ما رأيك فيمن يقول : بأنه لا مانع من ترك الأطفال يمارسون الرقص والأغاني وغيرها من المخالفات حتى يبلغوا الحلم؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيك فيمن يقول : بأنه لا مانع من ترك الأطفال يمارسون الرقص والأغاني وغيرها من المخالفات حتى يبلغوا الحلم؟
A-
A=
A+
السائل : ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيِّئات أعمالنا ، مَن يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - . نرحب أخواتي إخواني بالشَّيخ المحدث " محمد ناصر الدين الألباني " في هذا اللقاء وهو الشَّيخ ناصر غني عن التعريف علم من أعلام السلفية ويسرنا إن شاء الله في هذا اللقاء أن يجيب الشَّيخ عن أسئلة الأخوات لو سمحتم منذ قليل مكتوبة .

الطالب : ... .

السائل : ... لا لا الأول ، لا على الشمال ، تفضل .

وقبل أن نتفحص هذه الأسئلة ونقوم باختيار المهم منها فإنا نتوجه بسؤال للشَّيخ حول بعض أمور التربية ، تربية الأولاد في الإسلام ومن المعلوم أن هناك أكثر من رأي في هذا الموضوع ، بعض الآراء تقول بأنه لا مانع من تعليم أو ترك الأطفال في البيوت يمارسون أنواع غريبة يتلقونها من خارج البيت الإسلامي مثل الرقص اللي يتلقونه في المدارس والاستماع إلى الأغاني وغيرها حتى يبلغوا الحلم فعند ذلك نبلغهم ونعلمهم بعض آداب الإسلام أو الإسلام متكامل ويستشهد هذا الرأي بفعل عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تلعب بالدمى والدمى محرمة طبعًا على الكبار ولكن بالنسبة للصغار تحل عليهم أما الرأي الآخر فيقول يجب تعويد الطفل منذ صغره أن لا يستمع إلى أي أغنية وأن لا يمارس في المدرسة أو الروضة أو الحضانة أي نوع من أنواع الأغاني أو الرقص حتى إذا كبر كان هذا متمرد في نفسه ويستشهد هذا الرأي بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما " أخرج تمرةً من فم الحسن تمر صدقة " أو الحسين لا أذكر أحدهما ، هو قول يجب أن لا ندع الطفل يتعوَّد على المحرمات منذ صغره ، فأيُّ الرأيين هو الارجح بعد التفصيل في هذا الموضوع جزاك الله خير ؟

الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :

فإن أغرب ما استغربته في هذه الآونة التي حللت بداركم أنني سمعت فيها ما لم أسمع في ديار أخرى مما الانحراف فيها أبلغ وأشد وأكثر من الانحراف الواقع في بعض هذه البلاد ذلك أنني فهمت من كلمة المفتتح لهذه الجلسة أن هناك جماعة من المسلمين أن هناك جماعة من المسلمين يرون أنه لا بأس من تربية الطفل على العادات الأوروبية الكافرة الفاجرة وأن بدء الإصلاح إنما يبدأ بعد أن يبلغ الولد سن الرشد ومن عجب أن بعضهم يحتج بلعب السيدة عائشة رضي الله عنها ببناتها التي كانت اتخذتها من الخرق ومن القطن والعهن علمًا بأن هذه الصور ليست هي من الصور التي حرمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحريمًا عامًا فالاستدلال بلعب السيدة عائشة لا يجوز أن يستدل بها على استحلال محرمات أخرى تتعاطاها بعض البنات الصغرى بحجة أن السيدة عائشة رضي الله عنها كان عندها شيء من المحرم وذلك لصغر سنها ، هذا قلب للحقيقة من جهة وقلب لأصل من أصول التربية الإسلامية من جهة أخرى ، تلك التي قعدها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأسسها بقوله : ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع ) ، فهذا الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه تأسيس لقاعدة تربوية للأطفال الصغار الذين لم يبلغوا بعد سنَّ التكليف ، ذلك أن من المعلوم إسلاميًّا أن القلم مرفوع عن الصبي حتى يبلغ كما جاء في الحديث الصحيح ومع ذلك فنجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمر في الحديث السابق ولي الصبي ذكرًا كان أو أنثى أن يأمره أمرًا جليًا بالصلاة والمحافظة عليها قال : ( مروا أولادكم بالصلاة ، وهم أبناء سبع ) ؛ مع كون هذه الصلاة ليست فريضة على ذلك الصبي ابن السبع وإنما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليَّه بأن يأمره بذلك لسبب واضح ؛ وهو أن ينشأ على التعرُّف على الصلاة عملًا وليس فقط قولًا ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر في الحديث بهذا بأن يضرب الصبي على تركه الصلاة إذا ما بلغ السن العاشرة ؛ ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ) ، هذه تربية أخرى تترقَّى في الشدة على الطريقة الأولى من الأمر بالصلاة فقط ، فعناية الرسول - عليه السلام - بالأطفال بلغ إلى أن يأمر وليه أن يأمر صبيه بالصلاة وهو ابن سبع فإذا لم يعتد ولم يتمرن على الصلاة في ... كونه ابن سبع حتى استمر إلى سن العاشرة حين ذاك يجب على ولي الأمر أن يتخذ معه أسلوبًا آخر وهو أن يضربه ولكن ضربًا غير مبرح ثم ذكر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أسلوبًا في مسألة أخرى فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( وفرِّقوا بينهم في المضاجع ) إذا بلغ الصبي والصبية وهما شقيقان أو أخوان يأمر الرسول - عليه السلام - بالفرق بينهما إذا ما بلغا هذه السن سن العاشرة وما ذلك إلا لأن الغريزة الجنسية تتحرك في هذه السن عادة في الذكر والأنثى ولكي لا يستغل الشيطان الرجيم هذا التحرك في الصبي والصبية أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتفريق بينهما وذلك بأن ينام كل منهما على فراش منفرد عن الآخر وأن لا يجمعهما فراش واحد وغطاء واحد وهذا في الواقع مما يلفتنا إلى قضية أخرى هي مما يشكوه الغيورون من المسلمين في هذا الزمان مما ابتلي به الفتيان والفتيات في بعض الجامعات من الاختلاط الذي لا يزال يشكو منه كما قلت الغيورون من المسلمين فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد وضع هذا الأصل في التربية أن أمر بإبعاد أحد الجنسين عن الآخر في حالة الاضطجاع للنوم كي يسد على ذلك طريق الشيطان ، فأولى أن تسد الطرق الأخرى بين الكبار من الفتيان والفتيات كما هو الشأن في كثير من الجامعات مما يقع فيه اختلاط وقد يقترن به شيء من الخلوة ونسمع أنه يجري بعض المخازي الكبيرة في بعض البلاد التي تعيش حياة الاختلاط بين الشابات والشبان .

إذًا هذا الحديث يجب علينا أن نعتبره قاعدة في تمرين الأطفال الصغار على الإسلام مما كان أمرًا واجبًا وحينئذٍ يبطل بطلانًا جليًا قول ذلك الطرف الآخر الذي يستبيح الرقص ويستبيح اللهو الذي أصله حرام في الإسلام بحجة أن هؤلاء قد رفع عنهم القلم وأنهم لا يؤاخذون وفي ظني أنهم يعلمون أن الأطفال الصغار وقت تربيتهم إنما هو هذا الوقت فإذا ما يبس عودهم على الاستقامة استقاموا والعكس بالعكس من أجل ذلك نرى أن الرأي الذي يقول بجواز تربية الأولاد الصغار تلك التربية المخالفة للشريعة بالنسبة للكبار فلا فرق حين ذاك بين الكبار والصغار إلا من حيث الثواب والعقاب في الآخرة أما من حيث التربية فينبغي أن نربي صغارنا كما نربي كبارنا هذا ما لدي جوابًا عن ذاك السؤال .

السائل : جزاك الله خير .

مواضيع متعلقة