فائدة : في بيان السبب بذكر فعل الطاعة مرتين عند قوله تعالى : (( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول )) وعدم ذكره مرة ثالثة عند قوله : (( وأولي الأمر منكم )) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : في بيان السبب بذكر فعل الطاعة مرتين عند قوله تعالى : (( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول )) وعدم ذكره مرة ثالثة عند قوله : (( وأولي الأمر منكم ))
A-
A=
A+
الشيخ : ومن النكت البلاغية التي ذكرها الإمام المحقق ابن قيم الجوزية - رحمه الله - في هذه الآية أنه لفت النظر إلى أن الله - عز وجل - أعاد الأمر أعاد الفعل بالإطاعة مرتين : المرة الأولى فيما يتعلق بطاعة الله والمرة الأخرى فيما يتعلق بطاعة رسول الله ولكنه لم يعد فعل الأمر بالإطاعة فيما يتعلق بولاة الأمر فقال - تعالى - : (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )) ، ولم يقل : وأطيعوا أولي الأمر منكم قال ابن القيم - رحمه الله - : " والسر في ذلك أن أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - يجب أن يطاع استقلالًا كما يطاع أمر الله - تبارك وتعالى - استقلالًا دون أن يكون هناك ما يعضده من عقل أو رأي أو نحو ذلك كذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب أن يطاع سواء كان ما يطاع فيه - عليه الصلاة والسلام - مذكورًا في القرآن أو غير مذكور بخلاف إطاعة ولاة الأمور فلا ينبغي إطاعتهم إلا ما أطاعوا الله ورسوله " لكن هذا لا يقال في طاعة الرسول لا يقول قائل وهو مسلم لا نطيع الرسول إلا إذا كان مطيعًا لله أي متبعًا لكتاب الله فقط ، لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد بين أنه يوحى إليه وحي آخر غير وحي القرآن المنزل . فقد قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( تركت فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض ) ، تركت فيكم أمرين الأمر الأول القرآن الكريم والآخر سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( تركت فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسنتي ) ، أيضًا هذا اللفظ : ( سنَّتي ) كاللفظ السابق في حديث أنس : ( فَمَن رَغِبَ عن سنَّتي فليس مني ) . المقصود بالسنة هنا - أيضًا - الطريقة والمنهج الذي سلكه الرسول - عليه السلام - في بيانه للقرآن كذلك أكد هذا المعنى ألا وهو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يطاع استقلالًا ولو لم يكن ما أمر به منصوصًا في القرآن الكريم قال - عليه الصلاة والسلام - ( لا ألفيَنَّ أحدكم متَّكئًا على أريكته يقول : هذا كتاب الله ؛ فما وجدنا فيه حلالًا حلَّلناه ، وما وجدنا فيه حرامًا حرَّمناه ، ألا إني أُوتِيتُ القرآن ومثله معه ) ، وفي حديث آخر : ( ألا إنما حرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله ) ، فهذا الحديث والذي قبله يبيِّن لنا ذلك المعنى الجميل الدقيق الذي لفت ابن القيم - رحمه الله - النظر إليه حين قال : إنما أعاد الله - عز وجل - العطف بالإطاعة على إطاعته فقال : (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )) أي أطيعوا الرسول سواء كان ما أمركم به مذكورًا في القرآن أو غير مذكور في القرآن ، والنصوص في هذا الصدد كثيرة وكثيرًا جدًّا .

مواضيع متعلقة