنقم عليه ذلك علي بن أبي طالب لأنه حجّر على الناس واسعًا ، فتوضأ وضوءًا ثم قام فشرب فضل وضوئه وهو قائم وأخبر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك وهذا في معارضته لما ذكره أبو هريرة - رضي الله عنه - ، واستنبط العلماء من ذلك في الجمع بين هذه الأحاديث قالوا : إن النهي هو للتنزيه والفعل لبيان الجواز .

الشيخ : هذا خطأ محض .

الطالب : ولمَ ؟

الشيخ : أولًا : لم تأت أنت بحديث قولي يعارض أقوال الرسول - عليه السلام - ، ما زلت بنفس الموقف السابق وهو أنك تحتج بفعله - عليه الصلاة والسلام - ، كل ما في الحديث الذي ذكرته هو اعتراض علي على أبي هريرة ، عليٌ حينما اعترض على أبي هريرة هل قدّم حجة على أبي هريرة ومعه ذاك الحديث ومع غيره أيضًا ذاك الحديث الناهي ، هل قدَّم عليٌ - رضي الله عنه - حجة من قوله - عليه السلام - سوى أنه رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشرب فضلة وضوئه ؟!الجواب : لا ، اسمح لي ، حينئذ نقول : إذا تعارض القول والفعل قدّم القول على الفعل ولو أن صحابي اعترض على صحابي وهنا يأتي قوله - تعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) هذا الجواب بالنسبة للحديث وأنه لا يخرج عمَّا أشرنا إليه من الأحاديث الأخرى الفعلية ، لكن هنا يأتي شيء آخر وهو : أن هذا خاص بفضلة وضوئه - عليه السلام - ، فيمكن أن يستثنى هذا لو أردنا أن نعطي لهذا الفعل قيمة خاصّة ، نقول : هذا مخصص بفضلة وضوئه - عليه السلام - ، يعني هو تشبهًا به واقتداءً به يمكن أن يقال هذاـ ، أما أنا فلا أتبنى هذا لأن الحاظر مقدم على المبيح هذا هو الجواب رقم واحد .الجواب رقم اثنين : صحيح الذي ذكرته أن بعض العلماء جمعوا بين الأحاديث بحمل أحاديث النهي على الكراهة التنزيهية ، لكن أقول بكل صراحة : أن هذا يأتي من عدم الدّقة في ألفاظ الأحاديث أو على الأقل مجموع الألفاظ التي جاءت حول هذا النهي ، لو أنه لم يكن هناك إلا حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يُمكن أن يُفسّر هذا النهي بأنه للكراهة التنزيهية توفيقًا بين فعله - صلى الله عليه وسلم - وبين نهيه ، لكني أقول : هنا يرد شيئان : أحدهما : ما عندنا علم ولا أحد ادّعى ذلك بأن فعله - عليه السلام - كان بعد نهيه ، لو أن ذلك ثبت كان يمكن أن يُحمل النهي على الكراهة وفعل الرسول - عليه السلام - بيان للنهي أنه ليس للتحريم ، لكن ما أحد فيما علمتُ ادّعى هذه الدّعوى ولذلك نعود إلى القاعدتين السابقتين .

الطالب : لكن يا شيخ علي بن أبي طالب هو أعلم الصحابة في الناسخ والمنسوخ .

الشيخ : لا لا .

الطالب : هو الذي كان يقول لواعظ : " علمت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكتَ وأهلكت " ألا يعلم علي بن أبي طالب أن هذا الفعل كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ورود النهي ؟

الشيخ : سامحك الله إذا بدك تفتح هذا الباب أيخفى على عثمان - رضي الله عنه - أن الرجل إذا جامع زوجته فلم يمن ليس عليه غسل ؟ أيخفى على عمر بن الخطاب أن المسافر إذا لم يجد الماء يظل لا يصلي حتى يجد الماء ولا يتيمم ، هذا لا يمكن بارك الله فيك ننكر أحاديث الرسول الصحيحة بمجرد إحسان الظن بكون صحابي جليل عظيم كأحد الخلفاء الراشدين إحسان الظن بأنه أحاط بكل شيء علمًا ، يا أخي وكما قال ، ألا تعلم قول الإمام الشافعي : " ما مِن أحد إلا وتخفى عليه سنة من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فمهما قلت من قول أو أصّلت من أصلٍ وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف قولي فدعو قولي وخذوا بسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ، ولذلك فما يجوز بارك الله فيك أن نفتح باب ردّ الأحاديث لمجرد أن رجلا عظيمًا جدًّا كعلي بن أبي طالب أفتى بخلاف ذلك ، وإلا فتحنا على الناس بابًا من التأويل وتعطيل النصوص الشرعية لا قِبَل لنا بردّها أو سدّها ، وأنا بعد ما اكتمل جوابي .قلتُ : لأنه لا يجوز أن يُحمل نهي الرسول - عليه السلام - على التنزيه للسبب السابق وهو : أننا لا نعلم -أقل ما نقول- تأخر فعله الذي يمكن أن نعتبره بيانًا لقوله ، ما نعلم أنه تأخر عن قوله حتى نقول : كان فعله بيانًا لقوله ، وأن قوله لا يعني الكراهة التحريمية وإنما الكراهة التنزيهية هذا أوَّلًا .

ثانيًا : الحديث الذي سبق ذكره نقلًا عن " مسند الإمام أحمد " تجد هنا الرسول - عليه السلام - يقول للذي شرب قائمًا : ( قِئ ) هل تعتقدون بأن مثل هذا التكليف يكلف به من جاء بالمكروه تنزيهًا ويُجعل شرعًا عامًا أنه مادام أنت شربت قائمًا فيجب أن تستفرغ هذا الماء ، هذا معنى ( قِئ ) ، وهذا لا يحتاج إلى بيان ، زد على ذلك : ( أترضى أن يشرب معك الهر ؟ ) . قال : لا يا رسول الله ) . قال : ( شَرِبَ معك مَن هو شَرٌّ منه ، الشيطان ) . فعمل شارك الشيطانُ فيه بني الإنسان يقال يجوز مع الكراهة التنزيهية ؟! هذا من أعجب ما يقال ، لكن الذين يقولون في الحقيقة ما وقفوا على هذه الروايات مجموعة .

مواضيع متعلقة