هل يُوصف الله - عز وجل - أنه في جهة أو في مكان ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يُوصف الله - عز وجل - أنه في جهة أو في مكان ؟
A-
A=
A+
السائل : في الرَّدِّ على الجهمية أصرح من هذا الكلام الذي يقوله أخونا في الرسالة في إثبات المكان لله - تعالى - صراحةً ، وهذا غريب بالنسبة لهذا الإمام .

الشيخ : ... .

السائل : " في الرَّدِّ على الجهمية " لـ عثمان بن سعيد .

الشيخ : ... إطلاقًا ؛ لأنُّو لما قلت : الرد على الجهمية ؛ سبق وَهَلي ذهني إلى " الرد على الجهمية " للإمام أحمد ؛ خاصَّة لما أنت أثنيت عليه خيرًا .

سائل آخر : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الدارمي - أخي - معروف في هذا والمبالغة في الإثبات .

سائل آخر : نرجع للموضوع الأصلي أستاذنا .

الشيخ : نرجع للموضوع الأصلي ؟

سائل آخر : بس تعودوا إلى تلخيص حول ذكر ما سبق .

الشيخ : أبو أحمد .

سائل آخر : نعم .

الشيخ : صاحب الدار أدرى بما فيها ، نرجع إلى الموضوع ؟

سائل آخر : ما في مانع يعني .

الشيخ : شايفها ضعيفة طالعة منك ، ما بعرف ليش ؟

سائل آخر : نعم ؟

الشيخ : كلمة : ما في مانع ؛ شايفها ضعيفة .

سائل آخر : ما هي ضعيفة ، بس بقى قصدي ... .

سائل آخر : مين ... ؟ قبل الصلاة مين ؟

سائل آخر : نعم ؟

سائل آخر : مين ما إجا بعد من إخواننا اللي كانوا .

سائل آخر : إي ، توكَّل على الله ... .

الشيخ : أردت أن أقول آنفًا أن موقف المسلم السلفي بالنسبة لآيات الصفات وأحاديث الصفات الإلهية هو الإيمان بحقائقها ومعانيها من جهة حسبما فسَّرها وفهمها السلف الصالح ، والتعبير عن هذه الصفات الإلهية بالعبارات المنقولة والمذكورة في نفس الكتاب والسنة ، فضربت لكم مثلًا آنفًا بأن الله - عز وجل - وَصَفَ نفسه بأنه حكيم حليم ، فلا يجوز أن نعبِّر عن هاتين الصفتين المتضمَّنَتَين في هذين الاسمين الكريمين عليم حكيم بلفظين آخرين ، وإن كنا نعني بهما نفس المعنى الذي تضمَّنَهما الاسمان الكريمان المذكوران آنفًا ؛ فمقابل عليم لا نستطيع أن نقول : عارف مقابل عليم ، أو عريف إذا كنَّا بدنا صفة مبالغة .

كذلك حكيم ما نقدر نقول : إنه عاقل ، ولو قصدنا نفس المعنى الذي جاء في اسم عليم واسم حكيم ، فالإيمان الكامل يقتضينا أن نحرص في هذا المكان وفي هذه القضية بأمرين اثنين : الاحتفاظ والتمسُّك بالمعنى الصحيح لأسماء الله وصفاته من جهة ، والتعبير عن ذلك بالألفاظ التي وَرِثْناها من كتاب ربِّنا ومن حديث نبيِّنا .

على هذا فيما يتعلَّق بموضوع الجهة وموضوع المكان ، ووصف الله - عز وجل - بهما أو تنزيهه - عز وجل - عنهما ؛ فلا يصح لا وصفًا ولا نفيًا لله - عز وجل - بالجهة وبالمكان ؛ فلا يُقال : إن الله في جهة ، ولا يقال : إن الله في مكان ؛ لماذا ؟ لِمَا ذكرناه آنفًا أن الله لم يصف نفسه بأنه في جهة ولا أنه في مكان ، لكن وصف نفسه بالفوقية ، ووصف نفسه بأنه على العرش استوى ؛ فنحن نصفه بما وصف به نفسه مُراعين في ذلك الأمرين السابقين : الحرص على المعنى الصحيح للاسم الإلهي أو الوصف الإلهي ، والتعبير عن هذا المعنى الصحيح بالعبارة التي وَرَدَتْ في الكتاب والسنة ، فلا يجوز أن نفسر العبارة الواردة في الكتاب والسنة بتفسير خلاف ما كان عليه السلف ؛ كما هو المشهور في آية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ حيث يتأوَّلها الخَلَف بمعنى استولى ؛ فهم يحافظون على الأمر الثاني وهو اللفظ والتعبير القرآني ، ولكنهم لا يحافظون على الأمر الأول وهو المعنى الذي كان عليه السلف الصالح - رضي الله عنهم - .

سائل آخر : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .

فالله - تبارك وتعالى - حينما وصف نفسه بـ (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) فنحن نقول : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) هذا تعبيرنا ، ونفسِّر استوى بمعنى استعلى ؛ لأنه هو التفسير اللغوي المعروف أوَّلًا ، ثم هو المنقول عن السلف ثانيًا .

كذلك لفظة أن الله - عز وجل - فوق العالم فوق المخلوقات ؛ أيضًا هذا ورد في القرآن في مثل قوله - تبارك وتعالى - : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ؛ فلا نقول : لله جهة الفوقية ؛ لأن هذه الجهة أوَّلًا لم ترد ، ولا نقول فهمًا منَّا واستلزامًا من آية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) أن الله له مكان ، وأينما كان هو على العرش لا نقول لا هذا ولا هذا .

لا نقول : لله جهة ، ولا نقول : لله مكان ؛ كذلك لا نقول : ليس لله جهة ، ولا نقول : ليس لله مكان ؛ لأن كلًّا من إثبات الجهة والمكان أو نفيهما ؛ كلُّ ذلك لم يرد في الكتاب والسنة هذا أوَّلًا ، وثانيًا : لأن في كلٍّ من إثبات الجهة والمكان ونفيهما معًا محذور ، ونحن يجب أن نبتعد عن أيِّ تعبير يفتح أمامنا مشكلة أو يُودي بنا إلى محذور مخالفة الكتاب والسنة .

إذًا أكرِّر فأقول : نحن لا نقول : لله جهة ، ولا نقول : لله مكان ، ولا العكس : ليس له جهة وليس له مكان لسببين اثنين :

السبب الأول : أن ذلك لم يرد في الكتاب والسنة ؛ لا إثبات الجهة والمكان ولا نفيهما .

والسبب الثاني : لأنه يلزم من إثباتهما أو نفيهما محذور مخالفة الكتاب والسنة .

وبيان هذا الإجمال أن نقول : إذا قيل : لله جهة ؛ قلت آنفًا قبل صلاة العشاء : إن الخَلَف لم يقفوا أمام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتعرَّض لوصف الذات الإلهية بما يليق بعظمته وجلاله ؛ لم يقف هؤلاء المتأخرون أمام تلك النصوص موقف التسليم بمعانيها على حقائقها اللَّائقة بالله - عز وجل - ، وإنما أعملوا فيها معول التأويل ؛ فأولى وأحرى إذا ما جِئْناهم بعبارات وألفاظ من عندنا أن يسلِّطوا عليها ذلك المِعوَل ، فيهدموا منها المعنى الصحيح الذي نحن نريده من تلك الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة ، فإذا هم عطَّلوا الصفات من الأسماء المنصوصة في الكتاب والسنة فأولى وأولى أن يعطِّلوا المعاني لتلك الألفاظ التي نريد نحن أن نعبِّر بها عن تلك المعاني ، هذا من جهة .

من جهة ثانية : إذا قلنا : لله جهة ؛ استغلَّه الخصوم ، وقالوا : ها !! أنتم تشبِّهون الله - عز وجل - بالمخلوقات ، وأنا أعذرهم في هذا ؛ لأن لفظة الجهة مستعملة في المخلوقات من جهة ، ومن جهة أخرى ربُّنا ما وصف به نفسه حتى نقول لهم : قفوا عند النَّصِّ ، فنسلِّحهم بحجة نحن في غنى عن هذا التسليح ؛ بل نريد أن تكون لنا عليهم الحجة . وإذا قلنا : ليس في جهة ؛ انظر الإثبات والنفي ، وأن لكلٍّ منهما محذورًا بيِّنًا ظاهرًا ؛ إذا قلنا : لله جهة ألزمونا بالتشبيه ، ونحن لا نريد أن نسلِّحهم علينا بالباطل ، وإذا قلنا : ليس لله جهة تبادر إلى أذهانهم أننا معهم ؛ لأنهم يقولون : ليس لله جهة ، وهم حينما يقولون هذا ماذا يعنون ؟ نفي المعاني التي تضمَّنتها نصوص الكتاب والسنة كآية الاستواء وآية الفوقية ، وآيات كثيرة منها صعود الأعمال الصالحة إليه ، وعروج الملائكة إليه ونحو ذلك ، فهذه النصوص كلها تثبت صفة الفوقية وصفة علوِّ الله على خلقه ، فإذا هم قالوا : ليس لله جهة ووافقناهم نحن تنزيهًا لله فقلنا : ليس لله جهة ؛ معنى ذلك أننا انصعنا وخضعنا لتأويلهم المستلزم إنكار المعاني الصحيحة للآيات وللأحاديث الثابتة في وصف الله - عز وجل - بتلك الصفات .

كذلك إذا قلنا : إن الله - عز وجل - له مكان أو ليس له مكان ، إذا قلنا : ليس له مكان بقصد التنزيه هم فهموا تمامًا منَّا ما فهموا من قولنا : ليس له جهة ، لأنهم يفهمون من قولنا لو قلنا ولن نقول إلا وهمًا ؛ لو قلنا : إن الله في مكان ؛ نعني بذلك أنه على العرش استوى فقد سلَّحناهم - أيضًا - بأننا نثبت المكان المعهود لدى البشر الذي لا يستطيع بشر أن يعيش إلا في مكان لعجزه وضعفه ؛ فنكون قد سلَّحناهم - أيضًا - بحجة أخرى من كلامنا أننا نقول : الله - عز وجل - في مكان مثل مكان الإنسان الذي يحتاج إليه ، وإذا قلنا : ليس في مكان بقصد التنزيه هم يفهمون من كلمة : ليس في مكان ؛ أي : لم يستوِ على العرش ؛ لذلك لا يجوز نحن أن ننصاع وأن ننخدع في مجادلتنا لهؤلاء الخلف بأن نقول : هم ينكرون المكان لله وأيضًا لا يثبتون لله مكانًا ، ومعنى هذا أننا نقول بأحد الأمرين ، ونحن لا نقول لا بأن لله مكانًا ولا بأنه ليس له مكان ، والسبب أكرِّر لِيُفهَم الموضوع يعود إلى أمرين اثنين : الأول أن هذا الإثبات والنفي أن له مكانًا أو ليس له مكان أن له جهة أو ليس له جهة لم يرد في الكتاب والسنة . والأمر الثاني : لأن الخَلَف سيتأوَّلون كلامَنا بما يخالف عقيدتنا ؛ فلا نفتح علينا هذا الباب ، وإنما نحن نصفه ربنا - عز وجل - بما وصف به نفسه من جهة ، وبنفس التعابير والألفاظ التي تكلم الله بها أو تكلم بها نبيُّه ورسوله ، فنحن نقول : الله فوق خلقه ، لا نقول : له جهة ، نقول : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، لا نقول : هو في مكان .

من جهة أخرى فيما يتعلق بالمكان كحقيقة : المكان مشتقٌّ من الكون ، والكون نعلم جميعًا أن كل ما سوى الله مخلوق ، وهذا الكون إذًا هو غير الله ؛ فهو مخلوق ، فالمكان إذًا هو مخلوق ، فإذا قلنا : إن الله - عز وجل - في مكان معناه أنه في مخلوق ، هذا من جهة . من جهة أخرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في حديث البخاري : ( كان الله ولا شيء معه ) ؛ أي : كان الله ولا كون معه ، أي : كان الله ولا مكان ؛ لأن المكان متى وُجِد ؟ بعد أن خلق الله الكون فوُجِد المكان ، فقبل أن يكون الكون لم يكن مكان ؛ فإذًا كان الله وليس له مكان . فالمكان إذًا شيء وجودي ، فوصفُ الله بأن له مكان يلتقي مع القول بعقيدة وحدة الوجود التي تستلزم أن الله - عز وجل - مخالط لمخلوقاته مخالطة الماء للثلج ومخالطة الزبدة للحليب ، وهذا هو ضد الكتاب والسنة وجميع عقائد الأمة ؛ لذلك كان الذين يقولون بوحدة الوجود كفارًا باتفاق المسلمين .

ومن الغريب أن يغفل عن هذه الحقيقة الطائفتان المتنازعتان ، لكن بنِسَب ؛ فبعض السلفيين لا ينتبهون إلى أن المكان أمر وجودي مخلوق ، فهم لا يتحرَّجون من وصف الله بأن له مكان ، لكنهم ماذا يعنون ؟ بأنه على العرش استوى ، لكنهم يتوهَّمون أنه حينما وصف نفسه بأنه على العرش استوى ، يعني وصف نفسه بأن له مكانًا ، والحقيقة ليس كذلك ؛ كما أن الآخرين - يعني خصوم السلفيين - هم - أيضًا - يتصوَّرون وجود المكان لله - عز وجل - ، لكن يتنبَّهون أن الله أعلى وأعظم وأسمى من أن يكون في مكان ، لكن يلتقون مع الفريق الأول بأن معنى (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) أي : له مكان ؛ إذًا حتى ننفي المكان الذي لا يليق لله - عز وجل - ننفي المعنى الظاهر من الآية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ أي : استعلى ؛ لأن معنى ذلك أننا وصفناه في مكان .

والحقُّ مجانب تمامًا لكلٍّ من الطائفتين ، وأذكر جيِّدًا أنني في بعض مواسم الحج ونحن في منى في مثل هذا الوقت تمامًا كنَّا في مخيم الجامعة الإسلامية ، لما دخل علينا شيخ أزهري ، ومن " الجمعية الشرعية " ؛ يعني الخطابين السبكيِّين = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = فجلس ، وكان حولي هيك حلقة بسيطة كنت أتكلم ، فوصل موضوع البحث إلى مثل هذا الموضوع ، وإذا بالرجل يصرِّح لكن بشيء من الأدب واللطف بأنكم - أنتم يعني الوهابية يعني الجماعة النجدية - أنُّو أنتم تجعلون لله مكانًا ، فدخلت معه في مناقشة لطيفة ، بعدما أفهَمته أن السلفيين لا يعتقدون بأن لله مكانًا ، لكن أنتم تتوهَّمون من اعتقادهم بأن الله فوق المخلوقات وأنه على العرش استوى كما في نصِّ الكتاب والسنة أنتم تتوهَّمون أنهم يعتقدون بأن له مكانًا ، والحقيقة أنُّو ليس الأمر كذلك ، والآن أنا أثبت لك ، فجرى بيني وبينه النقاش التالي :

قلت له : المكان أمرٌ وجودي أم عدمي ؟ قال : لا ، المكان أمر وجودي . قلت له : حسنًا ، سؤال ثاني : المكان كان منذ الأزل أم خُلِق مع الكون بعد أن كان عدمًا ؟ قال : لا ، خُلِق مع الكون .

احفظوا هذا بحث منطقي يؤيد الشرع الذي نحن ندين الله به .

قال : المكان وُجِدَ بعد أن لم يكن . قلنا له : الكون محدود أم لا حدود له ؟ محصور أم لا حصر له ؟ قال : لا ، الكون خلق يعني مخلوق محصور . قلت : جميل ، احفظ هذه النقاط التي نحن متَّفقون معكم فيها . الآن : فوقنا السماء الأولى ؟ قال : نعم . ثم الثانية ثم ثم السابعة ، فماذا فوق السماء السابعة ؟ قال : العرش . قلت : فماذا فوق العرش ؟ قال : الملائكة الكروبيون . قلت : ما الكروبيون ؟ قال : ملائكة فوق العرش . قلت : ما الدليل ؟ فتح لنا بقى بحث جديد ، لكن ما أنسانا البحث السابق ، لكن وقفة من أجل التحقيق ، ومن أجل أن يسمع الحاضِرون هناك وهنا كيف كانوا يتلقَّون العلم في الأزهر الشريف ، قلت له : أين الدليل على وجود ملائكة ، واسمهم الكروبيون ، وفوق العرش ؟ قال : هكذا قرأنا في علم الكلام علم التوحيد في الأزهر الشريف . قلت له : ألستم تقولون أنُّو العقيدة لا تثبت إلا بدليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، وحتى الحديث الصحيح الصريح في الدلالة ما تثبتوا به عقيدة ؛ لأن العقيدة لا تثبت إلا بيقين ؟ قال : نعم . قلت له : أنت رجل عالم فاضل ، وأنا طالب علم ، أنا أطلب منك الدليل على وجود الملائكة الكروبيون على العرش من الكتاب والسنة ، وأنا رجل قنوع أرضى منك بالحديث الآحاد ؛ حديث الآحاد مش ضروري يكون عندي متواتر كما أنتم تشترطون ، أنت تقول : ما أدري ، لكن هكذا قرأنا في علم التوحيد علم العقيدة ؛ فكيف أخذتم هذه العقيدة غير مدعومة بنصِّ قطعي الثبوت وقطعي الدلالة ؟ هذي كانت يعني نقطة أوقفناها على حقيقة الأمر في هؤلاء الملائكة الكروبيين .

قلنا الآن نتابع الحديث السابق : أنا لا أؤمن بشيء فوق العرش إلا شيء واحد وهو الله - تبارك وتعالى - ؛ لأن هذا شيء مقطوع به في الكتاب والسنة ، ولكن أنت لعلك تصرُّ على وجود هناك لأولئك الملائكة الذين لم تستطع أن تثبت ولو دليل ظني الثبوت بوجودهم ، فأنا أمشي معك ؛ أفترض أن فوق العرش ملائكة كروبيون ، هؤلاء الملائكة خلق من خلق الله ؟ قال : نعم . إذًا لا نزال نحن نتكلم في الكون المحدود ، قلنا : فماذا بعد فوق هؤلاء الملائكة الكروبيون ؟ قال : لا شيء . قلت له : لا شيء مكان أم ليس بمكان ؟ قال : ليس بمكان ، لا شيء لا يوصف بأنه مكان . قلت : فكيف تتَّهمون السلفيين الذين يقولون : إن الله فوق العرش ؛ يعني يقولون : إنه ليس في مكان ؛ لأنُّو فوق العرش ما في مكان ، انتهى المكان بانتهاء ماذا ؟ العرش عندنا ، والكروبيون عندهم ؛ فكانت يعني حجة مفحمة مفهمة ، مش ... مفحمة لهم إفحامًا واضحًا جدًّا بأن السلفيين لا يعتقدون لله مكانًا ؛ لأن الله كان ولا مكان له ، وهو كذلك الآن على الرغم أنه في "" كل يوم في شأن "" كيف الآية ؟

(( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )) على الرغم من هذا النَّصِّ في القرآن الكريم لكن الله - عز وجل - ما كان يومًا ما لا قبل الزمان ولا قبل ، لا قبل الخلق ولا بعد الخلق في مكان ؛ لأن الله - عز وجل - أكبر من كل شيء كما هو عقيدة المسلمين جميعًا ؛ إذًا فأنتم تصفون السلفيين بأنهم يقولون : الله في مكان ؛ إلزامًا لهم بسوء فهمكم عنهم ، ها أنا أعتقد أن الله فوق العرش وليس في مكان ، لأن المكان أمر وجودي ، وقد اتفقنا أن بعد العرش ليس هناك وجود ، فالله - عز وجل - إذًا ليس في مكان في الوقت الذي هو فوق العرش ، وفي الوقت الذي هو فوق المخلوقات كلها .

إذا عرفنا هذه الحقائق لم يجُزْ لنا - نحن معشر السلفيين - أن نقول : لله مكان ؛ لأن الحقيقة أن الله ليس له مكان ، يعني مخلوق ، لكن إذا سمَّى أولئك الناس المعطِّلة المؤولة إذا سمَّوا هذه الصفة التي وصف الله بها نفسه ؛ وهو أنه على العرش استوى ، وأنه فوق المخلوقات كلها ، سمَّوه مكانًا ؛ فهذه التسمية أوَّلًا خطأ ، لأن الله ليس في مكان مخلوق ، وثانيًا هو وصف سواء قلنا في مكان كما قلنا آنفًا أنه إثبات للمكان وليس له مكان ، أو نزَّهناه عن المكان فالله لم يوصف في الكتاب ولا في السنة أنه في مكان ، وأنه ليس في مكان ، أما عقيدتنا أن المكان من الكون وهو أمر مخلوق ، والله - عز وجل - ليس في مخلوقه .

سائل آخر : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

فلذلك كنت أتمنى أن يُلفت النظر في تلك الرسالة أن العبارة توهم إثبات المكان لله - عز وجل - ولا مكان له ، وهو الغنيُّ عن المكان وعن الزمان .

هذا الذي أردت بيانه وشرحه .

سائل آخر : الله يجزيك الخير يا شيخ .

الشيخ : وإياك .

مواضيع متعلقة