بعض الناس يترك مأمورًا ويفعل منهيًّا بحجة أن مصلحة الدعوة تقتضي ذلك ؛ فهل هناك ضوابط لهذه الكلمة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بعض الناس يترك مأمورًا ويفعل منهيًّا بحجة أن مصلحة الدعوة تقتضي ذلك ؛ فهل هناك ضوابط لهذه الكلمة ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، بالنسبة لما يتعلق بسؤال الأخ السابق ، طبيعي أن كثير من الدعاة حينما تتكلَّم معهم في ناحية الأمر بالمعروف أو القيام بالسنن وترك المنهيات أو كذا يذكر لك مصلحة الدعوة ؛ أن هذه مصلحة الدعوة لا تقتضي الآن القيام بهذا الفعل ، أو مصلحة الدعوة تقتضي القيام ببعض المنكرات أو ببعض المنهيَّات إلى آخره ، شيخنا لو تضع ضوابط لهذه الكلمة هي : مصلحة الدعوة ؛ لأن كثير من الناس يعني خاصَّة الدعاة يحتجون بهذه الكلمة في التملُّص من كثير من السنن ، والتملُّص من كثير من تطبيق هذه السنن ؟

الشيخ : هي المشكلة - بارك الله فيكم - أنه صار عرفًا عامًّا مع الأسف في استعمال لفظة الدعاة أوَّلًا ، ثم اعتداد بكلِّ مَن يقول أو يقال : إنه من الدعاة ، المفروض في الداعية أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ، لا يكفي أن يكون عالمًا مقلِّدًا ؛ لأن هذا العالم المقلد لا يستطيع أن يجول في علمه إلا في حدود ما لُقِّنَه من الفقه التقليدي ، كما نذكر في مثل هذه المناسبة كلمة .

-- ابدأ بيمينك ، ما دام أنت احترت ابدأ من هون ، هذا خلاف السنة ، يلا باسم الله ، تفضل --

أشرت إلى كلمة طالما أذكرها وهي التي تُروى عن ابن رشد الأندلسي أنه قال : " مَثَل المقلِّد كمثل بائع الأحذية ، ومَثَل المجتهد كمَثَل الحذَّاء ، يأتي الرجل إلى بائع الأحذية فيطلب قياسًا مُعيَّنًا فلا يجده ، ثم يأتي الحذَّاء فيصنع له نفس القياس الذي يريده " ، وهكذا المقلد إنما يستطيع أن يفتي في حدود ما اطَّلع عليه من فرعيات المسائل ، أما أن يجتهد اجتهادًا مِن عند نفسه ويعطي الحكم المناسب للحادثة التي وقعت لديه فهذا لا يستطيعه المقلد .

فالآن حينما يُقال : بعض الدعاة يقولون كذا وكذا !! هذا القول أوَّلًا : لا يقوله عالم من المجتهدين الذين يُقلَّدون اليوم . وثانيًا : الذين يقولونه أو يقولون هذه الكلمة ليسوا من أهل العلم والاجتهاد ؛ ولذلك فلماذا نحن نهتمُّ بمثل هذه الكلمات التي تصدر من غير أهل العلم ، بل وتصدر من غير أهل العلم التقليدي ؟! لأن الحقيقة اليوم هذه ظاهرة كنَّا من قديم ننكر أشد الإنكار على المشايخ والعلماء الذين يلتزمون مذهبًا معيَّنًا ، واستمرت دعوة التحذير من الجمود على التقليد برهة من الدهر حتى استيقظ الناس فعلًا لأهمية الرجوع إلى الكتاب والسنة والعمل بما فيهما ... مَن كان منهم كبعض المتفقِّهة أو بعض الدكاترة في التعبير المعروف اليوم متفقِّهًا فيما يسمِّيه بالفقه المقارن ، فيأخذ من كل مذهب - وهذا مما يصرِّح به بعض مَن يقال عنهم : إنهم من الدعاة - ؛ يأخذ من كل مذهب ما يناسب الوقت الحاضر ، فقد يأخذ ما هو مخالف للكتاب والسنة ؛ لماذا ؟ لأنه لم يتفقَّه بالكتاب والسنة ، ثم لم يلتزم المذهب الذي درسه وعاش عليه ، وإنما وقع فيما ينكره كلُّ مذهب من هذه المذاهب الأربعة ؛ ألا وهو ما يسمَّى بالتلفيق ، فهو يأخذ من كل مذهب ما يحلو له ، وهذه ظاهرة قوية جدًّا في العصر الحاضر ؛ حيث أن كثيرًا من أولئك المتفقِّهة يفتون بإباحة أمور بناءً على هذا التلفيق ، كمثل استحلال - مثلًا - القليل من الربا ، أو استحلال آلات الطرب أو نحو ذلك ، مع أنَّ هذه الأشياء محرَّمة في المذاهب الأربعة ، لكن وُجِدَ مِن خارج هذه المذاهب مَن قال بإباحة ما سبق التمثيل به آنفًا ؛ فلذلك فأنا أقول الجواب عن هذا السؤال : يا أخي ، هؤلاء ليسوا بعلماء !!

مواضيع متعلقة