مفهوم المخالفة في حديث : ( من أكل وشرب ناسيًا ؛ فلا قضاء عليه ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مفهوم المخالفة في حديث : ( من أكل وشرب ناسيًا ؛ فلا قضاء عليه ) .
A-
A=
A+
السائل : كيف يُجاب عن دلالة مفهوم المخالفة في قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الدارقطني وهو حديث صحيح : ( من أكل أو شرب ناسيًا ؛ فلا قضاء عليه ولا كفارة ) ؟

الشيخ : ما هو مفهوم المخالفة الذي تعنيه ؟

السائل : أن من أكل أو شرب .

الشيخ : هذا منطوق الحديث ، ماذا تعني من مفهوم ؟

السائل : متعمدًا ، فيكون عليه القضاء والكفارة كما هو ظاهر الحديث .

الشيخ : آ ، هذا المفهوم يعني ؟

السائل : نعم .

سائل آخر : ... .

الشيخ : اصبر - بارك الله فيك - في سؤال هنا .

أولًا : جاء في حديث الذي جامع زوجته في رمضان أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره بالكفارة ، وفي بعض الروايات المتعدِّدة أنه - عليه الصلاة والسلام - أمرَه بقضاء ذلك اليوم ، فيمكن حمل المفهوم الذي أشرتَ إليه في حديث الدارقطني على هذا الذي جاء النَّص ... دليل أو حجة ، لأنه إنما أمر الشارع الحكيم بأداء كلِّ عبادة في وقتها تزكيةً لقلوب عباده المؤمنين ، فمثلًا فيما يتعلق بالصلاة حينما قال - تعالى - : (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا )) ، إذا تعمَّد المسلم ترك الصلاة وإخراجها عن وقتها ثمَّ أراد أن يقضيها كما يعبِّرون في بعض كتب الفقه ؛ فهذا القضاء لا بد له من دليل خاص ، وإلا كان النص القرآني وما في معناه من الأحاديث النبوية لغوًا لا قيمة له ، لأنه سواء عليه صلَّى الصلاة في وقتها أو أنه صلَّاها بعد وقتها ؛ تكون صلاته مقبولة ، وإن كان قد يكون آثمًا فيما لو صلَّاها في غير وقتها ، لكن المهم أنه يكون قد اشترك في صحَّة الصلاة مع الذي حافظ على أدائها في وقتها ، فهناك فرق كبير جدًّا بين من أدَّى الصلاة في وقتها وبين من أدَّاها خارج وقتها ؛ هذا أولًا يكون آثمًا بخلاف الأول ، فيكون مأجورًا ؛ لأنه نفَّذ الأمر الإلهي في المحافظة على أداء الصلاة في وقتها .

ثانيًا : لقد جاء في الحديث الصحيح قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من نسي صلاة أو نام عنها ؛ فليصلِّها حين يذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك ) ، فإذا نام الإنسان عن الصلاة أو نسيَها ، ثم استيقظ لها أو ذكرها ؛ فوقت هذه الصلاة المنسية أو التي نام عنها أن يُباشر أداءها في وقت التذكر ، فإذا قال في نفسه هذه الصلاة خرج وقتها فأنا أصلِّيها بعد أن أفرغ لها ؛ فقد خرج وقتها الثاني الذي مدَّه الشارع الحكيم له بعذر النوم أو النسيان ، فلا يُمكنه أن يقضيه في غير ذلك الوقت الثاني الذي ضيَّعه - أيضًا - عامدًا متعمِّدًا ، إذا عرفنا ذلك يتبيَّن لنا أن توقيت المواقيت ليس بالأمر العبث الذي للإنسان فيه الخيرة أن يُحافظ عليه أو أن يدعه ، فلا يستويان مثلًا أبدًا ، فمن أدَّى العبادة في وقتها الموقَّت فلا شكَّ أن عبادته تكون صحيحة ، وذلك بشرط أن تتوفَّر فيها بقية الشروط والأركان ، أما إذا أخلَّ بها الشرط - وهو شرط الوقت - فيحتاج من يقول بأنه عليه أن يؤدِّي تلك العبادة في وقت آخر ، فهو يحتاج إلى نصٍّ كما هو الشأن في حديث المُجامع زوجته في رمضان ، فقد أمره - عليه الصلاة والسلام - بالكفارة الكبرى ، وزيادة قضاء ذلك اليوم الذي أفطره بالجماع ، وليس عندنا نصٌّ يأمر كلَّ مفطر متعمِّد كالذي جامع أن عليه القضاء ؛ فحينئذ نقول إن مفهوم لفظة ( متعمدًا ) في حديث الدارقطني دلالته محدودة فيما يتعلق بحديث الذي أفطر بالجماع في رمضان ، ومفهوم الباقي فليس له يعني أثر أو اعتداد .

نعم .
  • رحلة الخير - شريط : 14
  • توقيت الفهرسة : 01:04:38
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة