ضرب الشيخ لبعض الأمثلة الفقهية والاستدلالية الباطلة ، والتي وقع فيها بعض الكتاب لقلة معرفتهم بالفقه الصحيح للكتاب والسنة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ضرب الشيخ لبعض الأمثلة الفقهية والاستدلالية الباطلة ، والتي وقع فيها بعض الكتاب لقلة معرفتهم بالفقه الصحيح للكتاب والسنة .
A-
A=
A+
الشيخ : أخشى أن أستمر في مثل هذه الاستطرادات كثيرًا فنضيع عن المقصد فأعود لأقول : لا بد أن كثيرًا منكم سمع أو قرأ لبعض الكتاب اليوم : يستدل على جواز سفر المرأة بغير محرم بما جاء في " صحيح البخاري " من حديث عَدي بن حاتم الطائي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( بشَّره بأن الإسلام سيعمُّ الجزيرة العربية ، حتى تخرج الظَعينة مِن العراق وتأتي إلى المدينة لا تخشى شيئًا ) ، أخذ من هذا الحديث جواز خروج المرأة بدون محرم . إذا عرفتم ما ذكرناه آنفًا : أن إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء ما ، لا يعني أن ذلك الشيء هو جائز ، إخباره عن ذلك الشيء لا يعطي حكمًا عنه وإنما مجرد الخبر .

لذلك مثلًا مما يسهل عليكم أن تفقهوا هذا الكلام الذي قلته لكم آنفًا أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا ، بعضها ظاهر فيما قلته آنفًا ، وبعضها يحتاج إلى تذكير ، مِن الأول قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج ) : وهذا من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - ، فإنكم ترون اليوم لا تكاد بعض البلاد أن تخلو مِن الهرج ، مِن القتل بدون سبب ، فهل هذا يعني لما أخبر الرسول - عليه السلام - عن كثرة الهرج أن هذا الهرج جائز ؟! لا أحد يقول هذا . لكننا ننتقل إلى ما هو دقيق : لما جاء في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم في قصة جبريل - عليه الصلاة والسلام - حين جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجل غريب مِن البشر ، القصة معروفة وطويلة ولكن الشاهد منها : أن هذا الرجل الذي تبين فيما بعد من قوله - عليه السلام - : ( أتدرون من السَّائل ؟! ) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( ذاك جبريل جاءكم يعلِّمكم دينكم ) ، فكان مِن أسئلة جبريل - عليه السلام - لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة ، تعلمون أن الجواب كان : ( ما المسؤول عنها بأعلمَ من السَّائل ) ، فكان الجواب عن الأمارات والعلامات قال : ( أنْ تلِدَ الأمَةُ ربَّتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) ، هذا خبر من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهل هذا يعني أنه يستحب التطاول في البنيان ؟! ولا سيما هذا التطاول المشاهد في هذا الزمان !! والذي فيه اعتداء واطِّلاع على عورات النساء ، حتمًا هذا الخبر لا يعطي شرعية التطاول في البنيان .ومن باب أولى أنه لا يعطي ما جاء قبل هذه العلامة ، وهو : ( أن تلدَ الأمَةُ ربَّتها ) وهذا فسروه بتفسيرين أحدهما : ( أن تلدَ الأمَةُ ربَّتَها ) أي : الأمَة هنا بمعنى أمة الله ، يعني : المرأة المسلمة أن تلد البنت : الفتاة ، فتربى هذه الفتاة على الدلال وعلى تربية مخالفة للآداب الإسلامية ، فتصبح هذه الفتاة هي رَبَّة البيت ، ( أن تلدَ الأمَةُ ربَّتَها ) بسبب تجبرها وتكبرها وتسلطها على مَن ولدتها وهي أمها ، هل هذا يعني أن الرسول - عليه السلام - حينما أخبر هذا الخبر وجعله من علامات الساعة أن ذلك أمر جائز أو مشروع ؟!! ليس الأمر كذلك ، فإذا عرفتم هذه الحقيقة : عرفتم أن الاستدلال بخبر الرسول بأن الظعينة تنطلق مِن العراق وتسافر إلى الحجاز لا تخشى على نفسها إلا الذئب ، هذا لا يعني مخالفة الأحاديث التي فيها تشريع صريح في مثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم ) .

مواضيع متعلقة