هل يجوز الأخذ من اللحية من تحت العنق ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز الأخذ من اللحية من تحت العنق ؟
A-
A=
A+
السائل : هل يجوز الأخذ من اللحية من تحت العنق ؟

الشيخ : الذي أراه جواز الأخذ ما ليس من اللحية ممَّا هو في حكم المجاور للحية ؛ ذلك لأن قوله - عليه السلام - : ( وأعفوا اللحى ) مفهومه أن هذا الأمر لا ينسحب إلى ما ليس بلحية وهو الشعر النابت على العنق ، فبدلالة هذا المفهوم أرى أنه لا مانع من أخذ هذا الشعر ، وهذا الذي نفهمه من هذا المفهوم هو الدليل الذي قد لا ينتبه له بعض إخواننا الذين يشتركون معنا في أنه لا يجوز تغيير شيء من خلق الله - تبارك وتعالى - إلا لضرورة وإلا لنصٍّ يستثني ذلك ، فهنا أفهم من قوله - عليه السلام - : ( وأعفوا اللحى ) أن تخصيص اللحية دون الشعر الذي ينبت تحتها على العنق بالإعفاء فيه إشعار بجواز أخذ ذلك الشعر الذي ليس من اللحية .

هذا ما عندي في الجواب عن هذا السؤال ، والله أعلم .

سائل آخر : والأخذ من الشعر ... .

الشيخ : آ ، ح تعملوها أنتم مسمار جحا !

سائل آخر : ... .

الشيخ : هذا مسمار جحا ... .

والشعر النابت على الوجنتين ليس في حكم الشعر النابت على العنق ممَّا ليس من اللحية ، بل الشعر النابت على الوجنتين هو من اللحية كما نصَّ على ذلك في كتب اللغة ، كـ " القاموس " للفيروز آبادي وغيره .

وهذا يذكِّرني - أيضًا - بشيء آخر ، وبه أُنهِي هذه الجلسة ؛ أن بعض الناس يتوهَّمون أن النَّمص المذكور في حديث : ( لَعَنَ الله النَّامصات المتنمصات ) أمرٌ خاصٌّ بنمص الحاجبين ، وبعضهم قد يتوسَّع قليلًا فيقول : ونمص الشعر الذي ينبت على الوجنتين . فأقول : النَّمص لغةً : هو النَّتف تمامًا ، وما دام أن الرسول - عليه السلام - أطلق النمص أوَّلًا فقال : ( لَعَنَ الله النامصات ) فهو بعمومه يشمل نمص المرأة لشعرها في أيِّ مكان من بدنها إلا ما استُثني كما سبقت الإشارة إليه آنفًا ، فاستُثني - مثلًا - نتف الإبط ، فهذا بداهةً لا يدخل في عموم هذا النَّصِّ ، أما أي مكان لم يُستثنَ إما بنصٍّ أو لضرورة كما سبق الكلام آنفًا فهو داخل في عموم هذا الحديث : ( لَعَنَ الله النامصات والمتنمِّصات ) ؛ لأن النمص في اللغة أعم من نمص الحاجب ، وأعم من نمص الوجنة أو الوجه ، كله نَمَصَ نَتَفَ وزنًا ومعنًى ؛ فما دام أن هذا هو اللغة ، وما دام أن الرسول قال : ( لَعَنَ الله النامصات ) فالنمص هنا على عمومه وشموله كما ذكرنا ، هذا أوَّلًا .

وثانيًا : خاتمة الحديث الذي يعلِّل فيه أو فيها الرسول - عليه السلام - هذا الوعيد الشديد للنامصات والمتنمِّصات إلى آخر ما ذُكِرَ في الحديث ؛ التعليل المذكور يؤيد العموم والشمول ؛ لأنه يقول : ( المغيِّرات لخلق الله للحُسْن ) ، فهذه التي تنتف حاجبها ماذا تعني ؟ تغيِّر خلق الله للحُسْن ، هذه التي تنتف وجنَتَيها ماذا تعني ؟ تغيير خلق الله للحُسْن ، تنتف ذقنها - وهي مسألة معروفة بكتب الفقه - ماذا تعني ؟ تعني التجمُّل والتزيُّن ، تغيير خلق الله للحسن ، تلك التي تنتف شعر ساقيها ماذا تعني ؟ تعني - أيضًا - التزيُّن والتجمُّل وتغيير خلق الله ؛ إذًا قوله - عليه السلام - في آخر هذا الحديث : ( المغيِّرات لخلق الله للحُسْن ) يؤكد أن النمص في حديث النامصات هو على عمومه وشموله ما دام أنه للتزيُّن والتجمُّل .

من هنا نقول : يُستثنى من التغيير الذي يُلعن فاعله ما أَذِنَ به الشارع كما سبق ، وما أوجَبَتْه الضرورة ، كالرجل المسنِّ الذي طال حاجبه لا يكاد أنه يسد يرى الطريق أمامه ، فهذه ضرورة ، وهكذا يقال في كل ما يقوم حول النَّمص والتغيير لخلق الله .

وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة